محمد سليمان عبدالمالك: قدمنا كوميديا لم يشاهدها الجمهور من قبل فى «زينهم».. و«صوت وصورة» كسب التحدى (حوار)
- أراهن دائمًا على الاختلاف وألا يتحوّل الفن إلى وظيفة.. وأحب تغيير القواعد المستقرة
- كل ممثل فى «صوت وصورة» نجح فى التفوق على نفسه.. و«زينهم» دمج الكثير من أنواع الدراما
محمد سليمان عبدالمالك.. كاتب له بصمته على الشاشة، ولا شك فى ذلك، فقد تمكن من صناعة أكثر من ٣٤ عملًا دراميًا ناجحًا، وصار من أهم الأسماء فى عالم التأليف، وله بصمات خاصة به وقدرة فائقة فى التعامل مع مؤلفات أسماء كبيرة فى تاريخنا الأدبى وتحويلها إلى أعمال فنية تليق بأسماء هؤلاء الكبار، مثل أحمد بهجت وإحسان عبدالقدوس وآخرين. وخلال الموسم الدرامى الحالى، «الأوف سيزون»، قدم «الدكتور محمد»، كما يلقبه محبوه، عملين على قدر كبير من الأهمية ونجحا فى جذب المشاهد إليهما، رغم اختلافهما عن طبيعة الأعمال المقدمة فى هذا الموسم وهى «المسلسلات القصيرة».. المسلسل الأول هو «زينهم»، والثانى «صوت وصورة»، وقد حققا نسبة مشاهدة عالية. «الدستور» استضافت السيناريست الكبير للحديث عن المسلسلين، بشكل مفصل، فضلًا عن أعماله الفنية خلال المواسم الدرامية المقبلة.
■ نبدأ بمسلسل «زينهم».. هل للاسم علاقة بمشرحة زينهم؟
- صحيح أن المشرحة الأشهر فى مصر هى مشرحة زينهم، لكن المقصود باسم المسلسل ليس تلك المشرحة الموجودة فى السيدة زينب، وكل ما فى الأمر أن البطل يُدعى «زينهم» ويعمل فى مشرحة.. وهذا يتماشى مع نوع المسلسل الـ«لايت كوميدى».
وحاولت تقديم كوميديا جديدة، وكان الأمر مخيفًا بالنسبة لى، لأننى أدرك حجم الانتقادات التى يتعرض لها أى كاتب يحاول تغيير القواعد المستقرة والثابتة.
هذا نوع من أنواع الكوميديا غير المباشرة، وما يحدث من سرقة للجثث ومتعلقاتها هو من خيالى وإبداع منى فقط، لخلق صراعات داخل مجال العمل بين الأطراف المختلفة، ولم نؤكد أن المكان هو مشرحة زينهم، حتى لا نتورط فى وصم المكان، خاصة أن الجمهور يتوحد ويصدق التجربة، لذا قررنا أن نجهل المشرحة، ولكن فكرة أن يكون الدكتور نفسه بطل العمل اسمه زينهم هى فكرة مغرية لربط اسم المشرحة بالدكتور نفسه.
■ ما قواعد الكوميديا الجديدة التى قدمتها؟
- فكرة المسلسل هى دمج الكثير من أنواع الدراما، فسيرى المشاهد الكوميديا فى مزيج مع التشويق ومناقشة الأفكار الاجتماعية وكذا الأمور الغيبية والروحانية، ولم أر أى عمل فنى صُنع بهذا الشكل من قبل، وهذا ما جعلنى أشعر بالخوف، وأتساءل إن كان الناس سيتقبلون هذا النوع من الفن أم سيكون صعبًا عليهم.
وفى داخلى، كنت أراهن على أن هذا العمل قادر على جذب الأجيال الشابة بشكل أكبر، وهذا ما حدث، فالجمهور الرئيسى لهذا المسلسل يبدأ من سن ١٥ عامًا وصولًا للعشرينات.
■ هل كنت تستهدف هذه الفئة من الجمهور من البداية؟
- لا، لم أستهدف جمهورًا معينًا أو فئة محددة، لأننى أعلم جيدًا أن لكل شريحة عمرية لغة وطريقة تفكير مختلفة، واستهداف نوع معين أمر صعب للغاية. ولاحظت أن كل عمل فنى مؤخرًا يراهن على فئة معينة، ففكرت فى صناعة مسلسل قادر على جذب كل الناس، فهناك جمهور يحب أن يرى عملًا فنيًا يناسب الجميع.. كنت أراهن على أن مسلسل «صوت وصورة» سيكون للفئة الأكبر سنًا، و«زينهم» سيكون للشباب أكثر.
■ هل نجح الجمهور فى توقع القاتل الحقيقى؟.. وهل بالفعل جرى إخفاء بقية القصة حتى عن فريق التصوير؟
- لا.. لم يستطع أحد توقع القاتل الحقيقى حتى نهاية المسلسل، وبالفعل أخفينا النهاية عن فريق العمل، ولم يعرف أحد بالنهاية، إلا أنا والمخرج و«القاتل نفسه»، واتفقنا على ذلك من البداية.
علمت أن حالة البحث عن القاتل الحقيقى، قد تتسبب فى تسريب المعلومة وحرق المسلسل، وتعمدنا أن نلعب لعبة مع الجمهور، وهى تسريب مقطع فيديو بقاتل غير حقيقى، لصناعة «mind game».. هذه فكرة المخرج محمود عبدالتواب، وأرى أن هذا المقترح أضاف للمسلسل.
■ هل قصدت أن تجعل والدة «زينهم» هى نقطة ضعفه؟
- زينهم به الكثير من النقاط من الممكن أن نطلق عليها «soft spot»، من بينها قضيته مع والده، وخوفه من والدته باعتباره الابن الوحيد لأمه، وهو شخصية إنسان قوى.
■ وهل قصدت أن يرى الطبيب الشرعى الأشباح من حوله؟
- نعم، لأن فكرة التعامل مع الموتى كانت الفكرة الأساسية بموضوع زينهم، والمسلسل مأخوذ عن كتاب «أصدقائى الموتى شكرًا» للدكتور محمد جاب الله، وكان أشبه بالمراجع لنا.
■ ما ردك على مَن يرى أن هناك مطًا فى الأحداث؟
- أظن أن هذا الإحساس جاء نتيجة لانتشار المسلسلات القصيرة، فقد تكون الأجيال الشابة اعتادت مشاهدة المسلسلات القصيرة، فضلًا عن أن الموضوع مبنى على حل لغز فى الحلقة الأخيرة، وهذا خلق نوعًا من أنواع الترقب والغضب بسبب رغبة الجمهور فى معرفة القاتل. و«إن كان هناك مط فى الدراما، ما كان الناس شاهدوا العمل حتى الحلقة الأخيرة.. الناس كانت هاتزهق فى النص وستتجاهله»، لكن العكس هو ما حدث.
■ كيف ترد على مَن يشبهونه بمسلسل «البالطو»؟
- الحقيقة أن هناك نوعًا كاملًا من الدراما الطبية فى الخارج، وينقسم هذا النوع لشُعب، فهناك دراما طبية تشويقية، بها لغز، وهناك كتابة طبية رومانسية أو كوميدية.. ومشكلتنا أننا تأخرنا عن العالم، وأظن أنه آن الأوان ليكون هذا العالم جزءًا من الدراما، ومن الممكن أن تكون لدينا فى المستقبل دراما طبية بشكل أوقع، وتكون هناك مواسم منها ليكون هناك تطوير للشكل الدرامى.
■ هل أنت راضٍ عن التجربة؟
- نعم، وأراها تجربة أكثر جرأة من مسلسل «صوت وصورة»، فالمخرج يحيى إسماعيل، رغم أنه صنع الكثير من الأعمال على المنصات الرقمية، لكن كانت أول مرة بالنسبة له صناعة مسلسل مكوّن من ٣٠ حلقة.
رهانى هو تقديم جيل من المخرجين الذين يعملون على أعمال بهذا الحجم، كما أننا كنّا نريد نسف فكرة أن يكون مسلسل «الأوف سيزون» قصيرًا، وأنا دائمًا أراهن على الاختلاف وألا يتحوّل الفن إلى وظيفة.
■ إذا انتقلنا لـ«صوت وصورة» المسلسل أعاد اكتشاف الكثير من الفنانين من جديد.. كيف حدث ذلك؟
- فى الحقيقة، كل ممثل فى العمل نجح فى التفوق على نفسه، وأرى أن كلًا منهم قد أبدع فى تجسيد شخصيته، وهذا بشهادة الجمهور. كل نجوم العمل يعتبرون «صوت وصورة» مرحلة مهمة جدًا فى تاريخهم الفنى، وجميعهم كانوا مناسبين للشخصيات التى جسدوها، ورأيت كل ممثل يجتهد لمعرفة أدق التفاصيل عن شخصيته، ليصنع طريقة التحدث والملابس وغيرهما من الأمور.
وأود أن أكشف عن أننى من رشحت صدقى صخر ووليد فواز، وراهنت على هذا الثنائى تحديدًا، والحمد لله كسبت هذا الرهان كما حدث مع المخرج محمود عبدالتواب، وهذا الرهان من أفضل الرهانات التى كسبتها على مدار حياتى.
■ لماذا راهنت على هذه الأسماء تحديدًا؟
- وليد فواز تعرض لمرحلة من «الهبوط»، وهذا باعترافه، وعندما تحدثت معه عن شخصية «عبدالغنى» وافق وتحمس على الفور، أما بالنسبة لصدقى صخر، فعندما شاهدت له مسلسل «ريفو» لفت نظرى بشكل كبير للغاية.. رأيت فيه شيئًا مميزًا، وأرى أن الاعتماد على هذا الثنائى يتطلب جرأة شديدة، منا ومن شركة الإنتاج، ليحصل كل من النجمين على مساحة كبيرة كهذه.
أما بالنسبة لعمرو وهبة، فكان طوال الوقت محصورًا فى أدوار الكوميديا، لتأتى شخصية «وافى» وتكشف عن حقيقته كممثل مهم، وأود أن أؤكد أن المخرج محمود عبدالتواب يعشق الممثل، ويعرف كيف يصنع تناغمًا بين الممثلين.
■ هل قصدت أن تكون شخصية «رضوى» تمثل مفهوم الـ«strong independent woman»؟
- لم تكن هذه الشخصية تحمل هذه الصفات فى بداية المسلسل، بل تحولت لكى تستطيع الحصول على حقها، خاصة أن المجتمع لم ينصفها، والجميع اضطهدها، والحقيقة أننى شعرت بالصدمة حينما رأيت هذه التحليلات.
البعض رأى أن شخصية «رضوى»، التى جسدتها الفنانة حنان مطاوع، قد أخطأت، رغم أنها تتعرض للعنف والتحرش الجنسى، وتحديدًا فى مكان العمل ومن شخص لديه سلطة عليها، فتصاب بشلل فى التفكير، وكنت أقصد تمامًا أن يكون الموضوع جدليًا كما يحدث فى المجتمع على أرض الواقع.
■ هل قصدت طرح قضية الزوج الذى يستغل زوجته ماديًا؟
- نعم، قصدت طرح شخصية الزوج السلبى الذى يعتمد على زوجته، لكن ليس بصورة المدمن أو البلطجى، بل يظهر بشكل مختلف، فإن لم تحب الشخصية فأنت لن تكرهها «هاتصعب عليك»، لأنه نشأ فى مجتمع أقنعه بأن قدراته محدودة.
■ هل وجود الكثير من الأطباء فى أعمالك الفنية له علاقة بكونك طبيبًا؟
- صحيح أننى طبيب، لكننى عملت معيدًا فى جامعة قناة السويس، أى أن التخصص كان أكاديميًا فقط بالنسبة لى، ومن المؤكد أن هذه الدراسة أثّرت على شخصيتى وجعلتنى قريبًا من الإنسان بشكل ما.. لحظات اقترابك من الإنسان لمستوى الإحساس والمرض والحياة والموت، هى لحظات ممتلئة بالمشاعر، وهذا ساعدنى فى الكتابة بلا شك.
■ أخيرًا.. ماذا ستقدم فى السينما؟
- هناك مشروع مؤجل للعام المقبل، رفقة صديقى المخرج عمرو سلامة، لا أستطيع الإفصاح عن تفاصيله.
■ما الجديد الذى ستقدمه فى مسلسلك المقبل «إمبراطورية ميم»؟
- فى الحقيقة كل مرة أضع فى نفسى رعبًا أكثر مما قبله، وتجربتى هذا العام مع المخرج محمد سلامة متفائل بها كثيرًا، ومن المقرر أن ينطلق تصويره هذا الشهر، وأنا مصاب بالتوتر منذ الآن، لأن اسم إحسان عبدالقدوس مسئولية كبيرة جدًا، واسم لفيلم خاص بنجمة كبيرة جدًا شاهده جميع البيوت المصرية، والناس متحفزة، وبشكل أو بآخر الناس جاهزة تهاجمك قبل بدء العرض، وأنا حاليًا أفكر فى كيفية كسر حالة التحفز هذه منذ الحلقات الأولى وهذا السؤال مؤرق.