انهيار أسرار العرافة على مسرح الدراويش
عيد الفطر المبارك مكافأة من الله عز وجل عن صيام شهر رمضان الكريم، كل عام وحضراتكم بخير. ونحن نودع الشهر الكريم نسترجع بعضًا من ملامح مائدة كانت عامرة بالبرامج المختلفة منها الدينية والثقافية وبرامج المسابقات وأخرى اختصت بالمقابلات والحوارات مع شخصيات ننتظر ظهورها في رمضان.. من أبرز البرامج الدينية ذات الصبغة الاجتماعية والفكر المستنير برنامج "مملكة الدراويش" للإعلامية "قصواء الخلالي" قدمته تحت شعار "قالوا إنهم دراويش، تاهوا ويبحثون عن الطريق، ونسوا أنّ الملك كله لله، وأنها مملكة الدراويش" مقدمة جاذبة لمضمون يصحح مفاهيم ضلت الطريق لفترة من الزمن.. يضعنا "الدراويش" على طريق المعرفة مع علماء الأزهر الشريف كانوا ضيوف "قصواء" على مدار خمس عشرة حلقة بدأت من النصف الثاني من الشهر الكريم.. فكرة البرنامج جاءت في توقيت مهم نحتاج فيه التأكيد على إسلامنا الوسطي بعيدًا عن التطرف والمغالاة في أمور الدين.. لقد اختارت مملكة الدراويش أو بالأحرى المنهج الصوفي مخاطبة المصريين من قنوات فضائية وقنوات ماسبيرو.. تبدو مقاصدها الدعوة إلى العمل والإصلاح والزهد والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله كما فسر علماء ومشايخ الأزهر معنى الدراويش وارتباط المصريين بهذا المصطلح ومحبتهم لهذه الطريقة، فضلًا عن أن هذا العلم يدرس ضمن مناهج تعليم الأزهر الشريف.
قدمت الإعلامية "قصواء" حلقات متميزة وشرحًا مستفيضًا لمفهوم "الدروشة"، كان أغلبنا يتابع الحلقة الواحدة أكثر من مرة لتنوع وثراء الفكر والمفكرين من علماء الدين، أكدوا أن الصوفي العالم متمسك بكتاب الله وسنة رسوله.. لقد وضعتنا "قصواء" في حيرة من أمرها حين تقدم برنامجًا ثقافيًا يهتم بالأدب والشعر والحركة الثقافية في مجتمعنا تقدمه بإتقان واحترافية عالية، وحين تقدم برنامج "توك شو" كانت بارعة في قراءتها للأحداث وأيضًا محاورة جيدة لمختلف القضايا.. أما المفاجأة جاءت مع "مملكة الدرويش" مذيعة مرتبة الفكر تعرف كيف توجه أسئلتها المتنوعة لضيوف أجلاء حققت من خلالهم مضمونًا إعلاميًا يرتقي بالمشاهد.
مثل هذه البرامج يجب ألا تقتصر على الشهر الكريم. نتمنى أن تمتد معنا على مدار الخريطة البرامجية طوال العام، "مملكة الدراويش.. الطريق إلى الله"، كم نفتقد إلى هذه النوعية من البرامج والمضمون والصورة وإبداعها.
كما كان لنا نصيب من برامج المنوعات الجاذبة بدعوة كريمة من الإعلامية المتميزة "منى عبدالوهاب".. يوميًا على المسرح في سهرة رمضانية، كانت مقدمة البرنامج تشبه الأميرة في استقبال ضيوفها.. ثم في جلسة حوارية تكشف لنا عن الجانب الآخر الإنساني لضيفها.. باحترام واحتراف كانت تحاور وبمنطق تجادل.. ذهبت بنا إلى منطقة جديدة من فن الحوار بعيدًا عن الهجوم أو الأسئلة المفلسة.. مسرحها له ديكور متميز.. فقرات برنامجها مبتكرة كما أنهت فصول مسرحية كل ضيف بـ"مورال" يلخص قصة حياته.. "ع المسرح" كان متنوعًا في اختيار الضيوف وحقق نسبة مشاهدة تتوافق مع الجهد الذي بذل في هذا العمل المبهر.
ننتقل إلى برنامج آخر ألا وهو "العرافة" التي أنهت صلاحية بقاء برنامجها لموسم مقبل، وأسدلت الستار على هذه النوعية من البرامج ذات أسلوب قديم عفا عليها الزمن، لم يعد المشاهد يفضل مثل هذه النوعية من الأعمال التي تستدف الحياة الشخصية للضيف، هذه البرامج تطرح سؤالًا يبحث عن إجابة.. ما هي الإضافة التي تسعد المشاهد بمعرفة أن الفنان عمرو دياب ينفق على ابنته "نور" التي تعيش وتعمل بالعاصمة البريطانية لندن؟؟، أو لماذا لا يلتقط صورًا مع ابنته وينشرها على السوشيال ميديا؟؟.. إنها برامج تحاكم الضيف على أخطاء ارتكبها من وجهة نظر "العرافة".. مثل هذه البرامج لا يجب أن تستمر على الشاشة، فالمشاهد يبحث عن المتعة والترفيه لا يبحث عن الفضائح.. المشاهد لا يتلذذ بمعاناة الآخرين. على خطى "العرافة" تبحث "أميرة بدر" عن أسرار خزائن ضيوفها، سواء بالاتفاق معهم على سير الحوار أو تفاجئ الضيوف بما تعتقد أنه أسرار تكتشفها "أميرة" لأول مرة على أن يكون المشاهد طرفًا ثالثًا تتكشف له الأسرار.
الموروث الإنساني يخبرنا بأن السر يظل سرًا بين اثنين فقط أو مجموعة تحافظ على كتمانه ولا يحق لأحد معرفته.. لكن برنامج "أسرار" ما هو إلا مجرد إعادة إنتاج أسئلة عن مواقف أو تصريحات حدثت في السابق اعتبرتها مقدمة البرنامج أنها من الأسرار، آن الأوان أن الضيف يذاع له سر... الجديد مع "أسرار" أن الإعلامية "أميرة بدر" أصبحت أكثر نضجًا إعلاميًا وموهبة تستحق الإشادة بها.. لديها قبول على الشاشة بحاجة إلى تقديم برامج تتناسب وقدراتها الإعلامية التي حققتها مؤخرًا... وللحديث بقيةّ!!