حليف إسرائيل المخلص فى موقف محرج.. هل تغير ألمانيا سياستها بشأن غزة؟
كشفت صحيفة نيويورك تايمز، السبت، أن ألمانيا ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل والدولة التي تصف قيادتها دعم البلاد بأنه سبب وطني للوجود، كوسيلة للتكفير عن المحرقة، أصبحت في وضع محرج على نحو متصاعد مع تزايد الخسائر البشرية في قطاع غزة.
وكان المستشار الألماني، أولاف شولتس، من أوائل القادة الغربيين الذين وصلوا إلى تل أبيب عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وأعلن هناك، وهو يقف إلى جانب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن ألمانيا ليس لديها سوى "مكان واحد- وهو إلى جانب إسرائيل".
كواليس تغير موقف ألمانيا تجاه إسرائيل بسبب غزة
وفي الأسبوع الماضي، ومع استمرار الهجوم الإسرائيلي القاتل على غزة، وقف المستشار الألماني مرة أخرى إلى جانب نتنياهو في تل أبيب، وتحدث بلهجة مختلفة، وتساءل: "بغض النظر عن مدى أهمية الهدف، فهل يمكن أن يبرر مثل هذه التكاليف الباهظة للغاية؟".
وقالت "نيويورك تايمز"، في تقرير لها، إن لهجة برلين المتشددة هي جزئيًا رد فعل على المخاوف بشأن إصرار إسرائيل المستمر على ضرورة دخول رفح، من أجل ملاحقة نشطاء حماس الذين تقول إنهم موجودون في جنوب غزة.
وأضافت: "يتوافق التغيير في الموقف أيضًا مع تطور موقف أهم حليف لألمانيا، الولايات المتحدة، التي أبدت استياءً متزايدًا من تصرفات إسرائيل، بما في ذلك من خلال الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي سمح بتمرير قرار وقف إطلاق النار".
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه مع تزايد الغضب الدولي إزاء حصيلة الشهداء التي تقول السلطات الصحية في غزة إنها تجاوزت 32 ألف شخص، واحتمال المجاعة التي تلوح في الأفق في القطاع، بدأ المسئولون الألمان يتساءلون "عما إذا كان دعم بلادهم قد ذهب إلى أبعد من اللازم".
ولفتت أيضًا إلى أن خبراء السياسة الخارجية بألمانيا يقولون إنه من خلال التزام برلين بدعمها القوي لإسرائيل، قوضت أيضًا قدرتها على انتقاد الحكومات الاستبدادية مثل حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وقال ثورستن بينر، مدير معهد السياسة العامة العالمية في برلين: "ما تغير بالنسبة لألمانيا هو أنه لا يمكن الدفاع عن هذا الدعم غير المشروط لإسرائيل، التمسك بمنطق الدولة الملتزم بالدفاع عن أمن إسرائيل، أعطى انطباعًا خاطئًا بأن ألمانيا قدمت بالفعل تفويضًا مطلقًا لنتنياهو".
في هذا الإطار، لفت التقرير إلى أن التغيير في الموقف الألماني، أصبح ملموسًا في غضون أسابيع، مستعرضًا المواقف الألمانية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.
وأوضح أنه في يناير، بعد أشهر قليلة من بدء حرب غزة، تدخلت ألمانيا دفاعًا عن إسرائيل ضد اتهامات جنوب إفريقيا بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية. واستشهدت بتاريخ ألمانيا لتضع نفسها كنوع من السلطة الأخلاقية عندما يتعلق الأمر بدعم اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية والدفاع عن إسرائيل ضد الانتقادات المتزايدة لتعاملها مع الحرب.
وأشار إلى أنه حتى الشهر الماضي، قاوم المستشار شولتس الإجابة عن الأسئلة في مؤتمر ميونيخ الأمني حول ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الإنساني الدولي.
لكن هذا الأسبوع، قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إنها سترسل وفدًا إلى إسرائيل لأن بلادها، باعتبارها دولة موقعة على اتفاقيات جنيف، "ملزمة بتذكير جميع الأطراف بواجبهم في الالتزام بالقانون الإنساني الدولي".
وخلال زيارتها للمنطقة، وهي السادسة لها منذ الحرب، وصفت بيربوك أيضًا الوضع في غزة بأنه "جحيم" وأصرت على عدم شن هجوم كبير على رفح، حيث لجأ أكثر من مليون شخص إلى المأوى.
وقالت: "لا يمكن للناس أن يختفوا في الهواء".
في السياق، لفت التقرير إلى أن الرأي العام الألماني الذي بدا حتى وقت قريب مؤيدًا بقوة لدعم الحكومة للحملة العسكرية الإسرائيلية قد تغير؛ حيث استطلاعات الرأي التي أجرتها محطات الإذاعة العامة في الأسابيع الأخيرة أظهرت أن ما يقرب من 70% من الألمان الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بأن الأعمال العسكرية الإسرائيلية لم تكن مبررة؛ وقبل بضعة أسابيع فقط، كان الرقم حوالي 50 بالمائة.
وفي الوقت ذاته، استبعد التقرير أن يشير موقف برلين المتشدد بشأن الحرب إلى أي تحول أوسع ضد إسرائيل، مشيرًا إلى بيان وزارة الداخلية هذا الأسبوع الذي جاء فيه "إنها ستدرج أسئلة حول إسرائيل في اختبار المواطنة المحدث، وهو ما يعكس مدى قوة رؤية ألمانيا لدعم إسرائيل كجزء من هويتها".
ووفقًا للتقرير، يقول صناع السياسة: "إنه بخلاف التغيير في اللهجة، فمن غير المرجح أن تفعل برلين الكثير مما لا يعتبر رمزيًا، ما لم تتخذ واشنطن إجراءات أكثر صرامة".
وفي رد مكتوب على سؤال من النائبة سيفيم داجدلين حول ما إذا كانت ألمانيا ستوقف شحنات الأسلحة، قالت الحكومة: إنها ستنظر في ذلك على أساس "كل حالة على حدة".
وقال يورجن هاردت، المتحدث باسم السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي المسيحي من يمين الوسط في البرلمان: "إن أهم قرار يمكن أن تتخذه هو إعادة التمويل إلى وكالة الأمم المتحدة الرئيسية التي تساعد الفلسطينيين، الأونروا".
والآن، يبدو أن ألمانيا بدأت تغير موقفها. وقالت ألمانيا هذا الأسبوع إنها ستمول الوكالة مرة أخرى في المناطق التي تعمل فيها خارج غزة.