فكري داود: الحرب على غزة لم يكن يتصورها أعظم كتاب الخيال
قال الكاتب الروائي فكري داود، في تصريحات لـ " الدستور"، حول الحرب علي غزة، وآنية الكتابة عن تداعياتها، إنه رغم أن الحرب الإسرائيلية على غزة لم تنته بعد، فإن أثر ما انقضى منه الحرب، سيكون كبيرا وعظيما سواء على المستوى السياسي أو الفكري أو الأيدولوجي والعسكري.
وأضاف "داود"،عن الحرب على غزة، ما حدث ويحدث لم يكن يتصوره أعتى كتاب السيناريو وأعظم كتاب الخيال؛ إذ كيف يتأتى لفصائل مقاومة، يرميها العدو بالإرهابية، تزلزل كيان دولة الصهيونية، المسلحة بأحدث الأسلحة، والمُسَيَّجَة بجدار عازلٍ عالٍ، يُدار بأحدث الوسائل الإلكترونية، كيف تأتَّي لقوة من هذه الفصائل المقاوِمة، أن تتخطى كل هذا، وتهاجم المواقع والمستوطنات، وتعود بعدد كبير من الأسرى، الصهاينة جنودا وغير جنود.
هجمات الصهيونية على غزة بربرية تنتهك كل الحرمات
وما تلى ذلك، من هجمات صهيونية بربرية على غزة، تنتهك كل الحرمات من قتل للأطفال والنساء ولكل من يتنفس على الأرض، وهدم البيوت والمستشفيات وقطع الماء والكهرباء والوقود، ومحاصرة البشر العزل، وسط مباركة لا يصدقها عقل من أمريكا والغرب.
وتابع الكاتب الروائي في حديثه عن الحرب على غزة، الصهاينة فوجئوا، بأنهم ليسوا في نزهة، سيقضون فيها على المقاومة ويعودون، بعد تهجير الغزاويين العزل إلى سيناء، فقد تكبدوا خسائر فادحة، وباتوا غير قادرين على حسم أية معركة، غير الهدم وقتل الأبرياء الغزل، الذين أعطوا دروسا في الصمود والجلد، والتمسك بالأرض.
الكتابة الآنية المتسرعة لن تعبر عن الحقائق والكواليس التي جرت
وأضاف الكتابة الآنية المتسرعة لن تعبر عن الحقائق والكواليس التي جرت، وعليه لابد من التأني لهضم ما جرى، والتعبير عنه سواء شعر أو نثر أو أي مجال فني أخر.
و واصل "داود" أقول وأنا أنعي آلاف الشهداء الأبرياء، وأدعو لآلاف الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل، لقد كانت دماؤكم الزكية، ثمنا لتحريك قضية وطنكم، وطرحها على العالم من جديد، وبشكل مختلف، ومصباحا أنار لشعوب العالم غرف القضية الحقيقية، التي ظلت مظلمة ومشوهة من قِبَل العدو، لأكثر من سبعين عاما، دماؤكم بصرت العالم صغاره وكباره بالحقيقة، فانتشرت المظاهرات في أنحاء العالم، خصوصا في معاقل التأييد الأعمى للصهاينة، من قِبَل حكوماتهم وحكامهم، الذين اضطروا لتغيير أو لتخفيف نغمة التأييد المطلق.
وتابع نرى لأول مرة، بعض مشاهير الأمريكان ينظمون إضرابا عن الطعام احتجاجا، ونرى الممثلة الأمريكية ’’سوسيا نيكسون‘‘، تشارك في إضراب مُحْتَجٍ عما يدور في غزة، وتطالب العجوز بايدن بإيقاف مذابح الأطفال، مذكرة إياه بوفاة ابنه، متأثرا بأثار الحرب في العراق. كما رأينا الممثلة الإسرائيلية ’’بولا‘‘، تتخلى وتتنصل من جنسيتها الإسرائيلية بسبب الانتهاكات في غزة.
أسئلة تنتظر الإجابة عن غزة وأهلها
وعن أثر الحرب علي غزة في الأدب لفت إلى، كل هذا يمكن الكتابة عنه – لكن على مهل -، فالقصة مستمرة، ولا يعرف سوى الله متى ستنتهي، وإلى أية نتائج ستؤدي، وثمة وقائع لا حصر لها تخلقت، وسوف تتخلق، لا تقتصر على آلية الحرب ونتائجها فحسب، التي يمكن الكتابة عنها عبر أسئلة حاضرة، وأخرى سوف تلحق بها، عبر أسئلة على هيئة ماذا يقول العالم أمام دماء الرضع والنساء والصغار، الذين إذا سألتهم ماذا تحبون أن تكونوا عندما تكبرون؟ أجابوك لا شيء، فمثلنا لا يكبر.
واختتم حديثه عن الحرب علي غزة متسائلا: ماذا سنكتب الآن عن مراسل قناة إخبارية، الذي يباشر مهنته، مضطرًا، لإذاعة خبر استشهاد أهل بيته، فيحمل رضيعه وهو يؤدي عمله باكيا، بعد أن سوى العدو الأرض بهم وببيتهم؟
ماذا نقول - مع ذلك - عن فرح الناس بالهدنة القصيرة، وهم يعلمون أن الهجوم من جديد قادم لا محالة، وكأن ثقافة الموت لديهم باتت درسا محفوظا؟.
أسْرَى اليهود يودعون رجال المقاومة ضاحكين
ماذا نقول في مشهد أسْرَى اليهود، وهم يودعون رجال المقاومة ضاحكين، مودعين بكلمات عربية تشع صدقا، ودلالة ذلك؟ فلا تعذيب ولا تجويع ولا اغتصاب ولا إهمال صحي، رغم افتقاد أفراد المقاومة أنفسهم للشبع أو الرعاية الصحية، التي حرص العدو الصهيوني، على حرمانهم وحرمان كل الغزاويين منهما؟
ماذا نكتب حاليا، إذا ركَبَنَا شَطَطُ الإبداع، وتصورنا أن قصة إنسانية خالصة، بدأت تنمو بين إحدى الأسيرات وبين آسِرها المُقاوِم، الذي قائم على رعاية الأسرى.
كيف نكتب سريعا، عن طفلة الاثنتي عشرة سنة، التي تصيح من تحت الركام في المُسْعِفين اللذين تسمعهم ولا تراهم: اسعفوا أختي وأخي الأصغر وأمي، قبل أن تسعفوني.
إنها أسئلة صعبة ودروس لا يستطيع كبار الكتاب تناولها في عجالة، جبرا لا اختيارا.