مصر - تركيا.. والعلاقات الضرورة
لعل من أهم إنجازات دولة 30 يونيو عبر العقد الأخير تحقيق العديد من الإنجازات في مجال العلاقات الخارجية والعودة من جديد للتأكيد على ثوابت السياسات الخارجية التاريخية بعد عام حكم جماعة المرشد الخائنة التي نالت من تلك الثوابت ومكتسباتها المشهود بنجاحاتها عبر التاريخ المعاصر..
ولم يكن من قبيل المبالغة ولا المصادفة فى هذا الإطار إطلاق قائد مصر تحذيره التاريخي لأعداء الوطن من أهل الشر "اللى هيقرب منها هشيله من فوق وش الأرض".. وذاد الرئيس السيسى بقوة عن استقلالية القرار المصرى مثلما ذاد بقوة عن سيادة مصر ووحدة أراضيها وكرامة شعبها فتراجع الطامعون واستعادت مصر زمام المبادرة فى كافة الملفات ذات الصلة بأمنها القومى واتسعت دوائر نفوذ وتأثير السياسة الخارجية المصرية من الإطار الإقليمي إلى الإطار الدولي ومن الأطر الثنائية إلى الاطر متعددة الأطراف.
وانتقلت الدولة المصرية خلال ثمانى سنوات فقط من مرحلة استعادة تماسك مؤسسات الدولة فى الداخل إلى مرحلة فرض هيبة الدولة المصرية فى الخارج.
ولعبت الدبلوماسية المصرية دورا مشهودا فى تنفيذ السياسة الخارجية التى حدد الرئيس السيسى ملامح بوصلتها بوضوح ودقة وثقة فمضت سفينة دبلوماسيتنا العتيدة ممثلة فى وزارة الخارجية باقتدار وثبات - يستندان لقوة عسكرية واستخبارية قادرة - وسط الأمواج الإقليمية والدولية المضطربة نحو الوصول لأهدافها واحدا تلو الآخر.
وجاء عام ٢٠٢٢ كعام استثنائى فى تاريخ مصر حيث يشهد ذكرى مرور قرن على نيل مصر حقها فى الاستقلال بموجب تصريح ٢٨ فبراير عام ١٩٢٢، والذى كان من نتائجه البارزة إنشاء وزارة الخارجية.
استقرار راسخ وتنمية شاملة تمهد لبزوغ الجمهورية الجديدة انعكس بالتبعية في تحركات واعية لسياسة مصر الخارجية التي باتت واضحة الملامح في توجهاتها، وزادت من ثقتها في تحركاتها الدولية والإقليمية في منطقة تموج بالاضطرابات والعواصف السياسية.
وأرى أن مساحة المقال لا تتسع لمجرد الإشارة السريعة للمكتسبات في سياق تلك التحركات عربيًا وإقليميًا ودوليًا، واليوم ونحن نتابع تطوير العلاقات المصرية الأمريكية لتحقيق المصالح العليا للدولتين والترحيب بزيارة الرئيس التركي بعد انقطاع الزيارات الرئاسية أكثر من عقد من الزمان تأتي تتويجًا لجهود دبلوماسية رائعة، وكان من المشهود له استمرار تواصل العلاقات الاقتصادية المتميزة والمثمرة وتتنامى لصالح المصالح المصرية والتركية..
ومعلوم أن زيارة الرئيس التركي تحمل العديد من الدلالات أبرزها، حرص تركيا على تعزيز وتطوير العلاقات مع مصر على كافة الأصعدة، وأن هناك ملفات عدة تحتاج إلى قرارات سياسية على مستوى القادة مثل الملف الليبي وشرق المتوسط والتدخلات التركية في سوريا والعراق. العلاقات بين البلدين ستشهد انطلاقة نوعية، حال إيجاد حلول توافقية لهذه الملفات..
وهناك العديد من القضايا على طاولة النقاش، أبرزها العلاقات الثنائية وحرب غزة والأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق والسودان ، كما أن التقارب بين البلدين سيساهم في وضع أسس نظام إقليمي قادر على مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة.
ولعل من الأهمية بمكان التوافق على خلق آلية عمل على كافة المستويات بين البلدين، بما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة"، وحيث كلا البلدين قدم مبادرة، وأبدى استعداده لعودة العلاقات إلى سابق عهدها، حيث أجريت في عام 2021 محادثات استكشافية أدت إلى لقاء بين وزيري الخارجية، وعقب ذلك، أجرى الرئيس السيسي اتصالًا هاتفيًا بأردوغان، كما التقى الرئيسان في قطر، وصولًا إلى هذه الزيارة، هناك رغبة متبادلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات التركية في مصر، وستمهد هذه الزيارة لتحقيق ذلك بالتأكيد.
وكانت وزارتا الخارجية المصرية والتركية قد رفعت العام الماضي التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى السفراء، لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بعد انقطاعها منذ عام 2013، وذلك في أعقاب الإطاحة بمرسي.
وأعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موافقة بلاده على تزويد القاهرة بمسيّرات قتالية، وجاء هذا الإعلان بعد يومين من اجتماعٍ بين وزير الإنتاج الحربي المصري ونظيره التركي، لبحث التعاون في مجال الإنتاج المشترك للذخائر.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أفاد بأن قيمة التبادل التجاري بين مصر وتركيا ارتفعت إلى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 6.7 مليار دولار في 2021.
ومعلوم أن عودة العلاقات الدبلوماسية يصب في المصلحة الوطنية لكلا الجانبين ويحقق المصلحة المشتركة أيضا خاصة في الجانب الاقتصادي والتجاري، والتخلص من التكلفة العسكرية والاقتصادية للصراعات الدائرة في المنطقة، ثم والأهم والذي يأتي على رأس الأولوليات ملف العلاقات الاقتصادية والتجارية، فتركيا في المرتبة الخامسة، من حيث الدول المصدرة لمصر، تشير الإحصائيات الرسمية إلى وجود قفزة كبيرة في العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا خلال عام 2022، وتكشف بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر وتركيا لتصل إلى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 6.7 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14%...
وأشارت الإحصائيات إلى ارتفاع قيمة الصادرات المصرية إلى تركيا إلى 4 مليارات دولار خلال عام 2022، مقابل 3 مليارات دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 32.3%، في حين بلغت قيمة الواردات المصرية من تركيا 3.72 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 3.74 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة انخفاض قدرها 0.7%. وبلغت صادرات تركيا لمصر نحو 3.5 مليار دولار، مقابل 3.1 مليار دولار في 2020، كما بلغ حجم الصادرات غير البترولية المصرية في 2021، وفق تقارير حكومية، 32.3 مليار دولار، وحجم الصادرات البترولية 12.9 مليار دولار، كما تعتبر مصر أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا، وحجم التجارة بين البلدين، تجاوز 6 مليارات دولار، في 2021، ولعل هذه الأرقام توضح أسباب استمرار التعاون التجاري بين البلدين.
أرى أن العلاقات المصرية التركية تعود وبقوة على أرضية المصالحة وتصفير المشكلات، وهي باستثمارها بشكل إيجابي تحقق مصالح عربية وإقليمية ودولية لاشك هامة.