الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بمناسبات مهمة مختلفة
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية اليوم بعدة مناسبات مهمة ابرزها استشهاد القديس بجوش، واستشهاد 49 شهيدا شيوخ شيهات، وبهذه المناسبة قال السنكسار الكنسي إن في مثل هذا اليوم كان استشهاد التسعة والأربعين قسيسا شيوخ شيهيت ومرتينوس رسول الملك وابنه، وذلك ان الملك ثاؤدسيوس الصغير ابن الملك أركاديوس لم يرزق ولدا، فأرسل إلى شيوخ شيهيت يطلب إليهم ان يسألوا الله لكي يعطيه ابنا، فكتب إليه القديس ايسيذوروس كتابا يعرفه فيه ان الله لم يرد ان يكون له نسل يشترك مع أرباب البدع بعده، فلما قرا الملك كتاب الشيخ شكر الله، لكن أشار عليه قوم ان يتزوج امرأة أخرى ليرزق منها نسلا يرث الملك من بعده، فأجابهم قائلا: إنني لا افعل شيئا غير ما أمر به شيوخ برية شيهيت، ثم أوفد رسولا من قبله اسمه مرتينوس ليستشيرهم في ذلك.
وكان لمرتينوس ولد اسمه ذيوس أتصحبه معه للزيارة والتبرك من الشيوخ، فلما وصلا وقرا الشيوخ كتاب الملك، وكان القديس ايسيذوروس قد تنيح، اخذوا الرسول وذهبوا به إلى حيث يوجد جسده ونادوا قائلين يا أبانا قد وصل كتاب من الملك فبماذا نجاوبه، فأجابهم صوت من الجسد الطاهر قائلا: ما قلته قبلا أقوله الآن، وهو ان الرب لا يرزقه ولدا يشترك مع أرباب البدع حتى ولو تزوج عشر نساء، فكتب الشيوخ كتابا بذلك للملك، ولما أراد الرسول العودة، غار البربر علي الدير، فوقف شيخ عظيم يقال له الانبا يوأنس ونادي الاخوة قائلا هو ذا البربر قد اقبلوا لقتلنا، فمن أراد الاستشهاد فليقف، ومن خاف فليلتجئ إلى القصر، فالتجأ البعض إلى القصر، وبقي مع الشيخ ثمانية وأربعون، فذبحهم البربر جميعا.
وكان مرتينوس وانبه منزويان في مكان، وتطلع الابن إلى فوق فرأي الملائكة يضعون الأكاليل علي رؤوس الشيوخ الذين قتلوا، فقال لأبيه: ها أنا أرى قوما روحانيين يضعون الأكاليل علي رؤوس الشيوخ فأنا ماض لأخذ لي إكليلا مثلهم، فأجابه أبوه: وأنا أيضا اذهب معك يا إبني، فعاد الاثنان وظهرا للبربر فقتلوهما ونالا إكليل الشهادة، وبعد ذهاب البربر نزل الرهبان من القصر واخذوا الأجساد ووضعوها في مغارة وصاروا يرتلون ويسبحون أمامها كل ليلة، وجاء قوم من البتانون واخذوا جسد الانبا يوأنس، وذهبوا به إلى بلدهم، وبعد زمان أعاده الشيوخ إلى مكانه، وكذلك أتى قوم من الفيوم وسرقوا جسد ذيوس ابن مرتينوس، وعندما وصلوا به إلى بحيرة الفيوم، أعاده ملاك الرب إلى حيث جسد أبيه، وقد أراد الأباء عدة مرات نقل جسد الصبي من جوار أبيه فلم يمكنهم، وكانوا لكما نقلوه يعود إلى مكانه، وقد سمع أحد الأباء في رؤيا الليل من يقول سبحان الله، نحن لم نفترق في الجسد ولا عند المسيح ايضا، فلماذا تفرقون بين أجسادنا ؟.
ولما ازداد الاضطهاد وتوالت الغارات والتخريب في البرية، نقل الأباء الأجساد إلى مغارة بنوها لهم بجوار كنيسة القديس مقاريوس، وفي زمان الانبا ثاؤدسيوس البابا الثالث والثلاثين بنوا لهم كنيسة، ولما أتى الانبا بنيامين البابا الثامن والثلاثون إلى البرية، رتب لهم عيدا في الخامس من أمشير وهو يوم نقل أجسادهم إلى هذا الكنيسة، ومع مرور الزمن تهدمت كنيستهم فنقلوهم إلى إحدى القلالي حتى زمان المعلم إبراهيم الجوهري فبني لهم كنيسة حوالي أواخر القرن الثامن عشر للميلاد ونقلوا الأجساد إليها، ولا زالت موجودة إلى اليوم بدير القديس مقاريوس، أما القلاية التي كانوا بها فمعروفة إلى اليوم بقلاية "أهميه ابسيت" ( أي التسعة والأربعين).
كما تحتفل الكنيسة ايضا بذكرى نياحة القديسة انسطاسية، وبهذه المناسبة قال السنكسار الكنسي ان في مثل هذا اليوم تنيحت القديسة أنسطاسية، وهذه كانت من اعرق العائلات بمدينة القسطنطينية، ولأنها كانت جميلة وذات أخلاق حميدة، فقد طلبها الملك يوستينيانوس ليتزوجها، فأبت ومضت فأعلمت زوجة الملك بذلك، فأرسلتها إلى الإسكندرية علي سفينة خاصة، وهناك بنت لها ديرا خارج المدينة سمي باسمها، ولما علم الملك بأمرها أرسل في طلبها، فهربت إلى برية شيهيت متشبهة بأحد الأمراء، واجتمعت بالأنبا دانيال قمص البرية وأطلعته علي أمرها، فأتى بها إلى مغارة.
وأمر أحد الشيوخ ان يملا لها جرة ماء مرة كل أسبوع، ويتركها عند باب المغارة وينصرف، فأقامت علي هذا الحال 28 سنة دون ان يعلم أحد انها امرأة، وكانت تكتب أفكارها علي شقفة من الخزف وتضعها علي باب المغارة، فيأخذها الشيخ الذي كان يحضر لها الماء دون ان يعرف ما هو مكتوب فيها ويعطيها للقديس دانيال، وفي بعض الأيام أتى بالشقفة إلى الشيخ فلما قراها بكي وقال لتلميذه قم بنا نواري جسد القديس الذي في المغارة التراب، فلما دخلوا إليها وتباركوا من بعضهم، قالت للأنبا دانيال من اجل الله لا تكفني إلا بالذي علي ثم صلت وودعتهم وتنيحت بسلام، فبكيا عليها واهتما بدفنها، فلما تقدم التلميذ ليكفنها عرف انها امرأة فتعجب وسكت، وبعد ان دفناها وعادا إلى مكانهما خر التلميذ أمام القديس دانيال قائلا، من اجل الله يا أبي عرفني الخبر لأني رأيت انها امرأة، فعرفه الشيخ قصتها وأنها من بنات أمراء القسطنطينية، وكيف انها سلمت نفسها للمسيح، تاركة مجد هذا العالم الفاني.