شهدى عطية يكتب: سناء البيسى الفارسة التى أصبحت صحفية
منيرة ثابت، اعتدال حمودة، نبوية موسى، لبيبة أحمد، فاطمة نعمت راشد، درية شفيق، وغيرهن من رائدات الصحف النسائية في مصر لا يمكن ذكرهن دون أن نذكر سناء البيسي التي حفرت اسمها بأحرف من نور في مجال الصحافة وخاصة الصحافة النسائية، بل إننا لا نبالغ إن قلنا إن سناء البيسي أعادت للصحافة النسائية مجدها الذي كان قد خفت بريقه من زمن، ونعني بذلك تجربتها الثرية مع تأسيس مجلة نصف الدنيا عام 1990. كانت تجربة نصف الدنيا هى محصلة خبرات مشوار طويل بدأته سناء البيسي منذ أن كانت طالبة في قسم الصحافة بكلية الآداب.
الفارسة التي أصبحت صحفية
كانت تتمنى أن تصبح فارسة حيث عشقت ركوب الخيل وكانت مشتركة في الجامعة في فريق الفروسية، وتشارك في سباق اختراق الضاحية، وبدأ ارتباطها بالخيل في القرية ولم يعترض والدها على حبها لأن تكون فارسة وعندما حصلت على مجموع 72% في الثانوية العامة كان عليها أن تكمل مشوار والدها بالالتحاق بحقوق عين شمس وهى نفس الكلية التي تخرج فيها والدها الذي عمل مديرًا للآثار، وكانت أول فتاة في العائلة تلتحق بالجامعة. ولكن حبها للقراءة والكتابة تغلب على ما أراده لها والدها. فعندما سمعت عن إنشاء قسم للصحافة بجامعة القاهرة تركت الحقوق والتحقت فورًا به، وعن تلك الفترة تحكي سناء البيسي قائلة: "لم يكن هناك منهج للقسم فكانوا يستعيرون لنا بعض المناهج من الكليات الأخرى، ويستضيفون بعض العاملين في الصحافة ليحاضروا لنا وكان بينهم مصطفى أمين، وبعد أن أعطانا المحاضرة طلب منا أن نكتب خبرًا عن حضوره إلينا، فكتبت الخبر وأضفت إليه (وضاع كل ما أعطاه لنا من علم وسط دخان سجائره المتتابعة وسحاباته الكثيفة) وبعد أن صحح الأوراق قال: أريد هذه الطالبة وألحقني بأخبار اليوم وبدأ مشوار حياتي العملية".
بدأت سناء البيسي مشوارها في الصحافة في دار أخبار اليوم من عام 1958 إلى عام 1964 ولم تكتف بالكتابة فقط بل مارست هواية الرسم أيضًا وكانت توقع رسوماتها في أخبار اليوم باسم "البيسي"، وأصبحت رئيسًا لقسم المرأة وقدمت صفحة أسبوعية فى أخبار اليوم تحت عنوان «قيل وقال» وكتب مقالًا أسبوعيًا تحت عنوان "غير معقول" إلى جانب صفحة كاملة فى مجلة آخر ساعة بعنوان «النصف الحلو»، ثم تنتقل سناء البيسي إلى الأهرام لتصبح رئيس قسم المرأة ثم مساعد رئيس تحرير الأهرام تحت رئاسة الأستاذ محمد حسنين هيكل وهى التجربة الأكثر ثراء في تاريخها، وبرغم انتقالها إلى الأهرام فإنها لم تنس فضل الأستاذ علي أمين عليها وفي أواخر حياته عام 1976 أراد أن يعيد تجربة مجلة "هي" التي كان قد أصدرها عام 1964 وأغلقت، وكان متمسكًا أن تكون البيسي نائبة رئيس التحرير لهذه المجلة وداهمه المرض ونُقل إلى المستشفى وكانت تذهب إليه سناء كل يوم وتختار الموضوعات وتعد الرسومات والصور وتشترك معه في التبويب وهى تعلم تمامًا أن المجلة لن تصدر ولكنها كانت تسايره إرضاء له، فحالة علي أمين الصحية لم تكن تسمح بذلك وظلت هكذا حتى توفى علي أمين ولم تصدر المجلة.
نصف الدنيا تجربة رائدة في الصحافة النسائية
اتسمت المجلة التي أعادت المجد للصحافة النسائية مرة أخرى بتنوع الموضوعات والحوارات وبجانب الاهتمام بأخبار وشئون المرأة فقد استطاعت سناء البيسي إقناع نجيب محفوظ أن يكتب "أحلام فترة النقاهة" إلى جانب العديد من القصص القصيرة التي اختص بها المجلة، كذلك أقنعت الدكتور يوسف إدريس أن يكتب مذكراته على صفحات المجلة، وكذلك أجرت حوارًا مع الأستاذ محمد حسنين هيكل يعد من أهم الحوارات التي أجراها هيكل، حيث إنه تحدث عن بداياته ونشأته في الصحافة فأصبح الحوار مرجعًا هامًا للباحثين عن تاريخ هيكل. وكتب أيضًا في المجلة العديد من الكتاب الكبار مثل: خيري شلبي وجمال الغيطاني وعبدالرحمن الأبنودي وغيرهم وبذلك أصبحت المجلة التي اتخذت لها شعارًا "نصف الدنيا لكل الدنيا" نافذة للقارئ يطل من خلالها على مختلف العلوم وأقلام الكتاب.