دولة جنوب إفريقيا.. والمحكمة الجنائية الدولية
تابعت كالملايين غيري جلسات القضية المنظورة أمام محكمة العدل الدولية، والمرفوعة من دولة جنوب إفريقيا ضد دولة إسرائيل بتهمة استخدامها الإبادة الجماعية بحق شعب غزة الفلسطيني.
الغريب أن تونس وبلادًا أخرى اعترضت على رفع القضية في محكمة العدل الدولية المختصة بالمنازعات بين الدول، باعتبار أن هذا اعتراف ضمني بأن إسرائيل دولة، وهي مجرد كيان صهيوني.
يتساءل البعض لماذا دولة جنوب إفريقيا بالذات وليست أي دولة عربية أو حتى أوروبية هي التي تولت رفع القضية؟.. وهل الضمير الإنساني عالي النبرة في تلك الدولة المتذيلة قارة إفريقيا دون غيرها؟.
وتأتي الإجابة سريعًا.. فدولة جنوب إفريقيا عانت كثيرا من اتهامها بالعنصرية والإبادة الجماعيه لأهل البلد الأصليين، واضطرت بالفعل لتوقيع اتفاقية في الأمم المتحدة عام ١٩٤٨ بهذا الخصوص، في البند التاسع، وتسمى "اتفاقية الإبادة الجماعية"، تلزم هذه الاتفاقية جميع الدول الموقّعة ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية بل وبمنعها والمعاقبة عليها، وقد وقّعت عليها أيضا دولة إسرائيل.
القضية أزعجت إسرائيل تماما.. حتى إن رئيس وزراءها، بنيامين نتنياهو، فقد أعصابه وخرج علينا يتهم جنوب إفريقيا بالتدليس وقلب الحقائق، وأنها قدمت صورة مشوهة بشكل صارخ. فمن وجهة نظره أن إسرائيل هي من تتعرض للإبادة الجماعية من حركة حماس والشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة وغير المجاورة.
دولة جنوب إفريقيا أعدت أوراقها جيدا للقضية.. وكونها ليست دولة معادية لإسرائيل فهي تتمتع بالمصداقية التامة.. جمعت كل تاريخ إسرائيل الأسود ومذابحها ضد الشعب الفلسطيني.. وركزت على تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي فرض حصارا كاملا على قطاع غزة، وأمر بوقف إمدادات الغذاء والطاقة للقطاع، بعد أن منع عنه المأكل والمشرب والدواء والبترول، ووصف شعب غزة بأنهم "حيوانات بشرية".
القضية قد تطول، خاصة أن إسرائيل لن تجد دولة تحميها بالـ"فيتو"، لكن مهما كانت النتيجة فالعالم الحر بعد أن ظهرت الحقيقة يأمل أن تكون هي آخر مسمار يدق في نعش إسرائيل.