أنت بتكلم مين؟!
نحتاج إلى قراءة لحالة الحوار فى مجتمعنا. بعض ما نسمعه، يجعل الناس فى الشارع ساخطة بسبب الرؤية السلبية لكل ما يدور من تحديات داخلية قبل خارجية. المواطنين يحتاجوا أن يسمعوا ليفهموا ما يحدث بدل من الانسياق وراء الشائعات أو من خلال الخضوع لما تروجه بعض الفضائيات الموجهة ضدنا بغرض تحقيق حالة من الانقسام الفكرى فى الشارع المصرى.
ثقافة التفكك هى النتيجة الطبيعية لتلك الرؤية الليلية التى تروج من خلال بعض برامج التوك شو، وليس كلها بالطبع. وهو ما جعل حالة الحوار الحقيقى فى المجتمع فى حالة تراجع بسبب عدم تناول المعلومات على حقيقتها، والدفع نحو النزعة التعبوية والفوضوية التى أصبحت أمر مقصود وهدف منشود لدى البعض بهدف التأثير في الحالة النفسية للمواطن.
هناك حالة من الجهل الواضح والمعلوم لدى بعض مقدمى التوك شو، وهو ما يظهر من خلال استخدامهم لمفردات التشكيك فى كل ما يحدث فى البلد والتخوين لكل رموزه وقياداته، وما يترتب على ذلك من الترويج للغة الغضب والاحتجاج فى التعامل من جهة، وتراجع الحوار الحقيقى الفعال والبناء للمجتمع من جهة أخرى. وتصدير فكرة (مفيش فايدة).
تحول الحوار بسبب بعض التوك شو المسائى الموجه إلى تكريس مفهوم الحوار من منطلق الاعتماد على الشائعات شبه المنطقية التى تكتب على السوشيال ميديا، وليس استنادًا إلى المعلومات الحقيقية، بل وتناول الشائعات على أنها حقائق، وتهميش حوار الحقيقة. وهو ما يعنى إعادة توجيه الرأى العام حسب توجه مقدمى تلك البرامج وأهدافهم وأجندتهم.
تحول الحوار إلى دوائر مغلقة على تلك القنوات غير الوطنية بسبب لغة التراشق بالكلمات التى يعتبرها البعض احتراف إعلامى رغم أنها تجاوزات ضد الأكواد المهنية الإعلامية، تضر أكثر مما تنفع بعد أن تحول الديالوج إلى مونولوج أسود.
جاوزت بعض تلك البرامج من التوك شو المدى مستغلة كونها خارج نطاق النسق الإعلامى المصرى بأكواده المهنية، وأصبحت خارج نطاق الانضباط الإعلامى، وهو ما يمثل خطورة حقيقية على مستقبل هذا الوطن الذى تقامر به تلك الفضائيات لصالح عودة الفوضى التى وأدتها ثورة 30 يونيو. كما أنها تلك الحالة تتسبب فى التعتيم على كل من يحاول أن يقدم خدمات إعلامية محترفة.
نقطة ومن أول الصبر..
استطاع البعض ممن لم يجدوا لأنفسهم مكان بعد انتهاء حكم الفاشية الدينية فى مصر، أن يجد لنفسه مكان كإعلامى وناشط خارج أراضى الوطن. اعتمدوا منطق الإثارة، ليس لمخاطبة الرأى العام بل لمغازلة الشارع من أجل تكريس عشوائية التفكير وفوضوية السلوك وغوغائية التصرفات.