عاجل.. خطة الأسابيع الـ6.. هل تنهى إسرائيل الحرب فى الربيع؟
تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، الدعوات المتزايدة لوقف الحرب على قطاع غزة، وتعهد بـ«إنهاء المهمة» و«النصر الكامل» على حركة «حماس» الفلسطينية، فى الوقت الذى هدد أعضاء فى حكومته بغزو مدينة رفح، جنوب القطاع، إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى الحركة.
ورغم التصريحات المتشددة، تستمر مفاوضات وقف إطلاق النار مع الوسطاء، كما تدور المناقشات داخل الحكومة الإسرائيلية حول خطة إنهاء الحرب، وسط خلافات حول الجدول الزمنى وترتيب الأولويات اللازمة لذلك، ما يجعل احتمالات إنهاء الحرب فى الربيع المقبل الأكثر احتمالًا.
تهديد بهجوم أخير على رفح رغم استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار
بينما تستمر مفاوضات وقف إطلاق النار مع ظهور علامات التقدم فى المحادثات مع الوسطاء خلال الأسابيع الأخيرة، وصف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، مطالب حركة «حماس» الفلسطينية بأنها «واهمة».
وفيما قالت الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، إنها لا تزال تأمل فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين. مع تصور حل أوسع للحرب، أعلن «نتنياهو» وحكومته علنًا عن معارضتهم إقامة دولة فلسطينية، التى تصفها واشنطن بأنها عنصر أساسى فى رؤية أوسع لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وأعلنت حكومة «نتنياهو»، الأسبوع الماضى، عن أن إسرائيل ترفض بشكل قاطع القرارات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين وتعارض أى اعتراف أحادى الجانب بالدولة الفلسطينية، وذلك رغم تأييد المجتمع الدولى بأغلبية ساحقة قيام دولة فلسطينية مستقلة، كجزء من اتفاق سلام مستقبلى.
كما أعلن «نتنياهو» عن أن إسرائيل ستحقق «نصرًا كاملًا» على «حماس»، مشيرًا إلى أنه سيتم إجلاء المدنيين الفلسطينيين من مدينة رفح، جنوب القطاع، قبل الهجوم عليها، دون أن يوضح إلى أين سيذهب النازحون فى غزة المدمرة إلى حد كبير.
فى المقابل، قالت «حماس» إنها لن تطلق سراح جميع المحتجزين المتبقين لديها دون أن تنهى إسرائيل الحرب وتنسحب من قطاع غزة، مع المطالبة بالإفراج عن مئات الفلسطينيين المسجونين لدى إسرائيل، بما فى ذلك كبار الناشطين.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسئولين إسرائيليين قولهم إنه من المتوقع أن تواصل إسرائيل العمليات العسكرية واسعة النطاق فى غزة لمدة ٦ إلى ٨ أسابيع أخرى، فى إطار استعدادها لشن غزو برى لمدينة رفح، فى أقصى جنوب القطاع.
وأوضح المسئولون أن القادة العسكريين فى إسرائيل يعتقدون أن بإمكانهم إلحاق ضرر كبير بقدرات «حماس» المتبقية فى الأسابيع المقبلة، ما يمهد الطريق للتحول إلى مرحلة أقل كثافة من الضربات الجوية وعمليات القوات الخاصة. فى الإطار نفسه، قال آفى ميلاميد، مسئول المخابرات الإسرائيلية السابق وأحد المفاوضين الإسرائيليين سابقًا فى الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، إن هناك فرصة ضئيلة فى أن تستجيب حكومة «نتنياهو» للمطالبات الدولية بإلغاء الهجوم البرى على رفح، التى تعد آخر معقل لسيطرة حركة «حماس».
فيما صرح وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، بأن قواته تخطط لعمليات فى رفح تستهدف مقاتلى «حماس» ومراكز القيادة والأنفاق، لكنه لم يحدد جدولًا زمنيًا للحملة.
وأكد أنه سيتم اتخاذ «إجراءات استثنائية» لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، مضيفًا فى مؤتمر صحفى: «كانت هناك ٢٤ كتيبة فى غزة وقمنا بتفكيك ١٨ منها، والآن، رفح هى مركز الثقل التالى لـ(حماس)».
وفى الأسبوع الماضى الذى شهد توترًا دبلوماسيًا شديدًا، اتصل الرئيس الأمريكى جو بايدن هاتفيًا برئيس الوزراء الإسرائيلى مرتين، لتحذيره من شن عملية عسكرية فى رفح دون خطة موثوقة لضمان سلامة المدنيين.
وقال «نتنياهو» إنه سيسمح للمدنيين بمغادرة منطقة القتال قبل الهجوم، بينما أكد وزير الدفاع أن إسرائيل ليس لديها أى نية لإجلاء المدنيين الفلسطينيين إلى مصر.
أما بينى جانتس، الوزير الإسرائيلى فى حكومة الحرب، فقال، أمام مؤتمر لزعماء اليهود الأمريكيين: «إذا لم يعد المحتجزون إلى منازلهم بحلول شهر رمضان فسيستمر القتال فى منطقة رفح».
خلاف بين نتنياهو وجانتس حول الجدول الزمنى وترتيب الأولويات لإنهاء الحرب
رغم تصريحات قادة إسرائيل بضرورة استمرار الحرب، فإن الحديث يدور فى المكاتب المغلقة حول كيفية إنهاء الحرب فى أقرب وقت.
وحسب ما كشفه المحلل العسكرى روى بن يشاى، فى تقرير بصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فهناك خطتان لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تتضمنان تحقيق أهداف الحرب ورسم جدول زمنى يكون مقبولًا من الإسرائيليين والأمريكيين، الأولى هى خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والثانية هى خطة الوزيرين بينى جانتس وجادى آيزنكوت.
وحسب «بن يشاى»، ليست هناك فروق جوهرية بين الخطتين، باستثناء الجدول الزمنى وترتيب الأولويات، وبينما يستعد «جانتس» و«آيزنكوت» للكشف عن خطتهما فى مجلس الوزراء إلا أن «نتنياهو» كما يبدو لن يعلن عن خطته، بسبب مخاوف من شركائه فى الحكومة، بينما يُجرى مفاوضات بشأنها سرًا مع كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية.
وأوضح أن خطة «جانتس» و«آيزنكوت» تتعهد بالنصر العسكرى، لكنها ترمى إلى القبول بهدنة طويلة الأمد من أجل صفقة تحرير المحتجزين، مع إعطاء الأولوية لتحريرهم، دون أن تتخلى عن تفكيك قدرات «حماس» العسكرية، كما ترفض بوضوح المطالبة بالالتزام بوقف شامل للحرب.
ولفت إلى أن الخطة ترمى، فى الوقت نفسه، إلى المحافظة على المساعدة العسكرية والسياسية من الإدارة الأمريكية وتعزيزها، وتفترض أنه بقبول إسرائيل هدنة طويلة الأمد فإن ذلك سيخفف كثيرًا من الضغط الداخلى والخارجى على «بايدن».
وأشار إلى أنه من بين النقاط الإيجابية فى خطة «جانتس» و«آيزنكوت» أنها تبدى مرونة قصوى فى المفاوضات المكثفة بشأن تفاصيل ومراحل صفقة تحرير المحتجزين، وذلك وفقًا لمخطط باريس، الذى توصل إليه الوسطاء مع إسرائيل.
ونوه إلى أن الوزيرين فى الحكومة الإسرائيلية يعترفان بأهمية الدخول العسكرى إلى رفح، لكن الأمر بالنسبة إليهما يمكن أن يجرى بعد الهدنة وتحرير المحتجزين، مع تسهيل إدخال مساعدات مدنية إلى القطاع مباشرة من إسرائيل بواسطة المنظمات الدولية، باستثناء «أونروا»، مع البدء بخطوات لإقامة سلطة مدنية فى القطاع، حتى لو لم يُطرد قادة «حماس» منه.
ويقترحان وفقًا لـ«بن يشاى» البدء بتنفيذ الخطة السياسية الأمريكية لليوم التالى للحرب، والتى تتضمن تطبيع العلاقات مع السعودية، والاتفاق بشأن تمويل إعادة إعمار غزة.
فى المقابل، فإن خطة «نتنياهو»، وفقًا لـ«بن يشاى»، تمنح الأولوية للحسم العسكرى المطلق على «حماس»، والقضاء على قيادات الحركة فى قطاع غزة، وعلى رأسهم يحيى السنوار، أو تحييدهم، من خلال السيطرة على رفح قبل شهر رمضان أو خلاله.
وأوضح أن «نتنياهو» يعتقد أن الدخول إلى رفح إذا لم يؤد فورًا إلى القضاء على «السنوار» فإنه سيجعل قيادة «حماس» أكثر ليونةً، ويسمح بصفقة «معقولة» لتحرير المحتجزين لديها، كما سيسمح باتخاذ القرارات بشأن اليوم التالى «من موقع قوة».
وأشار إلى أن الخطة تراهن على الحسم العسكرى من أجل تحقيق أهداف الحرب، من دون أن يضطر «نتنياهو» إلى التنازل والتصادم مع شركائه فى الائتلاف الحكومى بشأن ثمن تحرير المحتجزين، مع الدفع إلى الانتهاء من تفكيك «حماس» فى خان يونس، والبدء بالسيطرة على رفح.
ونوه «بن يشاى» إلى أن جيش الاحتلال بحاجة إلى وقت لاستكمال العمل فى خان يونس، وإلى بضعة أسابيع أخرى من أجل إجلاء أكثر من مليون نازح من هناك، وتجاوز الاعتراضات على اقتحام رفح، الأمر الذى يجعل نتنياهو يماطل بقدر الإمكان فى المفاوضات وفى الهجوم أيضًا.
وأضاف «بن يشاى» أن خطة «نتنياهو» تتضمن أن ينتظر إلى الربيع على هذا الوضع، حين تكون صفقة المحتجزين فى ذروتها، ليكون بالفعل قد انتهى من تحقيق ما يريد من العمل العسكرى، وبدأ السيطرة الأمنية على القطاع، ما يشكل انتهاء الحرب عمليًا، وفى الوقت نفسه ستكون واشنطن قد بلورت اتفاقات مثمرة مع السعودية، وتسوية دبلوماسية مع «حزب الله» لمنع الحرب مع لبنان.