خبراء فلسطينيون يعلقون على محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية
علق عدد من الخبراء الفلسطينيين على انعقاد محكمة العدل الدولية جلسة لمحاكمة إسرائيل علي جرائمها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ ما يقارب مائة يوم التي أسفرت عن وقوع أكثر من 23 ألف بين شهيد ومفقود بجانب آلاف الجرحي والمصابين غالبيتهم من النساء والأطفال.
العصا: صرخة دولية في وجه الظلم والطغيان
أكد عزيز العصا الكاتب والسياسي الفلسطيني، جلسة العدل الدولية لمحاكمة إسرائيل، أن جلسة محكمة العدل الدولية تشكل صرخة دولية في وجه الظلم والطغيان الاستعماري الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، المتحالف مع الصهيونية التي تقود الدولة العبرية.
أشار العصا، لـ"الدستور"، إلي أن الجلسة تأتي في الوقت الذي يغطي فيه الغرب الاستعماري على جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة منذ ما يقرب ما مائة يوم، ويدعو إلى الاستمرار فيها إلى ما لا نهاية.
أضاف أن قرارات هذه المحكمة لن تغير من مواقف الحلف الاستعماري، ولن يتم تطبيقها بما يؤثر على سير العمليات العسكرية في الميدان، بسبب الرفض الأمريكي المسبق لها، وإنما ستكون ذات أثر كبير في تأجيج رأي عام جماهيري عالمي، وفي الشرائح المجتمعية المختلفة على مستوى العالم أجمع، يلقي بظلاله، على المدى البعيد على الحكومات المنضوية في التحالف الموصوف أعلاه.
وتابع "أما ما سيغير الموازين لصالح قطاع غزة وسكانه، فمرهون بصمود المقاومة، الذي سيجعل دولة الاحتلال أمام الحقيقة القائلة بأن الشعب الفلسطيني، في غزة والضفة، يشكل الرقم الصعب الذي يستحيل تجاوزه أو القفز عن حقه الطبيعي في إقامة دولته، وبناء مؤسساته الوطنية، كدولة عضو في المنظومة الدولة".
عمر: أي خطوة لملاحقة إسرائيل والوقوف الى جانب الفلسطينيين
من جانبه، قال د.عماد عمر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن جلسة محكمة العدل الدولية جاءت وفق دعوة توجهت بها جنوب إفريقيا حول ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة تاتي في وقت فيه مساعي حثيثة لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة وخاصة مع انعقاد القمة الثلاثية اليوم في العقبة تضم الرئيس السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس والملك الاردني عبد الله الثاني، والجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في المنطقة.
وأوضح عمر لـ"الدستور"، أن قرارات محكمة العدل الدولية غير ملزمة الا بعد مصادقة مجلس الامن الدولي عليها والذي يضم خمسة دول دائمة العضوية والتي من ضمنها الولايات المتحدة الامريكية التي عادة ما تستخدم حق النقض الفيتو.
وأكد عمر أن هذه الدعوة تحمل دلالات عدة في هذا التوقيت بالذات يثبت بأن إسرائيل دولة فصل عنصري وترتكب جرائم ابادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني الى جانب ان هذه الدعوة سوف تحرج الولايات المتحدة الامريكية من استخدام الفيتو فيما اذا عرضت قرارات المحكمة على مجلس الامن للمصادقة عليها الا في حال قامت اسرائيل بتغيير مسار الحرب والسماح لسكان غزة والشمال بالعودة الى بيوتهم والدلالة الاخرى هي ان الخيار العسكري مرفوض من قبل الجميع ولن يجدي نفعا ولم يجلب سوى الدمار وعدم الاستقرار في المنطقة.
ختم عمر تصريحه بالقول أن اي خطوة لملاحقة اسرائيل والوقوف الى جانب الفلسطينيين تشكل نقطة قوة ودعم للشعب الفلسطيني وقضيته في ظل حرب الابادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل مع وجود حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل التي تضم سموتريتش وبن غفير.
أبو لحية يكشف أهمية جلسة العدل الدولية
وقال د.جهاد أبو لحية أستاذ القانون والنظم السياسي، تكمن أهمية إقامة الدعوى أمام محكمة العدل الدولية في أنه يمكن اعتبارها بداية لمعاقبة اسرائيل على جرائمها بحق شعبنا الفلسطيني والتي امتدت إلى اكثر من 76 عامًا ولم تحاسب اسرائيل على أي جريمة من جرائمها الخطيرة التي تشكل انتهاك جسيم للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، حيث سيترتب بناءً على نتيجة هذه الدعوى كثير من المسائل القانونية والسياسية المهمة.
وقال أبو لحية، لـ"الدستور"، إن من صلاحية المحكمة اتخاذ تدابير مؤقتة فورية بالتالي سوف يؤدي هذا الى وقف إطلاق النار بناءً على قرار المحكمة والذي سوف يتم إحالة هذا القرار في حال لم تنفذه اسرائيل إلى الأمين العام للأمم المتحدة والذي بدوره سيحيله إلى مجلس الأمن لتنفيذ القرار وإجبار اسرائيل على وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ 96 يومًا وبالتالي فإنه سوف تحمي المواطنيين الفلسطينيين الساكنين في غزة من آلة القتل الاسرائيلية التي لم تتوقف للحظة واحدة طوال الوقت الذي تُنظر به الدعوى أمام المحكمة.
وأوضح أبو لحية أن الأهمية الثانية وهي تكمن في إدانة اسرائيل على ارتكابها جريمة الابادة الجماعية حيث إن الأدلة دامغة في هذا السياق وتؤيد الدعوى التي رفعتها دولة جنوب افريقيا،وبالتالي فإن الادانة سوف تشكل سند قانوني مهم لمقاضاة المجرمين الاسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية أيضًا وهذا سيشكل قوة ضغط على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي لم يقم بأي دور جدي حتى اللحظة في التحقيق بما يحدث في غزة رغم ان نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ١٩٩٨ يوجب عليه مباشرة التحقيق بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
وأشار إلي ان الأهمية الثالثة للدعوى أنها فيما اذا حكمت المحكمة بإدانة اسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية فإن هذا الحكم سينسحب أثاره الى الولايات المتحدة وذلك استنادا إلى البند (ب) من المادة ٣ باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام ١٩٤٨ وذلك بتهمة التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية حيث انها منعت اكثر من مرة من خلال استخدامها حق النقض الفيتو من اصدار قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن الدولي وفضلًا عن إرسالها آلاف الأطنان من المتفجرات والذخائر لاسرائيل لاستخدامها في جريمة الإبادة الجماعية.
وأوضح أستاذ القانون أن الأهمية الرابعة لهذه الدعوى أنها ستساعد في ملاحقة المجرمين الاسرائيليين في الدول التي تتبنى مبدأ الولاية القضائية الدولية الذي يتلخص هذا المبدأ في محاكمة مرتكبي الجرائم التي تشكل انتهاك جسيم للقانون الدولي أمام قضائها الوطني بغض النظر عن جنسية الجاني أو جنسية الضحية أو المكان الذي تمت به الجريمة وذلك استنادًا إلى العديد من النصوص الدولية التي تتيح تبني هذا المبدأ القانوني المهم ومنها المادة (١٤٦) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام ١٩٤٨، حيث يحقق تبني هذا المبدأ وتطبيقه مصلحة مهمة للمجتمع الدولي وللإنسانية جمعاء.