سننعم بحصاد جهدنا.. قريبًا
هذا ما وعدنا أو تعهّد به الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس السبت، فى كلمته خلال الاحتفال بيوم الشهيد. بالنص قال: «لن يمضى وقت طويل، بإذن الله، حتى ينعم المصريون بحصاد جهدهم واستثمارهم فى مستقبل هذا الوطن»، مؤكدًا أن التاريخ سيحكى، يومًا، كيف كان العبور بمصر وشعبها، من حافة الخطر والفوضى والضياع، إلى بر السلامة والأمان والاستقرار، صعبًا وقاسيًا، وكم كان الثمن المدفوع من دماء أبنائنا، غاليًا وعزيزًا، وكم كان حجم العمل والصبر والجلد وإنكار الذات، كبيرًا فوق التصور.
منذ سنة تقريبًا، تحديدًا فى أول أبريل الماضى، كان الرئيس يتفقد الارتكازات الأمنية فى شرق قناة السويس، حين أكد أن مصر «ستعبر الأزمة الاقتصادية بأمان، كما تمكنت من القضاء على الإرهاب»، وقال لرجال قواتنا المسلحة، ولنا جميعًا: «إياكم أن تعتقدوا أن هذه الأزمة لن تمر.. الإرهاب انتهى بكم، وأصبح تاريخًا، وحتى أزمة الدولار بفضل الله وبفضلكم ستكون تاريخًا، لكن لا بد أن نعرق ونشقى».
بالفعل، بدأنا نعبر الأزمة الاقتصادية بأمان. وكما انتهى الإرهاب، انتهت، أيضًا، أزمة الدولار، وصارت لدينا وفرة دولارية، حققتها صفقة تنمية مدينة «رأس الحكمة»، والصفقات والطروحات، غير المسبوقة، التى تمت خلال الأسابيع أو الشهور القليلة الماضية، إضافة إلى ما سيحققه اتفاقنا مع «صندوق النقد الدولى»، والعديد من الصفقات المرتقبة، والطروحات، التى كانت معلقة على وجود سعر صرف موحد، بعد قرارات البنك المركزى الأخيرة، التى سمحت بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق. ولعلك تتذكر إشارة رئيس الوزراء إلى أن هناك مجموعة مشروعات «من العيار الثقيل»، تقوم الدولة بالتجهيز لطرحها دوليًا، وتأكيده أن صفقة «رأس الحكمة» بداية لعدة صفقات استثمارية تعمل عليها الحكومة حاليًا.
السيولة الدولارية الكبيرة، أو الضخمة، التى توفرت، وتلك التى ستتوفر ستسهم، بالتأكيد، فى استقرار سوق النقد الأجنبية. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك تراجع حصة الدولار فى احتياطيات البنوك المركزية، ووجود توقعات، أو ترجيحات، منطقية، باستمرار هذا التراجع، يدعمها سعى كثير من الدول إلى تسوية تجارتها الخارجية بعملاتها الوطنية، ومساعٍ جادة لإلغاء دولرة النظام المالى العالمى.
مع تحقيق الاستقرار النقدى، ستسهم الصفقات، أو المشروعات، المبرمة والمرتقبة، فى توفير مئات الآلاف من فرص العمل، وتشغيل الشركات المصرية، وإنعاش قطاع الصناعة، بالتكامل مع القطاع الخاص، الذى قامت الدولة بدعمه أو تمكينه، وأطلقت «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، التى من المتوقع، أن تجذب استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها ١٠ مليارات دولار، سنويًا، وأن تسهم فى تعزيز دوران عجلة الاقتصاد وتوفير مساحة مالية كافية، لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، بعد أن ثبت، يقينًا، أن الدولة تمكنت من استعادة ثقة الكيانات الاستثمارية الكبرى فى الاقتصاد المصرى.
طمأننا، أيضًا، أن يتعهّد الرئيس، فى كلمة أمس، بألا تتوانى مصر عن مواصلة العمل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وإدخال المساعدات، وإغاثة المنكوبين من هذه الكارثة الهائلة التى يشهدها العالم منذ شهور. وكذا، تأكيده على أن مصر لن تتوقف عن العمل، مهما كان الثمن، من أجل حصول الشعب الفلسطينى الشقيق على حقوقه المشروعة فى دولته المستقلة. كما طمأننا، كذلك، وأسعدنا، أن ينهى الرئيس كلمته بتوجيه تحية خاصة، إلى أسر شهدائنا، الأب المحتسب والأم المكلومة والزوجة الصابرة والابن والابنة الصامدين، مقدمًا لهم، باسمه واسم الشعب المصرى، كل التحية والتقدير، على تضحياتهم العظيمة، متعهدًا لهم بأن يظلوا أمانة فى أعناقنا، مؤكدًا أن شهداءهم، أبناءنا جميعًا، هم رمز فخرنا ومبعث عزتنا.
.. أخيرًا، وتأسيسًا على ما سبق، نرى أننا سننعم، فعلًا، بحصاد جهدنا قريبًا. وقطعًا، سيتوقف التاريخ طويلًا، كما قال الرئيس، أو توقّع، أمام المعجزة الكبرى التى حققناها، نحن المصريين، خلال السنوات الماضية، بإنقاذنا وطننا العريق من السقوط فى براثن الإرهاب وجماعات الشر والتطرف، وصمودنا فى وجه إعصار التمزق والانهيار والفوضى، الذى ضرب جميع أرجاء الإقليم، الذى نحيا فيه، وقيامنا، فى الوقت ذاته، بتشييد وتعمير بلادنا ووضع أساس اقتصاد وطنى قادر على التصدى للأزمات.