رئيس هيئة تعليم الكبار: الأمية خطر على التنمية الاقتصادية وتطور المجتمع
قال رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لتعليم الكبار المهندس رائد هيكل، إن الأميّة خطر على التنميّة الاقتصادية، والاجتماعيّة، وعلى تطور مجتمعنا العربي، وتُشكّل أهم التحديات التي تعيق سبل التنمية كما تعيق مشروعات الدول العربية.
جاء ذلك في كلمة المهندس رائد هيكل اليوم، أمام احتفالية اليوم العربي لمحو الأمية تحت شعار "لحياة كريمة.. اقرأ واكتب"، والتي نظمتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برعاية وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور رضا حجازي بالتعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار بجمهورية مصر العربية.
ونبه "هيكل" إلى أن الأمية تعد حجرة عثرة في سبيل النمو الاجتماعي والاقتصادي، حيث تجعل مواطني أمتنا أكثر عرضة للاستلاب والجنوح نحو العنف والإرهاب، وكافة المشكلات الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الثورة الرقميّة التي حولت العالم إلى مجتمع رقمي تسوده المعلومات - سواء بشكل إيجابي أم سلبي- ويبث خلالها نيران الحقد والتعصّب والكراهية، وتمارس خلاله أنواع من التنمر والابتزاز.
وقال إن التعليم حق للجميع، وهو السبيل إلى إطلاق الطاقات الإبداعية للمواطنين، دون النظر عن أعمارهم أو جنسهم أو قدراتهم أو حاجاتهم وهذا يستوجب على الدول وبخاصة دُولنا العربية ضمانه وتأمينه؛ فهو مقياس تقدمها ورقيها، مضيفًا "يعتبر مؤشر نسبة الأميّة دالًا على مدى التزام الدول بواجبها نحو تحقيق التعليم للجميع، ومدى استثمار المواطنين للاستفادة من حقهم بالتعليم والمشاركة في بناء وطنهم".
وتابع "هيكل": "اليوم العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار في الثامن من يناير من كل عام يجعلنا نعيد قراءة الجهود المبذولة والسياسات المُتبعة قراءة ناقدة لأجل تكثيف الجهود والعمل على جودة تعليم الكبار وتعليمهم وإعدادهم للمستقبل وجودة الحياة".
ولفت إلى أنه على الرغم من الجهود المبذولة من الدول العربية طيلة الفترة السابقة، إلا أن التحديات ما زالت كبيرة، حيث يبلغ عدد الأميين قرابة سبعين مليون مواطن عربي بنسبة تصل إلى 21% تقريبًا؛ وهذه التحديات ازدادت خطورتها نتيجة عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة وما ترتب عليها من نزوح ولجوء في بعض الأقطار العربية.
وأشار إلى أنه ما زالت تداعيات جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية شاخصة في واقعنا الميداني وما ترتب عليها من زيادة الفاقد التعليمي والارتداد، وكل هذا يجعلنا نعيد قراءة أساليبنا التعليمية وطبيعة برامجنا من جديد للتحسين والتجويد والتدخل بإجراءات تنفيذية لتحقيق أهدافنا التي تتسق مع أهداف العقد العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار.
وأكد ضرورة تكثيف جهود محو الأمية وتعليم الكبار والتي ستتمثل في الاعتماد على المداخل التنموية في تعليم وتعلم الكبار وليس مجرد محو الأمية الأبجدية، والتحول من التعليم الفردي إلى قرى وأحياء ومدن التعلم، وتكثيف الجهود للاهتمام بتعليم وتعلم الإناث وبخاصة في الدول التي تعاني حالات الطوارئ والنزوح وعدم الاستقرار السياسي وتقديم الدعم النفسي لهن، والتحول من فكرة اكتساب المهارات الأساسية للتمكين بشتى صوره وأنواعه.
ودعا إلى ضرورة التأصيل لمفهوم التعلم مدى الحياة ومواصلة التعلم، والتحول للتعليم المدمج واستثمار المستجدات التكنولوجية، وتوسيع نطاق الشراكات بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص في تعليم الكبار، وإنتاج وتطوير مناهج وأدلة لتعليم وتعلم الكبار تعنى بالمواطنة والتسامح ونبذ العنف والإرهاب والتأصيل للتعلم مدى الحياة.
وقال إن الحُلم كبير، ويحتاج منا العمل بجد واجتهاد لتستعيد مصر وأمتها العربية المكانة التي تليق بها كمنارة للعلم والمعرفة للعالم أجمع، مؤكدًا أنه مهما كانت التحديات فالآمال رحبة والأخذ بالأسباب التزام ويقين من أجل غدٍ مشرقٍ لمواطنينا ووطننا العربي الكبير.
وتضمنت الاحتفالية عرض تجارب بعض الدول العربية (السعودية، العراق، لبنان) في تفعيل أنشطة العقد العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، كما تم عقد مائدة مستديرة حول التعلم مدى الحياة والمتغيرات الإقليمية وتأثيرها على تعلم الكبار وتعليمهم من خلال عمل "إطار مراكش" وقمة تحويل التعليم في الوطن العربي بمشاركة وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب والرياضة، والجامعات المصرية، وأساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين في مجال تعليم وتعلم الكبار، والاتحاد العام للجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني والمجالس القومية المتخصصة، والمراكز القومية البحثية، والمركز الإقليمي لتعليم الكبار بسرس الليان، وأسقفية الخدمات.
شارك في الاحتفالية الدكتور حجازي إدريس، مستشار وزير التربية والتعليم للتعلم مدى الحياة، وراندا حلاوة، رئيس الإدارة المركزية للتسرب من التعليم ومحو الأمية بوزارة التربية والتعليم، والدكتور طلعت عبدالقوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، والدكتورة هالة رمضان، رئيس المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والدكتور محمد القاضي، مدير مركز تعليم الكبار بسرس الليان، وعدد من أساتذة الجامعات المصرية، ولفيف من منظمات المجتمع الدولي والعربي والمصري.
يذكر أن مصر صاحبة مبادرة إطلاق العقد العربي لمحو الأمية، والذي اعتمدته القمة العربية التي انعقدت في دولة الكويت عام 2014 وذلك بإعلان العقد الحالي عقدًا للقضاء على الأمية في جميع أنحاء الوطن العربي، واعتماد برنامج عمل يهدف للتخلص من هذه الظاهرة خلال عشر سنوات (2015 - 2024).
ويحتفل العالم العربي في الثامن من يناير من كل عام باليوم العربي لمحو الأمية، والذي يأتي فرصة لتذكير العالم بالتحدي الذي يعيق الجهود العربية نحو التقدم والتنمية، كما يُسلط الضوء على أهمية توحيد الجهود العربية بهدف القضاء على الأمية، والدعوة إلى بذل المزيد من العمل الدءوب، وتضافر كافة الجهود الوطنية والإقليمية والدولية وابتكار أساليب غير تقليدية قادرة على مواجهة الأمية والتغلب عليها.