عهد مصرى أوروبى جديد
بعد عشرين سنة وعدة أسابيع على دخول اتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى حيز النفاذ، بدأ عهد مصرى أوروبى جديد، بتوقيع الإعلان السياسى المُشترك، لترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى «الشراكة الشاملة والاستراتيجية»، أمس الأحد، خلال «القمة المصرية الأوروبية»، التى استضافتها القاهرة، وجمعت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورؤساء دول وحكومات قبرص، إيطاليا، اليونان، النمسا، وبلجيكا، التى تسلمت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى فى أول يناير الماضى.
شاركت فى القمة، أيضًا أو طبعًا، أورسولا فون دير لاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبى، التى أعربت عن سعادتها بزيارة القاهرة للاحتفال بترفيع العلاقات بين الاتحاد الأوروبى ومصر، الذى وصفته بأنه إنجاز جديد، وأكدت، فى حسابها على شبكة «إكس»، أن أهمية العلاقات بين الجانبين ستزداد بمرور الوقت، نظرًا لـ«ثقل مصر السياسى والاقتصادى وموقعها الاستراتيجى فى منطقة مضطربة للغاية».
الأهمية، التى يوليها الاتحاد الأوروبى لترفيع وتعزيز علاقاته مع مصر، سبق أن أكدها، أيضًا، أوليفر فارهيلى، مفوض الاتحاد لسياسة الجوار والتوسع، على هامش الاجتماع العاشر لـ«مجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى». كما أشاد «فارهيلى»، كذلك، بالدور المصرى المحورى فى تعزيز الأمن الإقليمى، ومواجهة التحديات المشتركة، وأكد أهمية المضى قدمًا فى تنفيذ المشروعات التى تضمنتها وثيقة أولويات الشراكة الجديدة.
بالتزامن مع الذكرى العشرين لدخول اتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى حيز النفاذ، استضافت العاصمة البلجيكية بروكسل، فى ٢٣ يناير الماضى، الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة، الذى ترأسه سامح شكرى، وزير الخارجية، وجوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، وجرى خلال هذا الاجتماع استعراض التقدم المحرز على صعيد وثيقة أولويات الشراكة الجديدة.
أولويات الشراكة الجديدة، المستمرة حتى سنة ٢٠٢٧، تم اعتمادها فى يونيو ٢٠٢٢، تتوافق مع أجندة الاتحاد لمنطقة البحر المتوسط، ورؤية «مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة»، و... و... وأداتها المالية الرئيسة، هى آلية «الجوار والتنمية والتعاون الدولى الجديدة»، NDICI، التى تستهدف توفير أكبر حصة تمويل خارج الاتحاد، ضمن برنامج طويل الأجل. واستنادًا إلى تلك الآلية، وفى إطار مراجعة الميزانية الأوروبية النصفية، للفترة من ٢٠٢١ إلى ٢٠٢٧ اتفق قادة دول الاتحاد الأوروبى، فى أول فبراير الماضى، خلال قمتهم الاستثنائية، على توجيه مخصصات مالية إضافية لدعم دول الجوار، التى من بينها مصر.
اتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى جرى توقيعها فى يونيو ٢٠٠١، ودخلت حيز التنفيذ فى يناير ٢٠٠٤. غير أن العلاقات بين الطرفين بدأت تأخذ منحنى جديدًا، منذ منتصف ٢٠١٤، مع حرص القيادة السياسية المصرية على تنميتها وتعزيز أطرها فى مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة، ومع مشاركة مصر، بشكل فاعل، فى عملية مراجعة وصياغة آلية «الجوار والتنمية والتعاون الدولى الجديدة». وفى ضوء ترابط المصالح وتقارب الرؤى بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية، جرى استئناف اجتماعات مجلس المشاركة على المستوى الوزارى، بعد سنوات من التوقف، وتحققت شراكة فاعلة بين الجانبين تقوم على الندية والمصالح المشتركة والفهم المتبادل واحترام السيادة الوطنية.
تأسيسًا على ذلك، جرى توقيع الوثيقة الأولى لأولويات الشراكة المصرية الأوروبية، ٢٠١٧-٢٠٢٠، فى يوليو ٢٠١٧، ثم الوثيقة الثانية، وثيقة أولويات الشراكة ٢٠٢١-٢٠٢٧، واستنادًا إلى هاتين الوثيقتين، وإلى التطورات الإيجابية الكبيرة، والعديدة، التى شهدتها العلاقات المصرية الأوروبية، خلال السنوات العشر الماضية، جاءت مبادرة الاتحاد الأوروبى بترفيع مستوى العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التى نتوقع أن تحدث نقلة نوعية فى التعاون والتنسيق بين الجانبين، وفقًا لأولوياتهما المشتركة، وتطلعهما إلى تعاون اقتصادى واستثمارى يعزز من تنافسيتهما على الساحة الدولية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى عقد لقاءات ثنائية، متصلة منفصلة، مع المشاركين فى القمة، تناولت الأوضاع الإقليمية، وسُبل تعزيز العلاقات الثنائية، والمصرية الأوروبية، فى مختلف المجالات، واستعرض خلالها الرئيس الجهود المصرية لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وحذّر من خطورة التلويح، أو التهديد، الإسرائيلى باجتياح مدينة رفح الفلسطينية، وما سيترتب على ذلك من تداعيات إنسانية كارثية، مؤكدًا أهمية تنفيذ حل الدولتين، لضمان استعادة الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.