رسائل يوم الشهيد
جميل جدًا أن يتزامن الاحتفال بيوم الشهيد مع دخول شهر رمضان أعاده الله علينا باليمن والبركات، ٩ مارس هو يوم استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري أثناء وجوده في الخطوط الأمامية للجبهة، استشهاد الفريق رياض حمل للمصريين في عام ١٩٦٩ معني التضحية والإقدام من أجل معني كبير هو الوطن، كرمته الجماهير كما يليق ببطل وخرج الملايين لوداعه وأطلق اسمه علي واحد من أكبر ميادين مصر، جعلت القوات المسلحة يوم استشهاده عيدًا من أعيادها تحتفل فيه بذكراه وبذكري تلاميذه من الشهداء من مختلف الأجيال، والأعمار، والرتب، لم يتوقف رجال الجيش المصري عن دفع ضريبة الدم في معارك متتالية ضد العدو الصهيوني تارة، وضد الإرهاب تارة، وضد أي عدو محتمل لمصر في الماضي، والحاضر، والمستقبل، جيلًا بعد جيل، ومعركة بعد معركة، وما يدفع للقتال ولطلب الشهادة هو عقيدة الفداء لهذا الوطن، والإيمان بأن الجندي صاحب رسالة لا طالب سلطة، ولعل هذه كانت أولى رسائل الرئيس السيسي في الاحتفال بعيد الشهيد، فقد رأي في شخصية الشهيد عبدالمنعم رياض قيمة «الزهد» قبل أن يرى «الشجاعة» ورأى البساطة قبل أن يرى أهمية الدور واستشهد بواقعة رفضه وجود أثاث غالي الثمن في مكتبه ليدلل علي النهج الذي يسير عليه كل من يتصدى لخدمة هذا الوطن معرضًا حياته للخطر ومضحيًا بأغلى ما يملك من أجل معنى اسمه الوطن، من رسائل الرئيس أيضًا أن امتلاك مصر لهذا الجيش القوي والمصنف علي مستوي العالم لم يكن أبدًا مغريًا للقيادة للاستجابة لنداء الغضب في لحظات الأزمات الدولية، وكان الهدف هو الحفاظ علي الاستقرار وعدم إهدار المقدرات في صراعات يمكن حلها بأدوات القوة الأخرى.. واصل الرئيس حديثه الصريح مع المصريين مؤمنًا بأن الخط المستقيم هو أقصر طريق بين نقطتين، فأكد للمصريين أن أموالهم لم تذهب ضحية لفساد مسئول ما، وأنها أنفقت في مشروعات كانت تحتاجها مصر وأن هذه المشروعات ستبقي داخل مصر، وأظن أن هذه الرسالة - من وجهة نظري -هي أهم رسائل الرئيس في يوم الشهيد، ولا يقل عنها أهمية ذلك العتاب المبطن الذي وجهه الرئيس أثناء حديثه عن أزمة الدولار لبعض رجال الأعمال الذي لاشك أن لدي الرئيس معلومات تقول إنهم كانوا سببًا في الأزمة، وقد نصحهم الرئيس نصيحة مقتدر بألا يعطوا ظهورهم لمصر.. وأهم ما في هذه النصيحة هو توقيتها، فقد جاءت بعد أن اجتازت مصر الأزمة بالفعل، ودخلتها استثمارات متنوعة بقيمة ٥٥ مليار دولار وفق تصريح الرئيس، ومازالت تمويلات أخرى في الطريق، هذه التمويلات لا تحل مشكلة مصر الاقتصادية المتراكمة منذ عقود طويلة، لكنها كافية جدا لعبور الأزمة، وتأمين الاحتياجات لوقت طويل، وكفالة مناخ مريح لسياسات جديدة أكثر مرونة تعتزم إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص الذي شكاه الرئيس للشعب بلهجة ودية وأشهد الشعب عليه وفق معلومات اكيدة لم يكن للرئيس أن يتحدث إلا وهي أمامه، من الرسائل التي لا يمكن إغفالها أيضًا إعلان الرئيس رفض مصر لتوطين أهل غزة في سيناء لأن هذا بمثابة خيانة لدماء شهداء قدموا دماءهم للحفاظ علي هذه الأرض، وبهذه الرسالة الواضحة أغلق الرئيس هذا الملف للأبد، يبقى أنني لاحظت أن بعض حسابات الذباب الإلكتروني التقطت تعبيرًا عفويًا للرئيس شكا فيه من تدهور الأحوال حين تسلم السلطة، ولا شك أن هذا صحيح مائة في المائة، فقد مرت مصر منذ عام ٢٠٠٠ بحالة أشبه بالفراغ في السلطة نتيجة كبر سن معظم المسئولين وقتها ودخولهم في أطوار مختلفة من الشيخوخة والرغبة في الانعزال عن الناس، ثم قاد ذلك لأحداث يناير ٢٠١١. ثم سرقة الإخوان للثورة، وظهور العنف في الشارع، والصراع السياسي مع المكون المدني في الثورة والتظاهر الدائم، والإنفاق من الاحتياطي النقدي، ثم عام من الاضطراب الكامل تحت حكم الإخوان.. وبالتالي فالمقصود بـ(البلد) هنا هو حالة مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية والإدارية التي لاشك أنها في تراجع كبير.. البلد هنا هو المؤسسات وليس مصر الوطن والمعنى التاريخي الذي اختار الرئيس أن ينتمي لقواتها المسلحة حتي يشارك في خدمتها وفدائها بالروح إذا لزم الأمر.. لكن قلب المعاني والافتراء والتشويه هو عادة لجان الإرهاب الالكترونية ولن يشتروها.. لهذا نقول لهم دائمًا موتوا بغيظكم.