أزمة التسميد الشتوي.. التحول الرقمي في قطاع الزراعة يُورِّط الفلاحين
رغم الوعود الحكومية بتحسين آليات دعم المزارعين عبر الكارت الذكي، إلا أن هذا النظام الجديد تسبب في معاناة جديدة لآلاف الفلاحين، فالتأخير المتكرر في إصدار وتجديد هذه البطاقات الزراعية أدى إلى ضياع موسم التسميد الشتوي على الكثير منهم، في وقت ترتفع فيه أسعار الأسمدة في السوق الحرة.
وفي ظل هذه الأزمة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة، يناشد آلاف المزارعين الحكومة للتدخل العاجل لإنقاذهم من خسائر فادحة، بعدما فاتهم موسم التسميد بسبب تأخر استلام بطاقاتهم الذكية.
وفي السطور التالية نرصد تداعيات هذه الأزمة على الإنتاج الزراعي، كما نستعرض مشاكل توزيع الكروت الذكية على الفلاحين في الوقت المناسب.
ما هو الكارت الذكي؟
أطلقت الحكومة "كارت الفلاح الذكي" كجزء من جهودها للتحول الرقمي والميكنة في القطاع الزراعي، ويُتيح هذا الكارت استبدال البطاقة الورقية للحيازات الزراعية، ويرتبط ببيانات المزارع من خلال رقمه القومي.
ومن أبرز مميزات الكارت الذكي؛ تكوين قاعدة بيانات شاملة للحيازات الزراعية والمحاصيل، تسهيل وصول الدعم الحكومي للمستحقين من الأسمدة والبذور وغيرها، تحديد المساحات الزراعية والإنتاج بدقة في كل محافظة، إمكانية الحصول على قروض ميسرة من خلال الكارت، وبذلك يهدف الكارت الذكي إلى حصر الحيازات الزراعية ووصول الدعم الحكومي بكفاءة وشفافية أكبر.
مزارع: التأخير أضاع عليه موسم التسميد الشتوي
بداية حدثنا، أحمد أبو أحمد، مزارع من محافظة البحيرة، أنه واجه تأخيرًا في تجديد الكارت الخاص به، مما تسبب في ضياع موسم التسميد الشتوي عليه، مشيرًا إلى أنه قدم شكوى رسمية بهذا الشأن في مجلس الوزراء والوزارة والمديرية المختصة، لكن الجميع رفضوا التعامل معه وقالوا إن هذا الأمر ليس من اختصاصهم.
وأضاف "أبو أحمد"، في حديثه مع "الدستور"، أنه توجه للبنك الزراعي، فقيل له إن الكارت يصدر من شركة متعاقدة مع الوزارة، وأنه لا يعلم ما هي المشكلة التي تؤدي لهذا التأخير، موضحًا أن فترة الصرف للموسم الشتوي على الكارت تنتهي في نهاية شهر فبراير، ولم يتمكن من الحصول على مستلزمات الإنتاج الزراعي التي يحتاجها خلال هذه الفترة، مما ضيع عليه موسم التسميد الشتوي.
وأوضح أن البعض قال له إن الكروت المتأخرة ستبدأ في الصرف خلال الفترة المقبلة، لكن المشكلة بالنسبة له قد حدثت بالفعل، مفندًا مزاعم البنوك الزراعية بأن الكارت ممكن تجديده حتى بعد انتهاء صلاحيته، مؤكدًا أنه ذهب شخصيًا إلى الوكيل في الوزارة وطالبهم بالصرف له نقديًا، لكنهم رفضوا ذلك.
وأشار إلى أن سعر الشكارة في السوق الحر وصل إلى 700 جنيه، بينما الدعم الحكومي للشكارة 250 جنيه فقط، مما يشكل عبئًا كبيرًا على المزارع، مؤكدًا أن المشكلة تتركز في التأخير في إصدار الكارت الزراعي.
مدير "التنمية الزراعية": يستمر الصرف حتى مع انتهاء صلاحية الكارت
وعلى النقيض؛ أكد طنطاوي محمد، مدير عام الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية المملوكة للبنك الزراعي المصري فرع كفر الشيخ، أن البنك ليس الجهة المسؤولة عن إصدار الكارت الزراعي للمزارعين، بل يتم إصداره من الجمعيات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة والائتمان الزراعي والإصلاح الزراعي.
وأوضح "محمد"، في حديثه مع "الدستور"، أن المزارع يحصل على خطاب من الجمعية الزراعية، ثم يتوجه للبنك الزراعي لاستخراج الكارت مقابل 100 جنيه، ويستلمه خلال 15 يوم، موضحًا أن كارت الفلاح أصبح اسمه "ميزة"، وهو يُعد آلية لحوكمة توزيع الأسمدة، حيث لا يمكن للمزارع الحصول عليها إلا عبر هذا الكارت الذي بات يشبه عمل فيزا البنوك، الذي يتم توثيق كل عملية صرف عليه إلكترونيًا، ما يمنع التلاعب.
وأشار إلى أن هناك كارت خاص بسائقي الشاحنات الناقلة للأسمدة، يتم مسحه عند النقل لضمان الشفافية والرقابة، التالي فإن هذه الإجراءات ساهمت في القضاء على مشكلات توزيع الأسمدة سابقًا، إلا أن هناك بعض المشكلات البسيطة التي ما زالت تُواجه النظام الجديد، كازدواج إصدار الكارت لنفس المزارع أو عدم تغذية المنظومة ببعض البيانات الخاصة بالمساحات المزروعة، لكن تم معالجة هذه المشكلات من خلال التنسيق مع الجهات المعنية.
وأكد أن مدة صلاحية الكارت 3 سنوات، ويمكن تجديده خلال موسم التوزيع دون انقطاع في الصرف، بتوجيه من المهندس المختص.
مهندس زراعي: في حالة عدم إضافة الرصيد يجب الرجوع للجمعية الزراعية
ورصد لنا المهندس محمد حسن، مهندس زراعي، عدد من المشكلات التي تواجه كارت الفلاح، منها الحصول عليه وعدم الحصول على الرصيد المفترض إضافته إلى حساب صاحب الكارت، وسبب ذلك قد يكون أنه لم يتم حصر محاصيل زراعيه للحائز، أو اختلاف بين البيانات الموجودة على الكارت والبيانات المسجلة على المنظومة، أو تم تعديل الاسم أو الرقم القومي أو المساحة.
وتابع "حسن"، أنه من الأسباب أيضًا صدور كارت آخر لنفس قطعة الأرض لكن لمزارع يعمل بالأرض، بالتالي يُضاف الرصيد له لا لصاحب الأرض، أو تم تجهيز الحصر على الكارت السابق وإضافة الرصيد على الكارت السابق، وفي هذه الحالات يتم التوجه بالاتصال بخدمة العملاء أو مراجعة مستخدم تابلت منظومة كارت الفلاح في الجمعية الزراعية التابع لها.
الإدارة المركزية: تقدر نسبة التسجيل 91.6% من الحيازة الدفترية
وبحسب تصريحات الدكتور أنور عيسى، رئيس الإدارة المركزية لشئون المديريات، في يناير الماضي، تم تسجيل نحو 5.471 مليون حيازة لمساحة 5.767 مليون فدان بفرق 4 آلاف حيازة فقط بسبب الخلاف بين الورثة أو عدم استيفاء الأوراق، كما تقدر نسبة التسجيل 91.6% من الحيازة الدفترية.