"الفسطاط وأبوابها".. كتاب للباحث عبد الرحمن الطويل بمعرض القاهرة للكتاب
الفسطاط وأبوابها، عنوان أحدث مؤلفات الباحث عبد الرحمن الطويل، والصادر قبل أيام عن دار العين للنشر، والذي يشارك من خلاله “الطويل”، في فعاليات الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
تاريخ مدينة الفسطاط
يتناول كتاب الفسطاط وأبوابها، تاريخ نشأة مدينة الفسطاط، والتحولات التي مرت بها علي مدار التاريخ، من أول تأسيسها مرورا بالحقب التاريخية المختلفة.
وفي مقدمة كتابه الفسطاط وأبوابها، يذكر مؤلفه عبد الرحن الطويل أنه: في عام 21هـ/ 642م، نشأت الفسطاط على يد عمرو بن العاص في أعقاب الفتح الإسلامي لمصر، وخلال القرون التالية نمت وتوسعت ونشأت لها امتدادات مع الدول اللاحقة، وشكّلت الفسطاط وامتداداتها (مدينة مصر) التي انفردت بدور العاصمة للديار المصرية لِمَا ناف على ثلاثة قرون.
وقد بلغت الفسطاط من سعة عمرانها وعناية أهلها به وبتاريخه أن ولد على أرضها فن الخِطط، وهو اسم لعلم طبوغرافية المدن في التراث العربي، وترعرع هذا العلم في رحاب مسالكها ومعالمها، فظهرت مؤلفاته المبكرة على يد ابن عبد الحكم والكندي وابن زولاق والقضاعي تسرد خِطط الفسطاط وتؤرخ لتاريخها العمراني.
ويمضي في مقدمة الفسطاط وأبوابها مشيرا إلى: وفي عام 358هـ/ 969م، دخل مصرَ جوهر الصقلبي فاتحًا لمولاه المعز لدين اللـه الفاطمي لتنتقل الدولة الفاطمية إلى مصر، وتؤسس عاصمتها الملوكية الخلافتية الجديدة (القاهرة) التي لبثت حينًا قلعةً مغلقة للخليفة وجيوشه، بينما الفسطاط تنمو وتتوسع وتزدهر فيها الصناعات والتجارات والعلوم والآداب، فيما شكلت المدينتان معًا (مصر والقاهرة) عاصمة الديار المصرية.
ثم إن النكبات بدأت تضرب المدينتين مع ضعف الدولة الفاطمية وتحلُّل سلطانها، فأحدثت فيهما خرابًا كبيرًا، والفسطاط تقاوم بما فيها من عمران متراكم، أما القاهرة فكانت الدولة تُعنى بتعميرها فتُنافس الفسطاط شيئًا فشيئًا في عمرانها وتجاراتها، حتى سقطت الدولة الفاطمية وقامت الدولة الأيوبية، ففتحت القاهرة للناس، وباتت أكثر سكانًا، ونافست الفسطاطَ على أنشطتها حتى غلبتها على أكثرها، والنكبات تتوالى كل حين فتُخرب من عمران القاهرة ما تعيد الدولة والناس تعميره، وتُخرب من عمران الفسطاط ما يذهب في ذمة التاريخ.
وبات كُتاب الخطط يلاحقون خراب الفسطاط بالتسجيل، ويلهثون وراء ما بقي من عمرانها بالتوثيق، فظهرت مؤلفات المُهلَّبي والشريف الجواني وابن المتوج وابن دقماق، فيما عُنيت طائفة منهم بخطط القاهرة التي أخذ عمرانها في الازدهار، فكتب فيها ابن عبد الظاهر ثم ابن أيبك ثم المقريزي، الذي بات كتابه أشهر كتب الخطط ومعتمَد هذا الفن.
ويضيف “الطويل” في مقدمة الفسطاط وأبوابها: وحين بلغت المدينتان منتصف العصر المملوكي كانت النكبات استنزفت قدرة الفسطاط على المقاومة، فاستسلمت لمصيرها المحتوم واندثر أكثر عمرانها، وباتت ضاحية وادعة على النيل، بعد أن كانت المدينة الأم والحاضرة العُظمى. أما القاهرة فتوسعت وانبسطت على أضعاف مساحتها الأولى، وصارت الحاضرة العظمى والعاصمة الوحيدة وانتزعت لنفسها اسم (مصر)، لتُمسي الفسطاط (مصر القديمة).
وفي القرون اللاحقة زهد الناس في كتب خطط الفسطاط لاندثار خططها على الأرض، وغلبة الجهل بها بعد العلم، وأقبلوا على مدينتهم الباقية وخططها التي يعرفونها، ورغبوا في كتاب المقريزي، فتكاثرت نُسخه بين الناس وبات وحده معتمَدهم في فن الخطط، وحين طلع فجر العصر الحديث كانت كُتب الفسطاط قد فُقدت وعُدمت نُسخها من أيدي الناس، إلا كتاب ابن دقماق الذي ظل مخبوءًا لخمسة قرون في خزانة جامع البنات بالقاهرة، قبل أن تبعثه الكتبخانة الخديوية من مرقده، وكتاب ابن عبد الحكم القديم الذي كان قد مضى على تدوينه ألف سنة ونَيِّف.