مهرجان أسوان يناقش دور الدراما فى التصدى لزواج الأطفال والختان والعنف ضد المرأة
نظم منتدى نوت لقضايا المرأة، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ورشة عمل حول مكافحة الاتجار بالنساء، اليوم الإثنين، ضمن فعاليات مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة.
وقدمت الدكتورة عزة كامل، مؤسسة ومديرة منتدى نوت، ورشة العمل، مؤكدة على أهمية مكافحة الاتجار بالنساء ومنع العنف ضد المرأة، وقدمت مسئولة الجندر وحقوق الإنسان بالاتحاد الأوربي، إيلاريا بيتا، التي قالت إن العنف ضد المرأة موجود بالفعل، وهذا ما تحاول منظمات المجتمع المدني والناشطات النسويات مناهضته، كما أن السينما يمكنها أن تسهم في منع الاتجار بالنساء، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يشارك بشكل فاعل في هذه الفعاليات، سعيًا لحماية المرأة.
وأضافت بيتا: هذا المشروع بدأ العام الماضي بحضور عزة كامل مؤسس منتدى نوت، ونتحدث اليوم عن سمات التغيير، وأول مكون سنتحدث عنه مناهضة الاتجار بالنساء والزواج المبكر وغيرها من الأفكار الشاذة التي تنتشر في المجتمع، أما المكون الثاني فهو التغيير على المدى البعيد، ودعم حركة التنمية وعمل المرأة حتى تحظى بالاستقلالية، وهذا ما ندعمه بشكل كامل.
وتابعت: "نحن سعداء بتواجدنا في منتدى نوت مع كل الناشطات من أبناء أسوان والقادمين من القاهرة وأسيوط، للعمل على ضمان مستقبل مشرق للمرأة في مصر والعالم".
وتساءلت عزة كامل عن مفهوم الاتجار في المرأة لدى الدولة، لافتة إلى أن الاتجار بالبشر جريمة عالمية وهناك بروتوكول لمكافحة هذه الظاهرة، وأن الدولة سنت قانونًا لمكافحة الاتجار بالبشر، يماثل القانون الدولي في هذا الصدد.
وذكرت نص القانون رقم 64 لسنة 2010 الذي قدم تعريفًا لمرتكبي هذه الجريمة، حيث يعد مرتكبًا لجريمة الاتجار بالبشر كل من استخدم شخصًا آخر بالعرض أو البيع بأي مظاهر السيطرة.
الاتجار في النساء
وبخصوص الاتجار في النساء أشارت لمظاهر كثيرة مثل "زواج الصفقة أو المسيار أو زواج المسن"، وأشارت إلى أن هذا ليس نتيجة للعادات والتقاليد فقط، ولكن لحالة الفقر الموجودة في مجتمعات شتى، حيث تضطر الفتيات من 14 إلى 18 سنة للزواج من ميسورين عرب، يدفعون مبلغًا، ويكتبون عقدًا عرفيًا، لمدة أسبوع أو شهر، وفي هذه الصفقة عادة ما يكون هناك سمسار أو سمسارة، وإذا أسفر هذا الزواج عن طفل، ولأنه توجد أوراق رسمية يحدث اختلاط الأنساب لكتابة الابن باسم العم أو الخال أو أي شخص من العائلة.
وقالت إن من تخوض هذه التجربة أحيانًا تذهب فتفاجأ بأن زوجها الذي كتب عليها عن بعد قعيد، أو تذهب لخدمة كل العائلة وتتعرض لكل أنواع العنف الجسدي والنفسي والجنسي، وأضافت أنه رغم وجود محاولات لمقاومة هذه الظاهرة إلا أننا نحتاج للكثير من القوانين الحاسمة للقضاء عليها تمامًا.
ودعت كامل لمناهضة هذا النوع من الاتجار بالمرأة عن طريق السينما، قائلة: على المخرجين والفنانين وكتاب السيناريو أن يعرفوا ما الذي يوجد هناك، فالفنان لديه حرية التخيل والإبداع، والدراما بدأت تهتم ببعض القضايا مثل الوصاية أو العنف الأسري أو الميراث، لكننا نحتاج إلى مزيد من هذه الأعمال والرؤى الفنية.
ورحبت صافيناز محمد رئيس مؤسسة نساء الجنوب في أسوان، بالمرأة السودانية التي حضرت هذه الندوة، وهن من المهاجرات النازحات بسبب الحرب في بلادهن، ولفتت النظر إلى ظاهرة خطيرة من العنف ضد الصغيرات يتمثل فيما يسمى (زواج السنة) ورغم أنه شرعي إلا أنه غير موثق، وذكرت أن بعض الجمعيات توجهت لقرى أسوان وجعلوه زواجًا رسميًا، حتى نجد حلًا للأولاد، خصوصًا حين تتزوج سيدة زواج السنة ثم يتركها الزوج ويهرب، فلا يجد الأبناء فرصة في التعليم أو التأمين الصحي أو أي خدمات تقدمها الدولة للمواطن، وقالت إن هناك 40 طفلًا ليسوا موجودين في الأوراق الرسمية وبالتالي تضيع حقوقهم، فضلًا عن كونهم يمكن أن يمثلوا خطرًا على المجتمع.
وقدمت صفاء فضل الله، عضو البرلمان السوداني التي نزحت إلى أسوان، الشكر للاتحاد الأوروبي على الدعم المادي والنفسي للمرأة السودانية في هذه المنحة، وأوضحت أن هناك حالات كثيرة للاتجار لكن لا نستطيع تسميته بالاتجار بشكل مباشر، لافتة إلى أنواع من الزواج تدخل ضمن هذا الإطار مثل زواج الطفلات بسبب الحروب، وقالت إن المرأة تصبح سلعة بمسميات مختلفة، وأن الأمر يحتاج إلى توعية، تتضافر فيها كل ظروف المجتمع والأسرة والدولة.
وأشارت عزة كامل إلى أنه لا يوجد قانون لعدم زواج الطفلة، رغم أن هناك مشروعات قوانين ولكنها لا تخرج للنور.
وأشارت المنتجة والكاتبة الفلسطينية ليالي بدر إلى عملها مع الدكتورة مشيرة خطاب في السابق واكتشافها أن هذا الزواج من الطفلات ليس ممنوعًا ولكن الممنوع هو توثيقه، وتحدث البعض عن أن هناك قانونًا كان مقدمًا لمجلس الشعب بهذا الصدد لتجريم زواج الأطفال.
وتحدثت هبة عادل رئيس مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة عن الفارق بين تحديد السن للزواج وتحديد سن الطفولة بعد 18 سنة، وذكرت أننا حين نترك العادات الاجتماعية تتأصل تصبح ظواهر أكثر عمقًا، وقالت إنه في بعض الأماكن يزوجون الطفلة مرة واثنتين وثلاثة وتصبح مصدر دخل متجددًا، فيما يسمى بزواج الصفقة، وهناك زيجات تحدث بـ7 أو 8 آلاف جنيه، وبعض البنات في القرى التي تعاني من زواج القاصرات يردن أن يتشبهن بزميلاتهن.
وأشارت إلى مشكلة اختلاط الأنساب لرفض الأزواج من العرب أو غيرهم نسب الأطفال لهم والهرب قبل ذلك، فتتم تسميتهم باسم جدهم أو عمهم، حتى حين يتم توثيق الأطفال من هذا الزواج يتم تمييزهم بأن هذا الاسم ليس حقيقيًا، هناك دفتر مخصوص لهم، لحماية الميراث وغيرها من الأمور، فحين يجد الطفل أنه أخو عمه أو أخو خاله، يكون فريسة للتنمر المجتمعي، وهذه مشكلة كبيرة، وهناك نماذج صارخة مثل وجود أم وابنتها في دار أيتام واحدة.
وقالت: "لو رأينا السينما تعرض هذه النماذج يمكن التغيير، لكن المشكلة أن التحايل على القانون فيه إبداع، هناك زواج السنة وزواج وصل الأمانة، بمبالغ كبيرة ضمانًا للتوثيق، نريد أن نشاهد ذلك في السينما".
التوعية عن طريق الدراما
وتساءل الدكتور خالد عبدالجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما، عن معرفة المجلس القومي للمرأة، عن هذا الأمر، وأشار إلى أن التوعية عن طريق الدراما أو السينما من الممكن أن يحدث، وشدد على أن الدراما يجب أن تلعب دورًا في تغيير النظرة إلى المرأة، موضحًا أن الصورة المجتمعية يشارك فيها الأب والأم والجد وكل الأسرة، وما زالت الدراما والبروموهات التوعوية لا تؤتي ثمارها لأنها لا تدخل في عمق هذه القضايا.
وذكر أنه حين كان مسئولًا عن الرقابة وضع قاعدة أساسية تتمثل في رفض كل مظاهر العنف ضد المرأة، وطالب بالخروج بتوصيات محددة وإصدار قوانين لمناهضة العنف ضد المرأة، مشددًا على طريقة التناول بالشكل السليم حتى لا تأتي بأثر عكسي، وحذر من تحول بعض الأعمال التي تكافح العنف ضد المرأة للترويج لهذا الأمر دون أن تدري بسبب طريقة التناول الخاطئة أو القاصرة، كما أن الأعمال التي تكافح وترفض البلطجة تصبح مروجة لها في بعض الأحيان.
وطالبت الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون، بإصدار قانون لتجريم زواج الطفلات، ومخاطبة الشركة المتحدة لتقدم في أعمالها الدرامية نماذج نسائية ونماذج لمناهضة العنف ضد المرأة للمخرجين وكتاب السيناريو ليعملوا عليها، كما طالبت بمشاركة الأزهر والمؤسسة الدينية في هذا الأمر.