كيف يؤثر اغتيال "العاروري" على نشاط حماس في الضفة الغربية؟
اغتالت إسرائيل صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أمس الثلاثاء، والذي كان القائد العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، كما اُغتيل أيضًا اثنان من قيادي الحركة هما سمير فندي، وعزام الأقرع، كما قتل ستة أشخاص آخرين في الانفجار الذي وقع في منطقة الضاحية في جنوب بيروت، والذي نفذته إسرائيل بطائرة مُسيرة. ومن المتوقع أن يكون لعملية الاغتيال أثر واضح على نشاط الحركة في الضفة الغربية.
رجل حماس في الضفة
بالنسبة لإسرائيل فإن "صالح العاروري" يتقلد أهم منصب لحركة حماس في الضفة الغربية، فهو من يحرك نشطاء الحركة في الضفة الغربية، ومن المهم الإشارة إلى أن الشاباك والجيش الإسرائيلي يعملان بقوة شديدة في الضفة الغربية خلال تلك الفترة بالتوازي مع العمليات العسكرية في قطاع غزة.
الهدف الرئيسي لـ"إسرائيل" من العمليات في الضفة الغربية هو تشكيل واقع جديد هناك في اليوم التالي للحرب، وبالإضافة إلى عدد المعتقلين والقتلى حتى الآن، فقد تم منذ بداية الحرب تدمير ثمانية منازل لنشطاء حماس والاستيلاء على مئات الأسلحة، العشرات منها مملوكة لنشطاء حماس، وتمت مصادرة أكثر من 30 مليون شيكل في عشرة مكاتب صرافة مرتبطة بحركة حماس، بحسب تقرير لـ"إليشع بن كيمون" نشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت.
حجم الأسلحة التي عثر عليها الشاباك والجيش الإسرائيلي في الضفة يشير إلى حكم تواجد حماس في الميدان وهو ما كان حتى الأمس تحت رعاية وتنظيم "العاروري".
من ناحية أخرى فإن صالح العاروري لعب دورًا كبير في تحويل حماس إلى "وكيل" لحزب الله، فعندما لم يكن نصر الله يريد مواجهة إسرائيل مباشرة، فكان "العاروري" هو رجله الذي يقوم بعمليات بالنيابة عنه، كما حدث بالفعل في عدة حالات لإطلاق الصواريخ على إسرائيل من الأراضي اللبنانية في 2022-23.
إلى جانب العاروري، قُتل اثنان من الحركة - سمير فندي، رئيس الوحدة التكنولوجية لحماس في لبنان والذي كان مسؤولًا عن العديد من عمليات إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل من لبنان، وهو كذلك قائد كتائب عز الدين القسام في لبنان، وبحسب "مركز المعلومات الاستخبارية والإرهاب" كان يعتبر في السنوات الأخيرة أيضا همزة الوصل بين حماس والحوثيين.
سلمت الأحزاب السياسية في لبنان هذا العام حزب الله قائمة بأسماء أعضاء حماس الذين يخططون لعمليات ضد إسرائيل من الأراضي اللبنانية - وكان "فندي" على رأس القائمة، كما تشير التقديرات أن وابل الصواريخ الذي على أطلق من لبنان على إسرائيل في عيد الفصح هذا العام، كان "فندي" هو من يقف خلفه إلى جانب العاروري
أما القتيل الثاني من الحركة هو عزام الأقرع، وهو ناشط كبير، وفقًا للمخابرات الإسرائيلية وهو المسؤول عن العديد من الهجمات داخل إسرائيل، وكا في السابق عضوا بارزا في مقر حماس في سوريا، وبعد إحباط هجوم انتحاري عام 2011 في حي بسغات زئيف بالقدس، لوحظ أنه هو من قام بتنشيط أحد المعتقلين.
وبعد خروج حماس من سوريا، في أعقاب الحرب الأهلية، نقل الأقرع مقره إلى المملكة العربية السعودية، حيث كان مسؤولا عن الهجمات في الضفة ثم انتقل بعد ذلك إلى تركيا وعاش في إسطنبول، ثم عاد إلى لبنان.
كيف ستتأثر حماس؟
اغتيال صالح العاروري يوجه ضربة قوية لقدرة حماس على القيام بأنشطة ضد إسرائيل في الضفة الغربية، فضلا عن إطلاق الصواريخ وتنفيذ الهجمات من جنوب لبنان ومن سوريا، بيد أن العاروري هو المنسق والمبادر إلى العمليات وحرب العصابات ضد إسرائيل في هذه الساحات منذ إطلاق سراحه من السجن في إسرائيل في مارس 2010.
وخلال السنوات الـ 13 التي مرت منذ ذلك الحين، اكتسب قوة ومكانة سياسية ضمن قادة حماس وذلك بفضل قدرته على المبادرة والتحريض والتخطيط لعمليات ضد إسرائيل في الأماكن التي يعيش فيها، مثل تركيا وسوريا ولبنان.
وقد طُرد العاروري عدة مرات من بلدان اللجوء التي أقام فيها، لكن على الرغم من ذلك حافظ على مكانته داخل الحركة، كمت برز مؤخرًا بسبب العلاقات التي تمكن من إقامتها مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حتى أن نصر الله منح العاروري ورجاله صفة منظمة فلسطينية ذات علاقات خاصة بالمنظمة اللبنانية، كما سمح له نصر الله بوضع مكتبه وشقته في قلب مدينة بيروت، حيث مكاتب ومقرات حركة حماس، وهو ما يدل على قوة الروابط بينهما. كما أنه من الواضح أيضًا أن الشبكة التي أقامها العاروري خارج غزة، في قطر وتركيا ولبنان، ستتاثر بشكل واضح وستصاب بالارتباك عقب اغتياله.
لكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن وفاة العاروري ومساعديه سمير فندي وعزام الأقرع سيضر على المدى القصير بنشاطات حماس في بيروت وفي الضفة الغربية، لكنه لن يغير الواقع.