الكنيسة القبطية الكاثوليكية تحيي ذكرى الطوباوي توماس هولاند الكاهن اليسوعي الشهيد
تحتفل الكنيسة القبطية الكاثوليكية بذكرى الطوباوي توماس هولاند الكاهن اليسوعي الشهيد، وبهذه المناسبة طرح الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني، نشرة تعريفية قال خلالها إنه وُلِد "توماس" في لانكشاير بشمال غرب إنجلترا عام 1600م، لأبٍ من طبقة النبلاء ينتمي لعائلة كاثوليكية، هو "ريتشارد هولاند"، تعلم تعليماً راقياً والتحق بكلية اللغة الإنجليزية بسانت أومير.
سفره الى اسبانيا
بعمر الحادية والعشرين، سافر إلى الكلية الإنجليزية في ﭬـيادوليد (بلد الوليد) بإسبانيا، خلال فترة ما يُسمى بـ "المباراة الإسبانية" وهو مفاوضات لعقد مصاهرة بين العائلة المالكة البروتستانتية بإنجلترا والعائلة المالكة الكاثوليكية بإسبانيا، حيث يتم زواج الأمير "تشارلز" إبن ملك إنجلترا "ﭼـيمس الأول" بالأميرة "إنفانتا ماريا آنا" إبنة ملك إسبانيا "فيليب الثالث"، وقد بائت المفاوضات بالفشل رغم الوصول إلى مرحلة توقيع عقد الزواج، بسبب رفض مجلس العموم بإنجلترا لهذه الزيجة.
في عام 1624م، دخل هولاند مرحلة الابتداء بالرهبنة اليسوعية في واتن في جنوب هولندا، ولم يمض وقت طويل حتى رُسم كاهناً في مدينة لييج. ويُذكِرانه تم إرسال هولاند إلى مدريد لطمئنة الأمير تشارلز خلال زيارته إسبانيا لإتمام الزواج، على ولاء طلاب الإكليريكية الإنجليز في ﭬـيادوليد لملك إنجلترا، بصرف النظر عن كونه بروتستانتي وكونهم كاثوليك، لإن الكاثوليكية لا تتعارض مع الانتماء الوطني والولاء لملك البلاد، وهو ما قاله في خطبة ألقاها باللاتينية.
لدى نوال الرسامة الكهنوتية، أدى هولاند القَسَم التبشيري للرهبنة اليسوعية في 29 ديسمبر 1633 م، وشغل منصب وزير في مدينة جينت البلـﭼـيكية، ومُدبر في سانت أومير لدى عودته لإنجلترا، حيث حصل على لقب " موسوعة التقوي" بسبب معرفته الواسعة بالحياة النسكية.
قام بمهنته الدينية الرسمية كمساعد روحي في جينت في 28 مايو 1634م وتم إرساله في البعثة الإنجليزية في العام التالي، على أمل أن يؤدي هذا التغيير إلى تحسين صحته التي أرهقتها الحياة المتقشفة.
لدى عودة الأب هولاند إلى بلاده، كانت قد بدأت حلقة جديدة في اضطهاد الإنجليز الكاثوليك سواء كهنة أو علمانيين. اضطر وقتها لخدمة العلمانيين الكاثوليك بغير هيئته الكهنوتية وتحت أسماء مستعارة مثل "هاموند" و"ساندرسوند"، وقد ساعدته طلاقته في اللغات الفرنسية والإسبانية والفلمنكية في التخفّي لفترة غير قليلة. إلا أن حالته الصحية ازدادت سوءاً بسبب ظروف خدمته، حيث كان عليه أن يبقى في منزله أثناء النهار ولا يتنقل أو يسافر من مدينة إلى أخرى إلا في الليل البارد لتجنب الوقوع في أيدي "صائدي الكهنة" الذين يقومون بالمراقبة والاعتقال المباشر لأي كاهن، كان يتنقل لأداء صلاة القداس في بيوت الكاثوليك حيث حُرِموا من فتح كنائسهم وصلاة قداساتهم، يصلي القداسات ويتلقى الاعترافات ويحاول تشجيع كل من صار يائساً بسبب هذه الأوضاع الخطيرة.
إلى أن تخلّى الأب هولاند على حذره، عندما وصله نداء مريض يحتضر في صباح يوم 4 أكتوبر 1642م، طالباً الاعتراف والزاد الأخير (المناولة)، فخشى الكاهن المُخلِص أن يؤجل الحضور حتى المساء فيسبقه إليه الموت. فاعتقله "صائدي الكهنة" لدى خروجه من بيت المريض، وزجّوا به في السجن الجديد بوسط لندن، ثم ألحقوه بسجن نيو جيت الشهير بلندن، القريب من المحكمة المركزية.
في 7 ديسمبر 1642م، بدأت محاكمته بتهمة الكهنوت والتي توازي الخيانة العظمى في تلك الفترة. إلا أنه لم يكن هناك دليل قاطع على كونه كاهن لأنه لم يتخرج من إكليريكية داخل البلاد، ولم يتم القبض عليه أثناء صلاة القداس، وكان من المؤكد أنه سيُفلِت من حكم الإعدام بمجرد أن يُقسم بأنه ليس كاهناً كاثوليكياً. إلا أن الأب هولاند رفض القسم الكاذب واعترف بكهنوته أمام المحكمة. عندها أقرّت أغلبية هيئة المُحلّفين كونه مذنباً، وصدر الحكم بإعدامه.
عاد الأب هولاند إلى سجنه، في انتظار تحديد موعد إعدامه، وقد حرص على تلقّي الإعترافات طوال اليوم من المساجين الكاثوليك الذين لهم تهمة التستر على الكهنة وإضافتهم في منازلهم، وبعض زملائه من الكهنة والرهبان.
في تلك الفترة إستطاع بعض الرهبان الكبوشيين المتخفيين، تهريب مواد سر الإفخارستيا له داخل السجن، ليصلّي قداسه الأخير مع زملائه السجناء، قبل تنفيذ حكم الإعدام، وكانت هذه أعظم هدية وصلته في حياته.
وفى صباح يوم 22 ديسمبر بعد إحتفاله بالقداس في السجن ثم نُقله إلى مشنقة تيبرن ، وقام بنوال سر التوبة من أخ كاهن كبوشي فرنسيسكاني كان مختبئ بين الحشد . وغفر لجميع الجلادين، وأعطى المال القليل الذي كان لديه للجلاد.
تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً مع شق البطن وإخراج الأحشاء يوم 12 ديسمبر 1642م، ليصبح شهيداً لرسالته بعمر الثامنة والأربعين عاماً، منها تسعة عشر عاماً في الرهبنة اليسوعية.. تمت تطويبه عن يد البابا "پيوس الحادي عشر" عام 1929م.