استقالة الحكومة الفلسطينية استعدادًا لمرحلة ما بعد حرب غزة
تقدم محمد أشتية، رئيس الوزراء الفلسطينى، اليوم، باستقالة الحكومة، للرئيس الفلسطينى محمود عباس، مشيرًا فى استقالته إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج لإدارة السلطة الفلسطينية لكل أراضى الوطن، وتحتاج لترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ فى الاعتبار الواقع المستجد فى قطاع غزة، والحاجة الملحة إلى توافق بين الفصائل مستندًا إلى أساس وطنى.
وقال «أشتية»، خلال جلسة الحكومة، فى رام الله، إنه وضع استقالة الحكومة تحت تصرف الرئيس محمود عباس، منذ يوم الثلاثاء الماضى، وتقدم بها خطيًا أمس، مشيرًا إلى أن هذا القرار يأتى فى ضوء المستجدات السياسية، والأمنية، والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق فى الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس.
وقال المحلل السياسى الفلسطينى الدكتور عبدالمهدى مطاوع، إن استقالة الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد أشتية، تأتى فى إطار الترتيبات لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة موحدة، تدير قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية معًا، وإعادة إعمار القطاع وتقديم الإغاثة لسكانه.
وأضاف «مطاوع» أن الحكومة الجديدة ستكون جزءًا من الاتفاق، الذى تدرسه بعض الدول العربية، مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر، إضافة إلى الولايات المتحدة، بهدف خلق مسار سياسى لليوم التالى لما بعد حرب غزة، يؤدى إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وشدد على أن تشكيل الحكومة الجديدة ينزع أيضًا الذرائع التى من الممكن أن تتخذها حكومة الاحتلال، برئاسة بنيامين نتنياهو، لاستمرار احتلال غزة ومنع إعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن حكومة «أشتية» ستستمر فى تصريف الأعمال، حتى تشكيل حكومة جديدة، ويجب أن تحظى بدعم كل الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسهم حركة حماس.
وقال إنه طوال السنوات الماضية كانت هناك دعوات من السلطة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس، إلى حركة حماس، للانضواء تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، من أجل توحيد البيت الفلسطينى، حتى لا يتلاعب «نتنياهو» بكل الطرق لمنع إقامة الدولة الفلسطينية، كما أن «حماس» وصلت إلى قناعة بأهمية هذا المسار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأيضًا الحفاظ على نفسها وبقائها.
وأكد أن الحكومة الجديدة ستلقى دعمًا دوليًا من كل الدول، ويجب أن تكون مقبولة دوليًا من أجل دعم مشروعات إعادة الإعمار فى قطاع غزة، ومع هذا سيواصل «نتنياهو» التحجج بعدم وجود حكومة فلسطينية تدير قطاع غزة والضفة، أو مرتبطة كما يدعى بالإرهاب، لتأخير إعادة إعمار غزة، وهو ما سيجعل اليوم التالى للحرب أصعب من الحرب نفسها، حيث لا بنية تحتية أو مساكن ولا اقتصاد ولا صحة ولا تعليم ولا أى شىء سيتم إنجازه فى القطاع، لذا استمرار هذا الوضع لفترة طويلة، سيؤدى إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع، كما خططت له حكومة الاحتلال.
من جهته، قال الدكتور أيمن الرقب، الأستاذ بجامعة القدس وعضو حركة فتح، إن استقالة حكومة «أشتية» تأخرت كثيرًا، ولكن أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا؛ وذلك من أجل تصحيح المسار، وتشكيل حكومة جديدة بالتوافق بين الفصائل.
وقال إن الدكتور محمد مصطفى من أهم المرشحين لرئاسة الحكومة الفلسطينية الجديدة، إذ شغل موقعًا مهمًا من قبل فى صندوق النقد الدولى وهيئة الاستثمار الفلسطينية، كما عمل وزيرًا للاقتصاد.
وأوضح أن استقالة الحكومة الفلسطينية كانت نتيجة لمخرجات اجتماعات موسكو بين الفصائل الفلسطينية، بهدف تشكيل حكومة جديدة، وهذا أمر جيد ومهم، لكن إذا كانت استقالة «أشتية» وتشكيل حكومة جديدة جاءا نتيجة الضغط الأمريكى، فهذا سيكون عبئًا كبيرًا، خاصة فى ظل الحالة الفلسطينية التى تواجه الاحتلال الإسرائيلى المدعوم من واشنطن.
ولفت إلى أن الحكومة الفلسطينية الجديدة، سواء كانت برئاسة محمد مصطفى أو سلام فياض أو غيرهما، ممن سيتم الاتفاق عليه، تنتظرها مهام كثيرة جدًا، على رأسها وقف الحرب على قطاع غزة، بجانب العمل على توحيد الضفة الغربية والقطاع، وإعادة ترتيب البيت الفلسطينى، وتوحيد الوزارات وترتيب انتخابات فلسطينية رئاسية وبرلمانية، ووضع رؤية لإعادة الإعمار، وهذا كله بالطبع سيتم بعد انتهاء الحرب.
وشدد على أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون حكومة «تكنوقراط»، حتى لا تفسد، وحتى تنفتح على الدول العربية والدول الغربية؛ بهدف إعادة بناء غزة وتأهيلها وإعادة بناء الوضع الأمنى فى الضفة الغربية، التى صار الوضع فيها صعبًا للغاية بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلى، وإهانته واعتقاله وقتله الفلسطينيين.
وأكد ضرورة الضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته فى الضفة الغربية، خاصة فى ظل تغير موقف السلطة الفلسطينية الفترة الماضية، بشأن التنسيق الأمنى، بما يلبى احتياجات الاحتلال الأمنية، الذى يريد المزيد من التنسيق والتدخلات فى الشأن الفلسطينى.
وبيَّن أن مهمة الحكومة الجديدة ستكون صعبة، خاصة أن الحكومة السابقة لم تتمكن من دفع رواتب موظفيها، وتراكمت الديون عليها بشكل كبير جدًا، وهذا النجاح منوط بشكل الحكومة الجديدة، وهل ستتمكن من تجاوز كل ذلك أم لا، لذا يجب تحقيق التوافق بين الفصائل الفلسطينية على تشكيل حكومة تكنوقراط، من أجل ترتيب البيت.