أمريكا.. وعام الملابس الوهمية
يحكى أنه فى قديم الزمان كان يوجد ملك عظيم مولع بالثياب الجديدة والفاخرة، فذهب إليه اثنان من المحتالين. وقالا له أيها الملك: ما رأيك فى أن نصمم لك ثيابًا فاخرة لا يراها الأغبياء ويراها الأذكياء فقط؟
أعجب الملك بالفكرة جدًا ووافق عليها بكل سرور، وهو لا يعرف أنهما لصان ويخدعانه. ذهب الملك إلى القصر وأخبر حاشتيه بذلك، وبعد مرور بضعة أيام أمر أحد الوزراء أن يذهب إلى بيتهما ليستطلع إذ ما قاما بالانتهاء من عمل الثياب الخاصة بالملك المخدوع أم لا؟
عندما وصل الوزير لبيت المخادعين، وجدهما يلعبان ولا يفعلان شيئًا، ولا يرى أى ثياب فتعجب. وقال لهما أين ثياب الملك؟
فرد عليه أحد المخادعين قائلًا: أنها أمامك ألا تراها..
فوقف الوزير لوهلة مصدومًا وخاف أن ينعتاه بالغباء، ويخبرا الملك بذلك. فقال لهم: ما هذا الجمال والتناسق المميز للألوان.
غادر الوزير منزل المخادعين. وعاد الوزير إلى الملك ممتدحًا الثوب، وأخبره أنه يحتاج إلى بعض الوقت ليتم الانتهاء منه، وبعد مرور بضعة أيام أخرى أرسل الملك أحد الوزراء، غير الذى ذهب إليه فى المرة الأولى.
وبعد أن ذهب لهما، عاد إلى الملك وفعل مثل الوزير السابق، وقام بامتداح الثياب، ما زاد شوق الملك لرؤية هذه الثياب الوهمية.
وبعد مرور يومين ذهب النساجان المخادعان إلى الملك، وأخبراه أن ثيابه أصبحت جاهزة، وأنها خفيفة جدًا، وستشعر كأنك لا تلبس شيئًا بسبب خفته.
بدأ النساجان يجردان الملك من ثيابة قطعة قطعة حتى وصلا إلى الملابس الداخلية، وقاما بإلباسه الثياب الوهمية، نظر الملك إلى نفسه، فوجد أنه لا يرتدى سوى ملابسه الداخلية. وخاف الملك أن يقول إنه لم يلبس شيئًا حتى لا يتهمه الناس بالغباء.
وقف الملك وسط حاشيته، ونظر إلى أحد وزرائه وسأله عن رأيه؟ فخاف أن يخبر الملك بأنه لا يلبس شيئًا فيظن أنه غبى. وقام بنفاق بامتداح الملك، وأعرب عن إعجابه الشديد بجمال ثيابة، ثم نظر الملك إلى كبير الوزراء الذى كان متضايقًا من منظر الملك وهو عارٍ وسأله الملك عن رأيه؟
فخاف هو الآخر أن يخبر الملك بالحقيقة، وقام بامتداح ثياب الملك الوهمية، ففرح الملك كثيرًا وصرف مكافأة ذهبية كبيرة للغاية إلى هذين المخادعين اللذين فرا فى الحال خارج البلاد بعد استلام المكافأة.
أما الملك، فقام باستدعاء عربة مكشوفة ليركبها، ويتحرك بها بين سكان مملكته ظنًا منه أنه سيميز الأغبياء من الأذكياء. رآه الناس، وأصيبوا بالذهول فالملك عارٍ، ولكن أحدهم قد أذاع خبر أن الملك يلبس ثيابًا ولا تراها العين، فخاف الناس أن يظهروا بالغباء أمام الملك. وقاموا بامتداح الملك، وأظهروا إعجابهم الشديد بثيابه، وقاموا يتهاتفون ويهللون بإعجابهم بملابس الملك الوهمية.
ظل الملك يتحرك بالعربة المكشوفة التى تجرها الأحصنة، والناس يتهاتفون وتعلو أصواتهم ويقول أحدهم: يحيا الملك.. يعيش الملك، والناس تردد وراءه.
وظل الوضع هكذا حتى رأى طفل صغير يبلغ من العمر 9 سنوات الملك وهو عارٍ! فصعد إلى أعلى مكان بالمنطقة، وقال: الملك عارٍ، وظل يردد الملك عارٍ، حتى انتبه له الناس، وسكت الجميع وسط الذهول من جراءة الطفل الصغير.
وقاموا يرددون مع الطفل الملك عارٍ، الملك عارٍ، فنظر الملك إلى نفسه، وأدرك أنه تم خداعه، وعاد إلى قصره.
نقطة ومن أول الصبر..
الخوف هو السبب من قول الحقيقة.
الحقيقة أم الغباء؟!
إنها فلسفة الملابس الوهمية.
2024 هو عام الملابس الوهمية.