صياحكم طرب!
رغم التهاب الوضع فى غزة، فإن الانتخابات الرئاسية تبقى هى الحدث الأهم.. من الواضح أن هناك من يزعجه حالة إقبال المصريين على الانتخابات فى الخارج ويعتبرها مؤشرًا مبكرًا على انتخابات الداخل.. فى السياسة، كما فى كرة القدم، يزعج الأعداء أن يكون الفريق المنافس متوحدًا خلف قائد قوى.. بلا شك، فإن الغرب ودوائر ذيوله ترى أن حاكمًا لا يحظى بإجماع شعبه هو تعامل أسهل وأقل تكلفة.. يمكن لهذه الفكرة أن تفسر لنا حالة الهياج الإلكترونى التى أصابت لجان الإخوان وذيولهم فى الخارج.. هناك موظف دولى متقاعد يمارس الاستظراف السياسى على موقع التغريدات «إكس»، وينسى أن معرفته بالواقع المصرى لا تتجاوز ما رآه من شباك الطائرة فى رحلة عودته لمصر، ثم فى رحلة خروجه منها.. أسهل شىء أن يضع شخص ما قدميه فى بحيرات أوروبا، ويسخر ممن يتعاملون مع الواقع بكل صعابه.. نموذج لنخبة مغتربة عن الواقع ولا تعرف عنه شيئًا سوى ما يتم تدريسه فى دوائر الغرب الأكاديمية أو المخابراتية إن شئت الدقة.. ما يزيد من انزعاج الذباب الإلكترونى أن الإقبال على الانتخابات يأتى كحلقة من سلسلة حلقات تثبت مصر فيها جدارتنا بالقيادة وكفاءة قيادتها.. هناك ميل داخل إسرائيل للاعتراف بمهارة مصر فى التعامل مع سياسات العنصرية التى فرضتها حكومة نتنياهو منذ مجيئها.. محلل جريدة «هآرتس» الإسرائيلية المعارضة تسيفى برائيل لا يكف عن تقريع بنيامين نتنياهو، وتذكيره بتفوق الرئيس السيسى عليه.. وفق محلل «هآرتس» فقد نجح الرئيس السيسى فى التعامل السياسى مع حركة حماس رغم تورطها فى تأييد الإخوان المسلمين.. تقول «هآرتس» إن الرئيس عفا عن تورط حماس مع الإخوان ونظر لها كحركة فلسطينية يمكن التغاضى عن بعض أخطائها.. كان من نتيجة ذلك أن أعلنت حماس عن فك ارتباطها بجماعة الإخوان وحاولت إثبات جدارتها بهذه النظرة الجديدة لها.. بغض النظر عمّا تحاول الصحيفة أن ترمى إليه من مساعدة مصر لحماس، إلا أن ما تقوله صحيح.. العلاقات بين مصر وحماس علاقات سياسية قوية لأن غزة جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، ولأن قضية فلسطين هى قضية مصر التاريخية عبر أكثر من سبعة عقود.. فى هذا المجال أيضًا سنجد أن الموقف الأمريكى من مستقبل غزة يكاد يكون متطابقًا مع موقف مصر منذ بداية الأحداث، ويمكن اعتباره متأثرًا بالموقف المصرى.. عقب لقاءات مختلفة لنائبة الرئيس مع قادة المنطقة ومع الرئيس السيسى قالت «هاريس» إن موقف أمريكا من غزة يقوم على تجريم ضرب المدنيين أولًا، ورفض التهجير القسرى ثانيًا، ورفض إعادة احتلال قطاع غزة ثالثًا، وإقامة سلطة فلسطينية قوية أمنيًا داخل غزة رابعًا، وبدء عملية سياسية تفرز سلطة فلسطينية جديدة خامسًا.. وهذه فى مجملها هى نفس رؤية مصر مع اختلاف طبيعى ومنطقى فى التفاصيل.. هذا الوضوح فى الرؤية المصرية وانتصارها على غيرها فى نهاية المطاف يزعج اللجان الإلكترونية، فيدفعها لإطلاق الأكاذيب حول مصر والتشكيك فى موقفها، من أول الادعاء بقبولها تهجير أهل غزة، رغم أن مصر هى التى أفشلت مخطط التهجير، إلى الادعاء بأنها تغلق المعبر فى وجه المساعدات، رغم أن مصر هى التى توسطت لإقرار الهدنة، وتبرعت بثلاثة أرباع المساعدات بينما تبرع العالم كاملًا بالربع الباقى.. ليس علينا إذن سوى أن ننتظر مزيدًا من صياح اللجان الإلكترونية مع بدء التصويت داخل مصر وما يتوقعه كثيرون من إقبال شعبى على الانتخابات، وأن نعلق على الصائحين بالجملة الكوميدية الشهيرة «صياحكم طرب»!! فإلى مزيد من الصياح!