مكتبات المثقفين 10
خيري حسن: أعشق كتب السّير.. لا أفكر في التخلص من مكتبتي وانتظر "البرنسيسة والأفندي" من النقاش (حوار)
تعد المكتبة من أبرز ما تجده في منازل الكتاب والمثقفين، بل تكاد منازل بعضهم قد تحولت إلى مكتبات يعيشون فيها.
حول مكتبات الكُتّاب، وكم فقدوا منها خلال تنقلاتهم وأسفارهم، وهل يعير الكاتب كتبه أو يستعيرها، وغيرها من المحاور، يقدم "الدستور" سلسلة حوارات عن مكتبات المثقفين.
في الحلقة العاشرة من حلقات سلسلة مكتبات المثقفين، يحدثنا الكاتب خيري حسن عن مكتبته وأول كتاب اقتناه، والكتاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، وأهم الكتب في مكتبته وغير ذلك؟
وخيري حسن، صحفي وإعلامي، صدر له العديد من المؤلفات العابرة للنوعية من بينها: أبي كما لم يعرفه أحد، أرواح على الهامش، يا صاحب المدد: سيرة شاعر ومسيرة وطن، نحن هنا، لا شيئ هنا وغيرها الكثير.
متى اشترى خيري حسن أول كتاب؟
لا أذكر بالضبط متى كان ذلك، لكنني أذكر، ولا أنسي مطلقا، أول مرة اشتريت فيها مجلة وصحيفة، وذلك كان بعد المرحلة الإعداية حيث أصبح متاحاَ لى النزول- بدون أبي إلى المركز، وأحيانًا يقال عنه البندر، وهو فى واقع الأمر مدينة صغيرة تضم عدة قرى وهذه المدينة تشبه ما يطلق عليه اسم الحى فى العواصم الكبري، والمدن هذه تتبعها قري والقري يتبعها عزب والعزب يتبعها نجوع وهذا حال الريف المصري كله - والريف هو ريف سواء كان فى الدلتا أو الصعيد.
فأنا من قرية تابعة لشمال الصعيد بمحافظة بنى سويف أول محافظات الصعيد، اسم القرية هو (كفر أبو شهبة) - و(الشهبة) هو اسم فرسة دياب ابن غانم أحد أبطال السيرة الهلالية، والقرية تابعة لمركز ومدينة اهناسيا المدينة وهذه المدينة عاصمة فرعونية قديمة وكانت عاصمة من عواصم مصر الفرعونية أيام الأسرة العاشرة.
إلى هذه المدينة كنا ننزل مع أهالينا ولم يكن من المنطق ولا من العقل - بالنسبة لهم، كأولياء الأمور أن يطلب منا أى طفل شراء كتاب أو مجلة أو صحيفة بالتالى عندما استطاعت النزول للبندر بمفردي كان أول شىء فعلته هو البحث عن بائع الصحف وبالفعل وصلت إليه بعدما تركت أصحابي - أو بمعنى أدق هم الذين تركونى لاهتماماتهم التى لا تتفق مع اهتماماتي - وذهبت واشتريت صحف الأهرام والجمهورية والأخبار ومجلة الهلال التى كانت بالصدفة موجودة.
أما أول كتاب فلا أذكره لكن أذكر أو مكتبة عرفتها وكانت مكتبة المدرسة الابتدائي فى القرية وكانت المكتبة عبارة عن دولاب بضلفتين متخزن بداخله الكتب ولا تفتح اطلاقا لكن عندما انتقلت الى المدرسة الاعدادية - كانت تبعد عن قريتي 3 كم نمشيها سيرا ذهابا وعودة - وجدت فيها مكتبة عظيمة تضم كتب مختلفة ومتنوعة فى الشعر والأدب والعلم والثقافة بشكل عام.
كان أمين المكتبة اسمه مختار، لا أنسي اسمه - عندما بدأ يتعرف علىّ ووجدنى دائم التواجد فيها دائما ترك لى مفتاح المكتبة اعتبرني أعمل معه فيها وهذا أشعرني - وأنا صغير - بأهميتي التى أرضت غروري، وبدأت أتعامل مع الطلبة وكأنى صاحب المكتبة حيث أقوم بترتيبها وتنظيمها ومنح الطلبة الكتب واستردادها منهم وهكذا. واستمر حبي للكتب والمكتبات حتى اليوم.
ما أهم الكتب في مكتبتك؟
أهم الكتب فى مكتبتى هى كتب السير الذاتية العربية والأجنبية المترجمة. وهذه الكتب أبحث عنها فى كل مكان لاقتنائها - خاصة من سور الأزبكية - فأنا أعشق السير لأنها عبارة عن حكايات والتاريخ ما هو الا حكايات والجبرتى يقول فى مقدمة كتابه تراجم الأخبار - فيما معناه - إن قراءة التاريخ تجعلك تتعلم وتعرف الحاضر والمستقبل وكذلك كتب نجيب محفوظ ويوسف إدريس وصلاح عيسي ومحمود عوض ومحمد حسنين هيكل هى كتب لا استغني عنها وأقرأ فيها أو أعيد قراءاتها - باستمرار بجانب أي قراءات أخري. ولا أزهق من تكرار شراء مثل هذه الكتب، كلما وجدتها أمامي.
هل فكرت أن تستغني عن مكتبتك أو كتبت وصية بشأنها؟
لا أفكر مطلقا فى التخلص من مكتبتي، فهذا جنون، لكننى أعرف - أو اتوقع - إذا رحلت عن الدنيا أن تتخلص زوجتى من المكتبة فى أسرع وقت ممكن بالنسبة لها لأنها - شأن زوجات كثيرات - منهن زوجة المفكر الراحل أحمد أمين - لا تحب الكتب ولا تحب المكتبة فى البيت وتعتبرها حمولة زائدة ويجب - فى أقرب وقت - التخلص منها.. وهذا الخلاص لن يكون إلا بعد موتي بطبيعة الحال. لكن غير هذا ستظل المكتبة فى بيتى ولا أفرط فيها. إن البيوت التى تخلو من المكتبات هى بيوت خالية من العقل كما يصف الجبرتى أو كما فهمت أنا من كلامه.
هل تشتري كتب ولا تقرأها لظروف ضيق الوقت أو غيرها؟
بالطبع أشتري كتب ولا أقرأها ولا أستطيع مقاومة شراء الكتب خاصة رخصية الثمن - وأفتش عنها فى كل مكان. وأذهب إليها فى كل مكان وأحياناَ وأنا أسير فى الشارع يصادف أن أجد بائع روبوبيكيا فاستوقفه وأبدأ التفتيش فى عربته المحمولة باليد وأحيانا أجد فيها كتب فأشتريها.
ما الكتاب الذي تمنيت اقتناءه ولم تعثر عليه؟
الكتاب الذى أبحث عنه هو كتاب البرنسيسة والأفندي للراحل صلاح عيسي، وكثيرا ما وعدتني زوجته الأستاذة الكبيرة أمينة النقاش إهدائي نسخة منه عندما تتوفر لديها، لكن للأسف هذا الوعد وهذا الاتفاق لم ينفذ بعد وأنا من خلال هذا المنبر أقول لزوجة الراحل الكبير مازلت أنتظر الكتاب.
هل تعير كتبك لأحد وهل تستعيدها أم لا ترد إليك والعكس؟
أحيانا أعير كتب للأصدقاء لكن هناك كتب لا أعيرها لأحد؛ لأنها ستذهب وأنا أعرف أن الذى يذهب لا يعود خاصة فى الكتب.
أخيرًا.. هل تحدد ميزانية لتزويد مكتبتك موسميًا في مناسبات كمعرض الكتاب؟
لا أضع ميزانية لشراء الكتب، لكن دائماَ ما أدّخر مبلغًا لشراء ما احتاجه من هذا الزاد والمعين الثقافي لكل كاتب ومثقف.