الجماعة الكافرة!
يقول المثل العامى إن «الكفر عناد»، ويقول المثل الآخر إن «العهر عناد».. والمعنى أن رغبة شخص أو جماعة ما فى الكيد لشخص معين أو لبلد معين، قد يدفعه لإنكار أكبر حقائق الكون، وهى وجود الله عز وجل، أو لارتكاب فعل فاضح يخل بالشرف لا لشىء إلا استجابة لرغبة العناد لشخص ما، وأنا أظن أن كثيرًا من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية من الذين يدفعهم العناد للكفر وللعهر معًا.. وإلا فبماذا تفسر كل هذا الاحتفاء بادعاء محامى إسرائيل أن مصر هى المسئولة قانونًا عن عدم دخول المساعدات لغزة..! إن هذا السلوك من جماعة الإرهاب ليس سوى نوع من «العند الذى يورث الكفر» وليس سوى عهر سياسى واضح لأسباب متعددة.. فلو كانت الجماعة ستستند لما قاله محامى إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، فإن عليها أن تصدق كل ما قاله حول اتهام أهل غزة بالإرهاب والداعشية والتمثيل بالجثث واغتصاب النساء وتعذيب الأطفال.. وكل تفاصيل الرواية الإسرائيلية تمت صياغتها لتبرير المذابح فى غزة وإقناع العالم بشرعية ما تفعله إسرائيل.. أما أن يدعى الإخوان أنهم لا يصدقون إسرائيل فى كل هذا ويصدقون فقط ادعاءها حول مصر، فهذا هو الكفر بعينه، وهذا هو الخلل فى التفكير، إذا كان الإخوان يصدقون ما تقوله إسرائيل، فإن عليهم أيضًا أن يصدقوا عشرات المقالات والتقارير الإسرائيلية التى تحذر من قوة مصر، وتتهمها بمساعدة حماس، وتقول إن الحدود المصرية هى مصدر المساعدات الأول لحماس.. أما أن يتجاهل الإخوان كل هذه التقارير ويصدقون ادعاء محامى إسرائيل، فهذا يعنى أنهم أصحاب غرض، والغرض مرض كما يقولون.. والإخوان مرضى بعشرات الأمراض النفسية والوطنية والعقلية كما نعرف جميعًا، وإذا انتقلنا من موضوع الاتهام.. وهو موضوع تافه لاتهام أكثر تفاهة.. إذا انتقلنا من الموضوع للشكل، فسنجد أن ما ساقه محامى إسرائيل ينتمى لما يسمى فى القانون بـ«الدفوع الشكلية»؛ بمعنى أن الدفع يستند هنا للشكل لا للموضوع.. فإذا عثرت الشرطة مثلًا على حقيبة مخدرات داخل سيارة فى الشارع، فإن الدفع الشكلى يكون أن السيارة كانت بعيدة عن رقابة مالكها، وأنه من الوارد أن شخصًا ما تمكن من فتحها ووضع المخدرات داخلها، وإذا كانت السيارة داخل جراج مثلًا كان الدفع الشكلى أن مفتاح السيارة فى حوزة أكثر من شخص ممن يعملون فى الجراج، وبالتالى فإن التهمة تصبح شائعة بين أكثر من شخص ويصعب اتهام صاحبها أو اتهام شخص بعينه.. وهكذا ساق محامى إسرائيل دفعًا شكليًا بأن مصر مسئولة قانونيًا وأمنيًا عن معبر رفح، وهى حقيقة سليمة مئة فى المئة، لكن الحقيقة أن إسرائيل فى حومة إحساسها بالذل عقب عملية طوفان الأقصى أخذت تضرب الجانب الفلسطينى من المعبر بشكل يومى، ما جعله غير صالح لاستقبال المساعدات، والحقيقة أن الرئيس السيسى وجه عقب بدء العدوان على غزة بدقائق بتوجيه المساعدات للقطاع، وأن إسرائيل فى ذروة إحساسها بالذل صرحت بأنها لن تسمح بدخول المساعدات، ورد الرئيس السيسى بالتوجيه بمزيد من المساعدات لغزة، وفرضت مصر دخول المساعدات بعد يوم واحد من التصريح الإسرائيلى حين رفضت خروج الأمريكيين من قطاع غزة إلا بعد السماح بدخول المساعدات، وقد حدث هذا بالفعل من خلال ضغط أمريكى على غزة، وقد استضافت مصر على أرضها الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس المحكمة الجنائية الدولية، وذهب كل منهما إلى معبر رفح، واكتشف كل منهما وقتها أن الدخول للقطاع مستحيل أمنيًا بسبب الغارات الإسرائيلية الملتاثة والمتواصلة على الجانب الفلسطينى من المعبر، ولم يكن يخفى على مصر شكوى إسرائيل للعالم كله وادعاؤها بأن مصر تساعد حركة حماس، وهو ادعاء كاذب أرادت مصر أن تبطله واستمرت فى مساعدة أهل غزة بكل الأشكال وطوال الوقت، ولعل أكثر من يعرف حقيقة موقف مصر هم أهل غزة وقادة الفصائل المقاومة فيها، ويكفى مصر شرفًا أنها رفضت كل الإغراءات، وتحملت كل الضغوط، وأفشلت مخطط تهجير أهل غزة لسيناء، الذى لو تم لما كانت هناك قضية فلسطينية من الأساس.. موقف مصر من أهل فلسطين مشرف وناصع، ولكن جماعة الإرهاب تمارس العند الذى يورث الكفر، والجماعة كافرة منذ زمن طويل بكل ما هو نبيل وشريف فى حياة المصريين.