"تحقيقات صحفية في منتهى السرية" كتاب يكشف الحياة الشخصية لعدد من الصينيين المعاصرين
تستعد دار غراب للنشر والتوزيع، لإصدار ترجمة كتاب "تحقيقات صحفية فى منتهى السرية" وهو عبارة عن حوارات تسجيلية تكشف الحياة الشخصية لعدد من الصينيين المعاصرين للكاتبة الصينية أندوين، وترجمة الدكتور محسن فرجاني؛ وذلك وتزامنًا مع انطلاق الدورة الـ55 من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
تحقيقات صحفية في منتهي السرية
عندما تقدمت آندوين، منذ عام مضى، باقتراح عمل التحقيقات التسجيلية لم يكن الاقتراح عفو الخاطر بل كان مشروعًا مدروسًا بعناية، ووافق الجميع على أن يكون باب "التحقيقات التسجيلية السرية" مجالًا جديدًا للتعبير عن مضمون مهم، سوى مشكلة وحيدة طرحت نفسها بقوة على بساط البحث، وهي: هل هناك حقًا أفراد مستعدون لإجراء حوارات تسجيلية سرية؟ وحتى إذا أمكن عمل "تحقيقات سرية" فهل يمكن أن تكون "تسجيلية" ثم كانت المشكلة التي واجهتنا في الأعداد الأولى من نشر هذا العمود هي: من هم الأشخاص الذين يمكن أن يرفضوا عمل التحقيقات؟ وإلى أي درجة يمكن ضمان بقاء هذه العمود وتطوره على الوجه الأكمل؟ وهو الأمر الذي اقتضى دراسة عميقة على يد آندوين.
ورغم أن هذه السلسلة من "التحقيقات التسجيلية السّرية" قد أبرزت تفوقها في امتلاك خبرات عملية مهنية وموهبة فنية جمالية فمازلت أرى أن سبب تفوقها الأكبر هو الإنصات الودي لأصوات مفعمة بالشكوى.
ما من أحد في الدنيا إلا ويرغب في الإفضاء بمكنون قلبه، وهذا اللون من التطلعات لا يقل أبدًا عما عرفته الإنسانية من أشواق منذ زمان بعيد، ففي باطن كل امرئ عالم خفي، وهو العالم السري الباطني الذي يلقي به الناس إلى النسيان تحت الضغوط الذاتية ومتطلبات الحياة والأجواء المحيطة بهم، ومن ثم فإن أكثر ما يجلب السعادة على قلب إنسان هو أن يجد من يثق به وبقدرته على الإنصات الودّي لما يعتمل في نفسه، وكل الذين أفضوا بمكاشفاتهم الشخصية لـ آندوين كانوا يعلمون تمامًا أنها لا تملك حل مشكلاتهم، بل وستقدم على نشرها علنًا في صفحة جريدة ومع ذلك فقد اتخذوا قرارهم بأن الإفضاء بشكواهم الباطنية يمثل نوعًا من الخلاص.
ولعلّ أهم سبب في النجاح الذي لاقته آندوين هو ابتعادها عن مجال حل المشكلات الشخصية لمحدثيها، فقد كان يكفي تمامًا أن تنصت إليهم بكل الحب والتقدير والودّ.