وفد البرلمان البريطانى
وفد من لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطانى، زار القاهرة، أمس الأربعاء، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قصر الاتحادية، بحضور جاريث بيلى، سفير بريطانيا لدى مصر. وخلال اللقاء، جرى تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، فى ضوء ما تشهده من تطورات إيجابية متواصلة، على كل الأصعدة، إضافة إلى مناقشة الأوضاع الإقليمية الراهنة، وتطورات الأزمات القائمة فى المنطقة.
البرلمان البريطانى، كما لعلك تعرف، يتكون من مجلسين، أحدهما مجلس اللوردات، الذى يتم تعيين كل أعضائه تقريبًا، مدى الحياة، بقرار ملكى.. والآخر مجلس العموم، الذى ينتخب البريطانيون نوابه كل خمس سنوات. وكان الأخير قد صوّت، منتصف الشهر الماضى، ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، بزعم أن ذلك سيلحق ضررًا بـ«حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها». كما شهد المجلس نفسه، منذ أيام قليلة، مشاهد فوضى، وتعالت الأصوات المطالبة باستقالة رئيسه، ليندسى هويل، بعد أن خالف التقاليد، وسمح لحزب العمال بتقديم تعديل على مقترح قدمته كتلة الحزب الوطنى الإسكتلندى.
فى المقترح، دعا الحزب الوطنى الإسكتلندى إلى «وقف فورى لإطلاق النار» و«إنهاء العقاب الجماعى ضد الشعب الفلسطينى»، وبينما كان الآلاف يتظاهرون قرب مقر البرلمان مطالبين بما تضمنه المقترح نفسه، طالب التعديل الذى قدمه «حزب العمال» بـ«هدنة إنسانية»، و«عملية دبلوماسية لتحقيق السلام الدائم»، وانتهى الأمر باعتماد التعديل العمالى، دون تصويت رسمى. مع أن الحكومة البريطانية، التى دعمت العدوان الإسرائيلى، فى البداية، صار لها موقف مختلف، وقام ديفيد كاميرون، وزير الخارجية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بتكثيف دعواته إلى وقف إطلاق النار، وقال، أمس، إن بلاده ستحذر إسرائيل من أن صبرها بدأ ينفد إزاء «المعاناة المروعة» فى قطاع غزة.
تأسيسًا على ذلك، كان طبيعيًا أن يحرص وفد البرلمان البريطانى على الاستماع إلى رؤية الرئيس السيسى بشأن الأوضاع فى قطاع غزة، التى تضمنت عرض مستجدات الجهود المصرية، للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، وتبادل المحتجزين وإنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع. إضافة إلى التأكيد على أهمية اضطلاع المجتمع الدولى بمسئوليته الأصيلة فى حماية الفلسطينيين من الكارثة الإنسانية التى يتعرضون لها. كما أشار الرئيس إلى دور مصر فى حشد وإدخال المساعدات الإغاثية عبر منفذ رفح البرى، وإسقاط المساعدات جوًا بالمناطق المتأثرة بشدة من الصراع فى شمال غزة، مشددًا على أن الوضع الإنسانى فى القطاع لا يحتمل مزيدًا من تأجيل التوصل إلى حلول حاسمة ووقف فورى لإطلاق النار.
تُولى مصر قدرًا من الاهتمام للتواصل مع أعضاء وقيادات برلمانات الدول الصديقة، فى إطار التنسيق والتشاور. وطبيعى أن يتزايد هذا الاهتمام فى ظل الواقع الإقليمى المضطرب، وما نتج عنه من تحديات متعددة، متلاحقة، ومتصاعدة، بالإضافة إلى الأوضاع الدولية الأكثر اضطرابًا. ومن هذا المنطلق، أوضح الرئيس للوفد البرلمانى البريطانى أن الحل الدائم والعادل للتوتر فى الشرق الأوسط يكمن فى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية. كما أكد الرئيس خطورة اتساع جبهات الصراع على الأمن والاستقرار الإقليمى برمته.
أيضًا، لدى تناول الأزمات القائمة فى عددٍ من دول المنطقة، أكد الرئيس أن تدعيم بنيان الدولة الوطنية، ومساندة مؤسساتها نحو التماسك والوحدة، يعد السبيل نحو تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب بفاعلية، مؤكدًا دور مصر الداعم والمساند للدول الشقيقة، لتحقيق تطلعات شعوبها نحو الأمن والاستقرار وتجاوز هذه الحقبة القاسية من الأزمات الخطيرة التى عصفت باستقرار الشعوب ومقدراتها.
.. وتبقى الإشارة إلى أن أعضاء الوفد البرلمانى البريطانى، الذى ترأسته أليسيا كيرنز، Alicia Kearns، رئيسة لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم، أعربوا عن تقدير بلادهم البالغ للدور المتوازن والمسئول الذى تقوم به مصر، سياسيًا وإنسانيًا، لاحتواء الاضطرابات والتوترات والصراعات الإقليمية، كما أكدوا موقف المملكة المتحدة، الحالى أو الذى صار مختلفًا، بشأن ضرورة التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار فى قطاع غزة، وفتح آفاق السلام بالمنطقة، مشدّدين على دعمهم للجهود المصرية فى هذا الشأن.