قتل حسن الصباح لابنه في الحشاشين.. حكام قتلوا أبنائهم خوفا على السلطة
شهدت أحداث مسلسل الحشاشين، الذي تقدمه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أحداثا مثيرة وصارمة ، توضح مدى تجبر حسن الصباح في الحشاشين، الذي وصل به الحال أن يقتل ابنه، خوفا على منصبه، وعدم حدوث فتنة لمن يؤمن به من مريدين، ولكن حسن الصباح وما فعله في مسلسل الحشاشين ليس الأول في تاريخ العالم العربي والإسلامي الذي يقتل ابنه لهذا السبب، فهناك الكثير من الحكام فعلوا هذه الجريمة، سنوضحهما في السطور القادمة.
الحافظ لدين الله الفاطمي
عندما بدأت الدولة الفاطمية تتفكك، قتل الخليفة الحافظ لدين الله الفاطمي ابنه الوزير، وذلك بسبب فقد الخلفاء والأئمة هيبتهم وسلطتهم مقابل تزايد سطوة الوزراء، وشجع على ذلك موت الخليفة الآمر بأحكام الله، دون أن يخلف ولدا يرثه، ليختل نظام الحكم وقتها، حيث تولى ابن عمه الحافظ لدين الله الإمامة في مخالفة لقواعد الوراثة الفاطمية القاضية بانتقال الحكم وراثيا من الأب إلى الابن، لكنه عين ابنه الحسن وزيرا، وابنه الأصغر حيدرة وليا للعهد، لكي يقوي الحافظ جبهته في مواجهة وزرائه المتصارعين على السلطة، لكن الحسن غضب لتجاوز أبيه إياه بولاية العهد، فتمرد عليه وانحازت له فئة من الجند اسمها "الجيوشية" ضد فئة أخرى انحازت لحيدرة هي "الريجانية". وأنشأ الحسن ميليشيا خاصة به اسمها "صبي الزراد "، أي لابسي الدروع، وخاض معارك ضد أبيه سقط فيها أكثر من خمسة آلاف قتيل، وانتهت المعركة بانتصار الحسن على أبيه ما اضطره إلى تعيينه وليا للعهد.
وقتل الحسن وقتها كلا من عارضه، مما أثار غضب عشرة آلاف من الجند والقادة والأمراء الناقمين عليه عند قصر أبيه، وصمموا على قتل الخليفة وابنه الحسن إذا لم يقتل الخليفة ابنه بنفسه، وعندما تأكد الحافظ من جدية التهديد وتصميمهم عليه، استدرج ابنه إلى القصر واعتقله، ولم يكن الابن يتوقع ذلك لشدة ثقته بنفسه، ثم استدعى طبيبين وأمرهما أن يسقيا ابنه السم فمات فورا، ودخل الأمراء ليتأكدوا من موته، فجرحوا أسفل قدميه، ولِمَ لم ينزف الجرح تأكدوا من وفاته.
الخيزران
"نماذج النساء المتسلطات في التاريخ معروفة، لكن أغربهم كانت" شهرزاد "التي قتلت ابنها الخليفة، وقد يرجع ذلك إلى حبها للسلطة بشكل مرض بسبب أنها خرجت من القاع إلى القمة، حيث كانت فتاة من اليمن اختطفت في حداثة سنها وتلقفتها أيدي تجار النخاسة لتجد نفسها جارية في قصر الخليفة العباسي الثالث المهدي، والتي استطاعت أن توقعه في شباكها ويحبها حبا جم حتى سيطرت عليه، خاصة بعد أن أنجبت له ابني هما موسى وهارون، وحينها حملت اسم" الخيزران "، وهو نبات مستوي القامة ممشوقتا، وذلك لاعتدال وامتشاق قوامها.
وغرست الخيزران حبها في قلب زوجها الخليفة المهدي حتى أقنعته بأن يجعل ولديها موسى الهادي وهارون الرشيد وليين لعهده، واشتركت مع زوجها في الحكم، لكن من خلف الستار كما هو معروف في التاريخ، حتى عرفها المحتاجون وطرقوا بابها، لكن عندما توفي المهدي وتولى موسى الهادي الحكم، صار أصحاب الحوائج يطرقون بابها وهي تبلغ الخليفة برغباتهم، لكنه أصابه الضجر من ذلك وبدأ يحس بالغيرة على مكانته، وأبلغ رجاله سخطه على ما يجري من وقوف الناس بباب أمه وأقسم بنسبه للرسول بأنه سيقتل من يفعل ذلك.
وأرسل الهادي لأمه حينها طعاما فكادت أن تأكل منه لولا أن نبهتها جاريتها، فجاءت بكلب وأطعمته منه فمات فورا، فأرسل لها ابنها" كما ذكر الطبري في كتابه "تاريخ الأمم والملوك" يسألها إن كان قد أعجبها الطعام فأجابت بأنه قد أعجبها فكان رده هو بل لم تأكلي منه ولو أكلتيه لاسترحت منك! متى أفلح خليفة له أم؟
ولم ينته الأمر على هذا، حيث أراد الهادي خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد وتعيين ابنه جعفر مكانه، وكان هارون هو المفضل عند الخيزران، فذكرت الروايات في هذا الجانب، أن الخيزران استغلت وعكة أصابت ابنها الخليفة ودست عليه بعض الجواري وأمرتهن بخنقه، فجلسن على وجهه حتى اختنق ومات وكان في الثالثة والعشرين من عمره، ليأتي عهد ابنها هارون الرشيد، التي امتلكت فيه الخيزران نفوذا كبيرا لكنها ماتت بعد سنتين من توليه العرش.
عبد الله بن المنصور
قبل سقوط الأندلس وتحديدا عام 990، كان الخليفة هشام المؤيد معنيا عن التفكير، وترك نفسه وقراراته لسيطرة وزيره وحاجبه القوي المنصور محمد بن أبي عامر الذي صار سيد الأندلس والمغرب، وفي هذا العام، وقعت حادثة غير متوقعة ولكنها أوضحت بشدة ما اشتهر به المنصور من صرامة وقسوة، حيث تمرد عليه ابنه عبد الله بسبب سخطه من قرب أخيه الآخر عبد الملك إلى أبيه، فكان عبد الله يرى نفسه أحق من أخيه بهذه المكانة عند أبيه، فبدأ عبد الله خطة محكومة يتآمر بها على والده، فغادر من العاصمة قرطبة وذهب لإحدى مدن الثغور التي تواصل مع حاكمها وبعض السياسيين الراغبين في إزاحة المنصور عن الحكم، فاتفق معهم ضد أبيه ليطيحوه من الحكم، مقابل أن يوليهم المناصب العليا في الدولة، إلا أن الخطة فشلت بمعرفة المنصور بهذه المؤامرة، وتخلص من المتآمرين عليه، لكنه لم يجد عبد الله، الذي فر عبد الله إلى مملكة "ليون" المعادية وانحاز إلى ملكها الذي كان يجهز لمعركة ضد الأندلس.
وقتها، أرسل الخليفة المنصور، رسالة شديدة اللهجة إلى ملك "ليون" يحذره فيها من عواقب عدم تسليمه ابنه المارق، كما أرسل رسالة أخرى في فحواها لطف ولين خاطب به الخليفة ابنه عبد الله وأعطاه من خلالها الأمان، ليستجيب الابن ويخرج مع رسول ذاهب معه إلى العاصمة، لكن المنصور أمر رجاله أن يقيدوا عبد الله في الطريق، لينزل عبد الله عن جواده بهدوء واستقبل مصيره بثبات، وقام صاحب الشرطة المرافق للرسل بقتله.
وهناك رواية أخرى عن سبب قتل المنصور ابنه، وهو ما ذكره المؤرخ ابن عذاري، أن سبب جفاء المنصور لابنه إذ يذكر حوارا بين المنصور وبعض المقربين منه يؤكد أنه كان يشك في أن الجارية أم ولده كانت قد جامعت رجلا آخر قبل أن تنتقل إلى ملكيته، وأن عبد الله هو نتاج تلك العلاقة.
اعتلى بنو عباد الحكم في إشبيلية ومحيطها، وزاحموا باقي الملوك مناطق نفوذهم، وكان أقواهم وأكثرهم قسوة ووحشية المعتضد بن عباد، وكان معروفا بأن في قصره بستانا يفخر به هو بستان الجماجم، حيث كان يقطع رؤوس أعدائه ويستخدمها كأصص للزرع.
آنذاك، أرسل المعتضد ابنه الأكبر إسماعيل لمحاربة حاكمي مدينتي قرمونة وبطليوس، وحين عاد إسماعيل من الحرب أغراه بعض رجاله وعبيده بالانتفاض على أبيه وخلعه وتولي الحكم مكانه، وهو الأمر الذي لاقى ميلا في نفسه، فحشد رجاله وأسلحته وتحصن بقلعة تدعى "قلعة الورد"، ولكن واليها المطيع للمعتضد قبض على الابن وأرسله إلى أبيه الذي لم يتردد في قتله وقتل كل رجاله.
مراد الأول
ابتكر السلطان مراد الأول جد السلطان محمد الفاتح، قتل الأبناء والإخوة في العصر العثماني، حيث قامت بعض الجواري بالترويج لأكاذيب بأن ابنه الأمير قرر التحالف مع الأعداء للفوز بالكرسي، الأمر الذي جعل "مراد" يقوم بنصب فخ لابنه ليتم القبض عليه، مصدرا فتوى بإعدامه.
سليمان القانوني
رغم الحب الكبير الذي كنه السلطان سليمان القانوني، لابنه الأمير مصطفى، الذي عرف بأحب الأبناء على قلبه، وجعله وليا للعهد ل "سليمان"، ومحبوبا من الإنكشاريين والفرسان والباشوات وبعض الوزراء، إلا أنه خنقة بعد نجاح السلطانة هرم ”المعروفة عربيا باسم“ وهيام ، في اختلاق روايات اخترقت عقل السلطان بأن نجله يريد الانقلاب عليه، فقتل سليمان ابنه المحبوب مصطفى، بأمر للجلادين بخنقه في خيمته.