سفير إيطاليا بالقاهرة: زيارة "ميلونى" مصر علامة فارقة فى العلاقات
أكد سفير إيطاليا بالقاهرة، ميكيلي كواروني، أن زيارة رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني (القاهرة) الأسبوع الماضي، تشكل علامة فارقة في العلاقات بين مصر وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، وقد أتت بثمار كبيرة، موضحًا أن (روما) لعبت دورًا محوريًا في الضغط من أجل إصدار إعلان مشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ يهدف إلى تعزيز التعاون المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية.
وقال السفير الإيطالي -في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الإثنين- إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة والجديدة بين مصر والاتحاد الأوروبي، والتي وفرت تمويلًا يقدر بـ4. 7 مليار يورو، لها أوجه متعددة تتضمن تعزيز العلاقات السياسية ودعم الاستقرار الاقتصادي في مصر والتجارة والاستثمارات، وتلبية احتياجات الطاقة، وإدارة الهجرة، وتطوير رأس المال البشري.
وأفاد بأن بلاده عززت تعاونها مع مصر أثناء هذه الزيارة، من خلال التوقيع على 17 اتفاقية ثنائية، كخطوة أولى نحو التنفيذ الكامل "خطة ماتي لإفريقيا" التي أطلقتها رئيسة الوزراء ميلوني في القمة الإيطالية الإفريقية، والتي عقدت مؤخرًا في (روما)، مشيرًا إلى اتفاقيات تشمل قطاعات عديدة، بما في ذلك الزراعة المستدامة والدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستثمارات في البنية التحتية في مجال النقل والتعاون في المجال الصناعي والتدريب المهني في مجال الضيافة والسياحة وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم في المجتمع.
وعن التعاون في مجال النقل، قال "إن مصر وقعت مؤخرًا مع إيطاليا على اتفاقية لنقل البضائع بين ميناءي دمياط وتريستا؛ بهدف دعم التبادل التجاري بين البلدين وفتح مجالات استثمارية جديدة في القطاعات الاستراتيجية، مثل المنتجات الغذائية والأدوية والمنسوجات"، موضحًا أن إيطاليا تستهدف من خلال "الخط الملاحي (رورو)" أن تصبح بوابة دخول السلع المصرية إلى السوق الأوروبية التي تحتاج إلى خدمات لوجستية فعالة في التوقيت المناسب.
المركز الإقليمي للسلع
وأضح أن الربط البحري الجديد لمصر سيسمح لها أن تكون المركز الإقليمي للسلع الإيطالية في إفريقيا والشرق الأوسط، متوقعًا أن هذا الربط ستنتج عنه زيادة في التجارة البينية بين (القاهرة) و(روما)، والتي تخطت الآن ستة مليارات يورو، فضلًا عن مساهمتها في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين واستقرار وازدهار منطقة الأورومتوسطي.
وحول التعاون في مجال الهجرة، أكد كواروني أن مصر تلعب دورًا مهمًا كشريك رئيسي في إدارة تدفقات الهجرة؛ بما يتماشى مع الهدفين المزدوجين لروما، وهما (مكافحة الهجرة غير الشرعية) و(تعزيز مسارات الهجرة القانونية)، لافتًا إلى أن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفي مدبولي، شارك في مؤتمر التنمية والهجرة والذي عقد في يوليو العام الماضي، وتعد مصر أحد أصحاب المصلحة الرئيسيين في عملية (روما) التي أسفرت عن هذا المؤتمر.
وأكد أهمية التعاون الفعال بين مصر وإيطاليا، الذي يأتي في إطار الاتحاد الأوروبي؛ بهدف مواجهة تحديات الهجرة من خلال تعزيز الرقابة على الحدود، وإجراء عمليات البحث والإنقاذ، وتعزيز الحوار الثنائي بشأن قضايا الهجرة، مشيرًا إلى أنه تتم حاليًا إقامة مركز توظيف مصري– إيطالي في القاهرة، في إطار برنامج "شراكات المواهب" الذي يموله الاتحاد الأوروبي، والذي سيساعد الشباب المصري على الالتحاق بالتدريب المهني، ثم العثور فيما بعد على عمل في كل من مصر وإيطاليا.
وأشار إلى أن (روما ) تدرك الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر والمخاطر المحتملة التي يفرضها عدم الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك الصراع الدائر في قطاع غزة، ولهذا تقود إيطاليا باعتبارها عضوًا في الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع الشركاء الأوروبيين والإقليميين، القيادة التنفيذية في عملية الاتحاد الأوروبي "أسبيدس" للتصدي للمخاوف الأمنية ودعم الاستقرار والسلام في المنطقة وحماية مسارات التجارة البحرية.
وعن الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، أكد السفير الإيطالي أن بلاده تدعم حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام والأمن الدائمين لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، مشيرًا إلى أن رئيسة الوزراء ميلوني، ووزير الخارجية أنطونيو تاجاني، أكدا استعداد إيطاليا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، للمساهمة في تحقيق هذا الهدف؛ من أجل مستقبل مستدام، من خلال الحوار والدبلوماسية لحل النزاع.
وعن غزة، قال: "إن سفارة إيطاليا بالتعاون مع وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر المصري، تقوم حاليًا بمهمة إنسانية كبيرة، حيث يتم إجلاء أكثر من 140 فلسطينيًا من غزة من الجرحى وعائلاتهم من معبر رفح إلى مستشفى (أمبرتو الأول) الإيطالي بالقاهرة، حيث سيحصلون على الرعاية الأساسية قبل المغادرة إلى إيطاليا"، مشيرًا إلى أن (روما) كانت قامت من قبل ذلك بإجلاء 200 فلسطيني آخرين إلى إيطاليا.
وأضاف "أن روما ساهمت بنقل حوالي مائة طفل فلسطيني إلى إيطاليا، كل منهم برفقة أقاربه خلال الأسابيع الماضية؛ للحصول على رعاية طبية شاملة في مرافق متخصصة في إيطاليا"، مؤكدًا أن هذه الجهود التي تقوم بها إيطاليا تعد أكبر عملية إجلاء طبي للفلسطينيين تقوم بها دولة أوروبية في عملية إنسانية بحتة؛ وذلك بفضل الدعم الذي قدمته وحدة الأزمات التابعة لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في روما.
وأفاد بأن (روما) تشارك بنشاط في جهود تنظيم رحلات جوية إنسانية، وتوفير المواد الطبية، ونشرت سفينة المستشفى الحربية "نافي فولكانو" لدعم النظام الصحي، حيث قدمت الفرق الطبية لما يقرب من مائة مريض، معظمهم من الأطفال والنساء الذين أصيبوا بجروح خطيرة خلال الحرب، مؤكدًا أن بلاده تدرك تمامًا أن الحل المستدام الوحيد للتخفيف من معاناة المدنيين في غزة، هو وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وهي الدعوة التي أكدت عليها "ميلوني" خلال زيارتها الأخيرة إلى القاهرة.
الأزمة الإنسانية في غزة
وأكد أن (روما) ملتزمة بالتعاون مع (القاهرة) للتخفيف من تأثير الأزمة الإنسانية لسكان غزة من بينها، مبادرة "الغذاء من أجل غزة" التي تقودها الخارجية الإيطالية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ بهدف تسهيل إيصال المساعدات الغذائية، وتخفيف معاناة السكان وضمان الأمن الغذائي في قطاع غزة.
وعن مجموعة السبع الصناعية، قال كواروني: إن إيطاليا- التي تترأس مجموعة السبع هذا العام- وضعت أجندة لأولوياتها خاصة الوضع في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، حيث ستعمل مع الدول الأعضاء والشركاء الدوليين لتهيئة الظروف لتحقيق سلام دائم ومستدام على أساس حل الدولتين، والعمل على مواجهة التحديات العالمية الأكثر إلحاحًا، مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والسعي نحو ضخ زخم جديد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن إفريقيا تعد شريكًا مهمًا في الشراكة المتجددة بين مجموعة السبع الصناعية وإفريقيا؛ من أجل تعزيز النمو الأخضر وأمن الطاقة والتنمية المستدامة. ولهذا أطلقت إيطاليا "خطة ماتي" كمنصة للأفكار والمبادرات الرامية إلى إقامة شراكة متبادلة المنفعة مع الدول الإفريقية.