أسر الشهداء: اهتمام الرئيس بنا جعلنا نشعر أنهم ما زالوا أحياء
تحل اليوم ذكرى «يوم الشهيد»، الذى يتوافق مع ذكرى استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، فى يوم التاسع من مارس عام ١٩٦٩، وذلك تخليدًا لذكرى رجال مصر الشرفاء، وتذكيرًا بجهودهم وبحجم تضحياتهم تجاه وطنهم الغالى مصر، مرسلين بذلك أسمى رسالات النُبل والشعور الوطنى.
ومشاركة فى الاحتفال بهذا اليوم، التقت «الدستور» مجموعة من أسر الشهداء الشرفاء، الذين قدموا أرواحهم بكل فخر وقوة لتأدية واجبهم الوطنى.
عائلة المقدم محمد عبدالإله: كان ينتظر الشهادة.. وزملاؤه ثأروا له خلال 24 ساعة
قالت هبة نبيل، زوجة الشهيد المقدم محمد عبدالإله، إن زوجها كان خلوقًا للغاية ومحبوبًا من جميع أفراد عائلته ومن أصدقائه وزملائه فى العمل، وكان يُشهَد له بالسمعة الطيبة، وكان يحب الخير.
وأوضحت «هبة» أن زوجها كان يتمنى الشهادة منذ التحاقه بالقوات المسلحة؛ حتى إنه لم يكن يريد الزواج فى البداية، لأنه متأكد من أنه قد ينال الشهادة فى أى وقت، وأضافت: «تقدم لخطبتى عندما بلغ من العمر ٣٤ عامًا، واستشهد بعد الزواج وأنا حامل فى الشهر الأول».
وأشارت إلى أن الشهيد عندما تقدم لخطبتها أخبرها بأنه يتمنى الاستشهاد، ورغم ذلك لم تخف نهائيًا من الزواج منه أو فقدانها إياه فى يوم من الأيام، لأنها تعرف أن من يحب مصر يفعل ذلك. وذكرت أن المقدم محمد عبدالإله أرسل لها رسالة «واتس آب» قبل خروجه لمداهمة الإرهابيين، وقال فيها: «أنا بحبك وبحب ماما وبحبكم كلكم، خلى بالك من نفسك ومن ماما، لا إله إلا الله محمد رسول الله»، مشيرة إلى أنها فور تلقيها هذه الرسالة شعرت بأن هناك شيئًا ما غير مريح، وحاولت التواصل معه كثيرًا لكنها لم تستطع الوصول إليه، وظلت هكذا حتى الصباح، وحينها تلقت العديد من الاتصالات من قِبل أقاربها يقولون لها إنهم سيأتون إليها ولم تكن تفهم ما الأمر، ثم علمت منهم بعد ذلك باستشهاد زوجها، وأنهم تلقوا هذا الخبر من خلال السوشيال ميديا.
وقالت والدة الشهيد، لـ«الدستور»: «تخرج ابنى فى الكلية الحربية، ثم التحق بسلاح المشاة عام ٢٠٠٩، وبدأ خدمته فى أنشاص، ثم تدرج فى المناصب إلى أن انتقل للخدمة فى سيناء، وسقط شهيدًا وهو يحارب الإرهاب فى المدرسة الصناعية بالقنطرة شرق».
وأشارت الأم إلى أنها رأت نجلها لآخر مرة قبل استشهاده بيوم واحد، وكان ذلك خلال إجازته المعتادة، ثم تواصل معها هاتفيًا قبل استشهاده بساعات ليطمئن عليهم، ووعدها بالزيارة فور مجيئه فى الإجازة المقبلة.
وعن جهود الرئيس عبدالفتاح السيسى والقوات المسلحة فى محاربة الإرهاب، قالت والدة الشهيد المقدم محمد عبدالإله، إن الرئيس السيسى استطاع القصاص لنجلها من الإرهابيين فى اليوم التالى لاستشهاده على الفور، موجهة الشكر للقوات المسلحة على مجهوداتها فيما يخص مكافحة الإرهاب فى مصر: «ربنا يقويهم، جابوا حق ابنى بعد يوم واحد بس من استشهاده.. هما بيقوموا بواجبهم كويس أوى وربنا يعينهم، وأنا بقول لابنى الحمد لله إخواتك جابوا حقك على طول».
كما أعربت والدة الشهيد عن سعادتها بما يبذله الرئيس السيسى من مجهودات وخدمات لأسر الشهداء، مؤكدة أن الرئيس السيسى لا يتأخر عليهم نهائيًا، ودائمًا بجوارهم ومتفاعل حتى مع الأطفال، حيث يقيم لهم احتفاليات مثل الاحتفالات بعيد الفطر المبارك.
والدة الرقيب أسامة فراج: طلب نقله إلى سيناء ليساند شقيقه ضد التكفيريين
أكدت نجاح حسن، والدة الشهيد الرقيب أسامة فراج، أن نجلها كان على خلق وابنًا بارًا بوالديه، ورغم صغر سنه، فإنه كان يتعامل مع أشقائه باعتباره والدًا لهم.
وأضافت أن الشهيد تخرج فى معهد ضباط الصف المعلمين رغبة منه فى تقديم روحه فداءً لوطنه، وتخرج فى سلاح المدفعية عام ٢٠١٥، وأسفر توزيعه عن إلحاقه بوحدة عسكرية فى القاهرة، ولأن أخاه «خالد» يخدم فى كتيبة فى سيناء، وكان يقص عليه تفاصيل المداهمات التى تشنها القوات المسلحة على أوكار الإرهابيين، شَعر برغبة شديدة فى الالتحاق به، لمساندته فى التصدى للتكفيريين، وبالفعل طلب من قائد كتيبته أن ينتقل إلى كتيبة شقيقه فى شمال سيناء.
وتابعت: «حدث اتصال بين أسامة وخالد وأخبره بأنه فى الطريق إليه، لكن خالد قال له هذه مخاطرة كبيرة، فرد عليه أسامة بأنه يتمنى أن يرزقه الله الشهادة».
واستطردت: «التحق أسامة بقوة كمين كرم القواديس فى الشيخ زويد، واستشهد فى ١٥ أكتوبر ٢٠١٧». وقالت: «أبنائى رجال أبطال نشأوا وتربوا على حب الوطن، ورغم استشهاد ابنى أسامة وافقت على التحاق أصغر أبنائى بالقوات المسلحة أيضًا، ولكن لم يحالفه الحظ حتى الآن، ولكن سنعاود التقديم مرة تلو الأخرى».
وأشارت إلى أنها كانت ترتبط بعلاقة قوية مع نجلها الشهيد، لأنه كان دائم الحديث معها عن حالتها النفسية والصحية، وأنه فى يوم استشهاده شعرت بألم شديد فى قلبها، موضحة أن نجلها الأكبر خالد كان فى إجازة ويجهز نفسه للعودة لكتيبته، وبعد مغادرته المنزل بوقت قصير هاتفها نجلها أسامة ليسأل عن شقيقه، وطلب منها إبلاغه بأنه يرغب فى رؤيته فور عودته إلى الكتيبة، لكن فور وصول خالد الكتيبة أخبره زملاؤه بنبأ استشهاد أسامة.
وعن جهود القوات المسلحة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فيما يخص مكافحة الإرهاب، قالت: إنها تشكر الجميع على مجهوداتهم، مؤكدة أن الرئيس السيسى وقواتنا المسلحة يقدمون كل ما فى وسعهم لتوفير الأمن والأمان لأبناء الوطن.
والد النقيب محمود النجدى: «استشهد وهو صائم.. وكان نفسنا نخطب له»
ذكر أحمد النجدى، والد النقيب الشهيد محمود أحمد النجدى، أن نجله منذ المرحلة الابتدائية حتى تخرجه فى الكلية الحربية كان يتميز بالتفوق والذكاء وسرعة البديهة، كما أنه كان لديه دائمًا الطموح والعزيمة والإرادة، علاوة على حب القيادة منذ صغره، والأخلاق العالية وبرّه بوالديه.
وأضاف «النجدى»: «كان محمود يمتاز بصفات لا تتوافر كثيرًا فى البشر، وجريئًا لا يخاف أحدًا، ومؤمنًا بالله ويتمنى دائمًا الشهادة إلى أن كُتبت له، فى ١٥ أغسطس ٢٠١٣، وهو فى عمر ٢٣ سنة»، معقبًا: «كنا ناويين نخطب له لكن محصلش نصيب».
وأفاد الوالد بأن نجله من المطرية محافظة الدقهلية، وكان فى سلاح «المدرعات»، وعندما تخرج فى الكلية الحربية خدم بمحافظة الإسماعيلية، ثم انتقل إلى شمال سيناء.
وكشف عن أن آخر زيارة للشهيد كانت فى «الأيام البيض» التى تلحق بعيد الفطر المبارك، وعندما كان يودعه هو وأسرته قالوا له: «خلى بالك من نفسك يا محمود»، فرد عليهم «إنتوا اللى خلوا بالكم من نفسكم.. لكن أنا بخير».
وأكد أن «النقيب محمود» كان صائمًا يوم استشهاده، مشيرًا إلى أن سيارة دفع رباعى بها مجموعة من التكفيريين هاجمته ومجموعة من زملائه بأسلحة نارية، حيث حدثت مواجهة بينهم، فى كمين «الصفا» بشمال سيناء، ليستشهد بـ٣٦ طلقة بين الصدر والرقبة.
وواصل: «علمنا بخبر استشهاده بعدما شاهدنا جيراننا حول منزلنا، ما أثار قلقنا، خاصة أننا كنا قرأنا قبلها بقليل على شريط الأخبار بالتليفزيون خبر استشهاد ضابط وبعض الجنود فى سيناء، لكننا لم نكن نتوقع أنه ابننا».
وأكمل: «بعدها بفترة وجيزة تلقينا مكالمة هاتفية، أخبرنا فيها أحد أقاربنا بأن نجلنا مصاب، فذهبت إلى قسم الشرطة وتساءلت إذا استقبلوا خبرًا حول استشهاده أم لا، وهناك علمت بنيله الشهادة بالفعل، ثم علمت بعد ذلك بتلقى جيراننا الخبر قبلنا من خلال السوشيال ميديا».
وتابع: «أقيمت جنازة لابنى لم أر فى حياتى مثلها، وبادر الجيران بإطلاق الزغاريد من منازلهم، ابتهاجًا بنيله الشهادة فى سبيل الله»، مشيرًا إلى إطلاق اسمه على إحدى مدارس المحافظة فيما بعد.
وأشاد بجهود الرئيس عبدالفتاح السيسى والقوات المسلحة فى مكافحة الإرهاب، قائلًا: «مهما تحدثت لن أوفى الرئيس السيسى والقوات المسلحة حقهم، فنحن الآن نعيش فى أمن وأمان بفضلهم، فقد استطاعوا القضاء على الإرهاب، ومنحونا فرصة للعيش فى أمن وأمان». كما أثنى على اهتمام الرئيس السيسى بأسر الشهداء، مؤكدًا أن الرئيس والقوات المسلحة لا ينسون أبناءهم نهائيًا فى أى مناسبة، كى «يحسسونا دائمًا أن الشهيد موجود معنا».