100 يوم من الحرب على غزة.. صحفى: إسرائيل تستهدفنا بشكل متعمد لإخفاء الحقيقة عن العالم
اضطر سامح أبودية، صحفى فلسطينى من بيت لاهيا شمال قطاع غزة، للنزوح أكثر من ٧ مرات، حتى وصل إلى أقصى الجنوب فى مدينة رفح، وفق ما قال لـ«الدستور».
وأضاف «أبودية»: «فى أول يوم للعدوان الإسرائيلى على غزة، نزحت أول مرة مع عائلتى إلى منطقة أخرى فى الشمال، بعد استهداف وقصف منزلنا، لكن سرعان ما تم قصف المنزل، فانتقلت إلى منزل الجيران، ومنه إلى منزل شقيقى».
وواصل: «خلال فترة الهدنة نزحت إلى منطقة الأوروبى، وبسبب الازدحام الشديد فيها نزحت مجددًا إلى خيمة نصبتها فى منطقة الفخارى بأرض زراعية، لكن قبل أيام قصف الاحتلال المنطقة بالمدفعية وقنابل الدخان والفسفور، فكان نزوحى الأخير إلى خيمة نصبتها بأرض زراعية على الحدود الفلسطينية المصرية».
وشدد على أن عملية الانتقال والنزوح تمثل رحلة صعبة وقاسية جدًا، خاصة أنها تكررت ٧ مرات خلال أقل من ١٠٠ يوم، انتقل خلالها مع عائلته المكونة من زوجته و٣ أطفال، أصغرهم رضيع، وسط معاناة شديدة جدًا، وفقدان كل شىء، بالتزامن مع إصرار جيش الاحتلال على حرب التجويع حتى الموت، دون أن يكتفى بالقصف فقط.
وأكمل: «أقيم حاليًا فى مدينة رفح الفلسطينية، التى تعانى مأساة شديدة جدًا، ربما لم يمر العالم بمثلها من قبل، وعلى الأقل نحن لم نرَ أو نسمع عن مثلها خلال كل الحروب السابقة، فالظروف صعبة على كل الأصعدة، ونحن نحيا فى مأساة مركبة، والمجاعة والأمراض تضربنا، وأصيب جميع أفراد أسرتى بالمرض، حتى طفلى الرضيع لم يسلم من الأمراض، بسبب التكدس والازدحام الكبيرين».
ونوه إلى وجود مليون و٩٠٠ ألف شخص يعيشون فى مدينة رفح، التى لا تزيد مساحتها على ٥٥ كم فقط، مضيفًا: «كل شىء فيها مفقود، فالغذاء مفقود، والمساعدات لا تصل بالصورة التى تكفى الأعداد الهائلة، هذا بجانب نقص الأدوية فى لحظات المرض والإصابة، لذا يحاول الأهالى السيطرة على الأمور بطرق بدائية».
وأضاف: «لم تعد هناك أدوية أو مستلزمات متوافرة فى المستشفيات والمراكز الطبية، حتى الطعام أصبح غير متوافر، فقط هناك بعض المعلبات التى تأتى من الحبوب، والخبز نحصل عليه بصعوبة، فالطوابير طويلة، وأزمة المياه حدث عنها ولا حرج، والحصول عليها معاناة أصعب، وهناك حاليًا نوعان من المياه، نوع للنظافة والاستحمام، وهذا يصل مرة كل ١٠ أيام، لمدة ٣ أو ٤ ساعات، أما مياه الشرب فمعاناتها أكبر، لأن أطفالنا يضطرون للذهاب لمسافات بعيدة حتى يحصلوا على بعض المياه الصالحة للشرب».
وواصل: «اليوم أنا موجود بخيمة بنيتها رفقة شقيقى، يعيش داخلها ١٣ شخصًا، فى مساحة لا تتعدى ٣٠ مترًا، وبجوارى خيمة فيها باقى أفراد أسرتى ويعيش بها ٢٠ شخصًا، دون أدنى مقومات للحياة فى فصل الشتاء، فالأمطار والبرد يضربان الخيام، ودورات المياه لم تعد متوافرة، حتى الاستحمام للنظافة الشخصية لم نعد قادرين عليه لانعدام المياه، وإذا توافرت نسخن المياه بالوسائل البدائية لتحميم الأطفال، ونلجأ لإشعال الحطب والخشب لطهى المعلبات وللتدفئة، ولدينا وجبة واحدة فى اليوم، وربما بحد أقصى وجبتان، حسب المتوافر وما يصل من مساعدات، فنحن كآباء نتنازل عن حصصنا من الطعام من أجل أطفالنا».
وقال «أبودية» إنه بعد ١٠٠ يوم من الحرب، حتى فى حال توقفها، فهناك مشكلة أكبر سيواجهها الأهالى، حال رغبوا فى العودة لديارهم ومنازلهم المدمرة فى الشمال، فمدينة غزة والشمال تهدم أكثر من ٧٠٪ من منازلها، والباقى أصبح غير صالح للسكن، وبالتالى فالمعاناة ستزيد، مضيفًا: «رغم ذلك، ربما تقلل العودة إلى منازلنا من حالة التكدس وتخفف من الأمراض والضغط النفسى والتوتر الذى أصاب الكبار والصغار، على حد سواء».
وعن استهداف الصحفيين، كشف عن وصول أعداد الضحايا منهم إلى المئات، بين شهيد وجريح ومفقود، فى ظل أن الاحتلال يستهدف عين الحقيقة والصحفيين بشكل متعمد، حتى لا ينقلوا الحقيقة والصورة للعالم، وكان آخرهم الشهيد الصحفى أحمد بدير وعائلته.
وأضاف: «أكبر دليل على استهداف الصحفيين وأسرهم، ما حدث مع الزميل وائل الدحدوح، الذى فقد زوجته وأبناءه وأحفاده فى الحرب، ثم فقد ابنه البكر الصحفى حمزة الدحدوح».
وواصل: «رسالتنا كصحفيين للعالم هى أن هذه الاستهدافات لن توقفنا، والاحتلال لن ينجح فى منع الصحفيين من نقل الصورة والمعاناة للعالم، حتى يرى الجميع أن هذا الاحتلال الهمجى البربرى لن ينجح مهما حاول إخفاء الحقيقة».
وكشف عن أن الأُمنية الأولى للمواطنين اليوم فى غزة، السماح بعودة أهالى الشمال إلى منازلهم، حتى لو اضطروا لنصب الخيام فيها، فهذا أفضل من الوضع الحالى، لأن القصف مستمر، حتى فى رفح التى يزعم الاحتلال أنها آمنة، وهناك فى كل يوم مجازر جديدة فى المدينة، وبسبب التكدس تكون أعداد الشهداء كبيرة جدًا، لهذا نناشد العالم أجمع بالضغط بكل الوسائل على إسرائيل للسماح بعودتنا إلى الشمال، وتخفيف الضغط، حتى تستطيع الطواقم الطبية إغاثة الأهالى.