المنسقة الإنسانية فى غزة
السياسية والدبلوماسية الهولندية سيجريد كاج، Sigrid Kaag، كانت وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائى منذ أكتوبر ٢٠١٧ حتى مايو ٢٠٢١، ووزيرة الشئون الخارجية حتى سبتمبر ٢٠٢١. وفى يناير ٢٠٢٢ صارت النائب الأول لرئيس الوزراء وأول وزيرة للمالية فى هولندا، ثم قررت الاستقالة لتتولى منصب «كبير منسقى الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار فى غزة»، وكتبت فى حسابها على شبكة «إكس» أنها قبلت هذه المهمة الخاصة على أمل المساهمة فى مستقبل أفضل.
على الصعيد الأممى، تولت «كاج» عددًا من المناصب المهمة، من بينها المنسقة الخاصة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبعثة الأمم المتحدة فى سوريا، منذ ٢٠١٣ إلى ٢٠١٥، ثم المنسقة الخاصة فى لبنان حتى ٢٠١٧، إضافة إلى مناصب أخرى فى اليونيسف، ومنظمة الهجرة الدولية، والأونروا، أو وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. و... و... ولم نعرف بعد، رد فعل دولة الاحتلال على قرار تعيينها فى المنصب الجديد، أو الصيغة التى ستعاملها بها. لكن ما قد يطمئن هو أن ماثيو ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، قال إن بلاده ترحّب بهذا القرار، وتأمل فى تنسيق «الجهود المبذولة لتسريع إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية للمدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة».
كانت الحسنة الوحيدة لقرار مجلس الأمن رقم ٢٧٢٠، الصادر مساء الجمعة الماضى، كما أوضحنا، وقتها، هى إنشاء آلية لإنفاذ المساعدات، تحت رعاية الأمم المتحدة، وتعيين منسق أممى رفيع المستوى لتسهيل ومراقبة دخول تلك المساعدات، وتخطى العراقيل التى وضعتها إسرائيل، ولا تزال. وبموجب هذا البند، أو هذه الحسنة، صدر قرار تعيين «كاج»، الذى سيدخل حيز التنفيذ فى ٨ يناير المقبل. وإن كنا لا نعرف كيف سيتم تنفيذه، بعد أن قررت دولة الاحتلال سحب تأشيرات الدخول وعدم إصدار تأشيرات جديدة لجميع موظفى الأمم المتحدة، بعد أن قال أنطونيو جوتيريش، أمينها العام، إن «الهجمات المروعة» التى قامت بها حركة «حماس»، فى ٧ أكتوبر، والتى أدانها بشدة، لا يمكن أن تبرر «العقاب الجماعى للشعب الفلسطينى»، وأكد أنه لا يوجد «طرف فى صراع مسلح فوق القانون الدولى الإنسانى».
لثلاث سنوات تقريبًا، ظلّت الكندية لين هاستينجز، Lynn Hastings، «منسقة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة»، إلى أن أعلنت الخارجية الإسرائيلية، فى أول ديسمبر الجارى، عن عدم تجديد تأشيرتها وإقامتها، بزعم أنها «ليست محايدة أو موضوعية»، فى حين أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن الأخير لديه «ثقة كاملة فى هاستينجز وفى الطريقة التى أدت بها عملها».
المهم هو أن «كاج» تجيد اللغات الهولندية والألمانية والفرنسية والإنجليزية والعربية، ودرست آداب الشرق الأوسط فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وكغالبية السياسيين والمسئولين الغربيين، قالت «كاج»، فى خطاب ألقته الشهر الماضى، إن «حق إسرائيل فى الدفاع عن وجودها وعن نفسها أمر بديهى»، لكنها شدّدت على «ضرورة أن تمتثل أعمال الحرب للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى من أجل تجنب وقوع ضحايا مدنيين أبرياء»، وطالبت بـ«تقديم المساعدات الإنسانية الكافية فى الوقت المناسب».
تأسيسًا على ذلك، وعلى ما ستجده فى الفقرة اللاحقة، نرى أن الدبلوماسية والسياسية الهولندية قد تلعب دورًا مهمًا فى تخفيف حدة المعاناة الإنسانية لسكان قطاع غزة، حال تمكّنها، أو تمكينها، من أداء مهام منصبها، مع تسليمنا بأن الكارثة الإنسانية، التى يعيشها قطاع غزة، لا يمكن حلها بإجراءات جزئية، أو بمسكنات لتهدئة الرأى العام العالمى. وأيضًا، مع تأكيدنا على أن الوقف الفورى لإطلاق النار هو السبيل الوحيد لوقف نزيف الدماء، والضمانة الوحيدة لتوفير البيئة المواتية لأداء أى مهام إنسانية أو إغاثية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن سيجريد كاج متزوجة، منذ سنة ١٩٩٦، من الدكتور أنيس القاق، طبيب الأسنان والدبلوماسى الفلسطينى، المولود فى سلوان بالقدس سنة ١٩٤٧، والذى كان رئيسًا لجمعية أطباء الأسنان بالضفة الغربية بين ١٩٨٢ و١٩٨٤، وعمل منذ ٢٠٠٤ إلى ٢٠١٠ سفيرًا لدولة فلسطين فى سويسرا.