كيف ينجو المسرحيون فى «زمن الذكاء الاصطناعى»؟
شباب المسرحيين طاقات خلاقة، يمتلكون من الأحلام والطموح ما يجعلهم قوة جبارة، يمكنها إعادة المسرح إلى مكانته التى يستحقها، لكنهم يواجهون العديد من الاحتياجات والتحديات، ويتأرجحون بين علاقتهم مع جهات الإنتاج وعلاقتهم مع الجمهور، وبين هاتين الجهتين يكمن الإبداع وتُستثمر الطاقات والأحلام.
بماذا يحلم شباب المسرحيين؟ وما أبرز التحديات التى يواجهونها؟ وما دور الدولة وجهات الإنتاج تجاههم؟ وكيف يقفون أمام متغيرات عصر التكنولوجيا و«الذكاء الاصطناعى»؟.. أسئلة وجهناها لهم، فكانت الإجابات التالية.
مايكل مجدى:تقديم أعمال أدبية يعرفها الجمهور بدلًا من «الكلاسيكيات»
رأى المخرج مايكل مجدى أن كل المجالات ستتأثر بـ«الذكاء الاصطناعى»، بما فيها «أبوالفنون»، بداية من التأليف المسرحى، متوقعًا أن تشهد الـ١٠ سنوات المقبلة نصوصًا مسرحية كاملة مؤلفة بـ«الذكاء الاصطناعى».
وأضاف «مجدى»: «كل التصميمات الخاصة بالديكور والإضاءة والموسيقى ستكون مصممة هى الأخرى بتقنيات الذكاء الاصطناعى، فضلًا عن إمكانية تقديم العروض فى أكثر من مكان فى نفس الوقت، عن طريق تقنية (الهولوجرام)، تمامًا مثل السينما». وأشار إلى وجود مقولة شائعة بين المسرحيين هى أن «المسرح صناعة»، لذا يجب على المخرجين الشباب أن يهتموا بتقديم أعمال تمس المتفرج العادى، الذى لا علاقة له بالمسرح، بما يسهم فى جذبه إلى هذه الأعمال.
وواصل: «أتصور أن ذلك يمكن أن يأتى من خلال شيئين، أن تكون الأعمال المسرحية مستوحاة من أعمال أدبية وكتب وروايات يعرفها جمهور ليست له علاقة بالمسرح، فتجذبه لرؤيتها على خشبة أبوالفنون، والثانى تقديم النصوص التى تمس العامة وتدور حول قضاياهم، وليس التركيز فقط على تقديم نصوص تراثية وكلاسيكية».
وأوضح أنه فى عرض «ثلاثة مقاعد فى القطار الأخير»، الذى قدمه مؤخرًا، كان يناقش فكرة انتحار الفتيات بسبب «التشهير الإلكترونى» وغيره، متابعًا: «تمكنّا من خلال هذا العرض المسرحى التعرف على جذور المشكلة وجذب جمهور يتماس معها».
وشدد على ضرورة إطلاق مسابقات واختيار أفضل المشروعات المسرحية من خلالها، وإتاحة فرصة أكبر للمخرجين الشباب، معتبرًا أن حركة المسرح فى مصر ثرية، لكن يعيبها عدم انتقاء المشاريع على مسرح الدولة والمسارح الخاصة، لذا من المهم إتاحة الفرصة للشباب، وليس الاعتماد فقط على مخرجين معروفين لهم رصيد كبير.
محمد الحضرى: توفير ورش ومنح.. وإتاحة المساحات الإبداعية المطلوبة
أعرب المخرج محمد الحضرى عن أمله فى إتاحة فرص وتوفير ميزانيات لشباب المسرحيين، مثلما يُتاح ويُخصص لعروض مسرح الدولة، مؤكدًا أن ميزانيات عروض الشباب ضئيلة جدًا، وعلى الرغم من ذلك، الكثير منها يتفوق على عروض أُنتجت بميزانيات ضخمة. وأوضح «الحضرى» أنه، على سبيل المثال، تقدم إلى نوادى المسرح بعرض اسمه «الضيف»، وكانت ميزانيته ٣ آلاف جنيه فقط، إلى جانب مواجهة بعض المعوقات الإدارية، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة تمتد إلى عروض الجامعة أيضًا، التى تُقدم بميزانيات ضئيلة، وتستغرق وقتًا كبيرًا فى إنتاجها وإتاحتها للجمهور. وعن تحدى «الذكاء الاصطناعى» تحديدًا، قال «الحضرى»: «لا أفضل تقنيات الذكاء الاصطناعى إلا فى بعض العروض، ومنها العروض الافتتاحية والختامية للمهرجانات، فأنا أشعر بأن جمال المسرح يكمن فى بساطته وأصالته، فهو طبيعى وحقيقى وبشرى». وأشار إلى أن معظم جمهور عروض الشباب هم الشباب وصغار السن، بينما معظم جمهور المسرح هم النقاد والمتخصصون والأكاديميون، وهذه إشكالية كبرى، مضيفًا: «أتمنى أن يستهدف المسرح الجمهور العادى»، منوهًا بأن المكان الوحيد الذى يقبل عليه الجمهور العادى هو المسرح الجامعى لأنه يشاهده أهالى الطلاب، لكن باقى العروض يشاهدها متخصصون، وعلى رأسها عروض مسرح الدولة. واختتم المخرج المسرحى بقوله: «يجب أن تُوفر لنا كشباب ورش ومنح، وتُتاح لنا المساحة الإبداعية المطلوبة، وتذلل الصعوبات التى نواجهها فى تقديم العروض، سواء فى أماكن العروض، أو الميزانيات، مع السعى لإيجاد تكافؤ فرص للشباب».
ساندرا سامح: زيادة ميزانيات مسرح الجامعة والأقاليم.. والاهتمام بالترويج
أكدت المخرجة الشابة ساندرا سامح، التى ظهرت مؤخرًا من خلال مهرجان «نوادى المسرح»، وجود أعداد كبيرة من الموهوبين فى مجال المسرح، سواء ممثلين أو مخرجين أو كتّاب أو مصممى ديكور، لكن ينقصهم الاهتمام وتسليط الضوء عليهم.
وقالت المخرجة الشابة: «بما أننى أعشق المسرح، ورحلتى فيه تزيد على ١٠ سنوات، ما بين مسرح الجامعة وقصور الثقافة والمسرح المستقل، أرى أن مصر تمتلك هذه المواهب، لكن تواجهها العديد من العقبات والعراقيل».
وأضافت: «مسرح الجامعة والأقاليم يُخرج أجيالًا تسعى لبعث الروح فى المسرح المصرى، من خلال تجارب إبداعية مهمة، لكن تواجهها عقبة الميزانية الخاصة بإنتاج العروض فى الجامعات، فهذه الميزانية ضعيفة جدًا جدًا، حتى إنها فى بعض الأحيان لا تكفى لتكوين عناصر العرض من ملابس ومكياج وديكور وإضاءة واستعراضات وموسيقى وأجور مخرجين». وتابعت: «ضعف الإنتاج بهذه الصورة يؤدى إلى ضعف الصورة، والتنازل عن رؤية المخرجين وطموحهم وتحجيم الخيال، ما يدفع هؤلاء المخرجين فى بعض الأحيان للجوء إلى حلول بديلة فى الخامات والأفكار، لكن هذا لن يساعد على الإبداع فى كل مرة، خاصة فى عصر الذكاء الاصطناعى».
وأتمت بقولها: «التطورات الكبيرة فى الصورة البصرية والإبهار والتكنولوجيا تستلزم منا المواكبة، فحتى هذه اللحظة ما زلنا نلجأ إلى الطرق القديمة، بينما جميع العالم يطور ويفتح آفاقًا جديدة، وهو ما يجعل هناك فجوة بيننا وبين المسارح فى الخارج، علاوة على الحاجة إلى الترويج لعروضنا بشكل أفضل».