اختيار طيب من شعب طيب
انطلقت صباح اليوم الجمعة، الانتخابات الرئاسية في مصر، بتصويت المصريين في الخارج لمدة ثلاثة أيام، على وقع خفوت التغطية والاهتمام الإعلامي، بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.. ويتنافس فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، ورئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، الذي يقدم نفسه على أنه المعارض الوحيد للسلطة الحالية.. وقبل أقل من شهر على بدء الاقتراع في الداخل، كان لافتًا عدم مشاركة السيسي في أي فعالية انتخابية، وعدم ظهوره إعلاميًا، وهو غياب وصمت انتخابي يأتي وسط استمرار الحرب بين إسرائيل وغزة ومخاوف من تداعياتها على مصر.
انطلقت انتخابات الرئاسة في الخارج وسط احتفاء، عبر عنه رئيس الاتحاد العام للمصريين بأمريكا ورؤساء الجاليات في أوروبا بأنهم، ينتظرون الانتخابات الرئاسية المصرية لمعايشة فرح حقيقي مع الجالية بالمهجر.. (كما أننا نساعد الأجيال الجديدة بالمهجر على المشاركة في الانتخابات لنربطهم بالوطن)، مؤكدين أن (الرئيس السيسي هو رجل المرحلة المقبلة.. ويكفي أن المصريين يعيشون في أمن وأمان، بينما لا نعيش نحن في أمريكا والمهجر في هذا الأمن).. إننا نعتبر الانتخابات الرئاسية عرس انتخابي، بسبب بعدنا عن مصر، لأنها تشعرنا بأننا نقوم بدور وطني واجب علينا.. وهناك مؤتمرات حاشدة للمصريين بأمريكا وأوروبا، لعرض إنجازات الدولة، والدعوة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، كما أن هناك تحركات لتشجيع المصريين على المشاركة في التصويت في الانتخابات الرئاسية الجديدة، خصوصًا وأن مصر تغيرت كثيرًا في العشر سنوات الماضية.
كان الجدل الدائر في مصر كبيرًا قبل الانتخابات، في ظل أوضاع اقتصادية تعاني من تدهور في سعر العملة المحلية وارتفاع الأسعار.. لكن اختفى كل ذلك بشكل كبير فجأة، وبات التركيز الأكبر، سواء شعبيًا أو إعلاميًا، على الحرب بين إسرائيل وحماس، التي اعتبره سياسيون مصريون، الشاغل الأكبر سيًاسيا وشعبيًا.. وفي وقت أطل المرشحون الثلاثة خلال مناسبات انتخابية وإعلامية، لم يظهر السيسي في فعاليات حملته الانتخابية التي تنظم مؤتمرات وزيارات للتواصل مع الناخبين في الداخل والخارج، وغاب عن أي لقاءات أو مؤتمرات تتعلق بترشحه لفترة ثالثة، ستبقيه رئيسًا لمصر حتى 2030.. لكن في المقابل، ينشغل الرئيس بلقاءات مع زعماء وقادة ومسئولين غربيين وعرب، بجانب اتصالات هاتفية، تتمحور أغلبها حول الحرب وتداعياتها، التي يعتبرها المصريون مسألة أمن قومي، خصوصًا في ظل تصريحات إسرائيلية رسمية وغير رسمية بشأن تهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء.
ورأى السياسيون أنه باندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس وشعور المواطنين بوجود تهديد محتمل، نظرًا للحدود المشتركة مع قطاع غزة، استحوذت تلك المخاوف على المواطن بشكل أكبر، حتى من الأوضاع الاقتصادية السيئة.. ففي حالات الحروب، يكون الأمن والاستقرار أولوية، حتى في ظل وجود أزمات اقتصادية.. الخوف من المجهول وتداعيات الحروب يجعل الناس تدعم الرئيس الموجود.. فما بالنا لو أن هذا الرئيس هو عبد الفتاح السيسي الذي أنقذ مصر، عام 2013، من الاختطاف على يد جماعة الإخوان الإرهابية، وأعاد للشعب المصري أمانه واستقراره، وحفظ لمصر أمنها القومي، عندما هددها الإرهاب من جبهتها الشرقية في سيناء، وحاول أن يأتيها من غربها، من ناحية ليبيا، ثم هو باني مصر الحديثة، التي أصبحت بفضل جهوده، مركزًا إقليميًا، وقوة حاكمة في محيطها العربي ووسط العالم، حتى أن المرشح عبدالسند يمامة، حينما أعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة في يونيو الماضي، أشاد بالرئيس السيسي، وقال في مداخلة تليفزيونية آنذاك، (طالبت في أكثر من مناسبة بتعديل الدستور، لوضع اسم الرئيس عبدالفتاح السيسي بجانب محمد علي وسعد زعلول ـ الزعيمين الأشهرين في تاريخ مصر الحديث ـ لموقفه من ثورة الشعب على حكم الإخوان، في الثلاثين من يونيو.. فهو حجز موقعه في التاريخ).
نعم، تَأثُّر الاقتصاد في مصر بالحرب على غزة، مما دفع صندوق النقد الدولي للحديث عن احتمالية أن يزيد قروضه للقاهرة، ضمن برنامج الإنقاذ المصري، بحسب مجلة (فورين بوليسي)، لكن قضية غزة باتت أولوية، حتى مقارنة بالأزمة الاقتصادية، في ظل وجود تهديد كبير وحقيقي للأمن القومي المصري، في ضوء تقارير وردت من إسرائيل نفسها وغيرها، عن محاولة تهجير الفلسطينيين لمصر.. كما أن هناك خوفًا من توسع الحرب إقليميًا، وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية في البلاد.. وكما يحدث في أي بلد، حينما يكون هناك إحساس بالخطر الخارجي، تكون هناك رغبة في الالتفاف حول القيادة، وخصوصًا في ظل وجود تهديد حقيقي.
ونعم ثانية، للوقوف مع الرئيس السيسي، لأن ذلك يُعد استكمالًا للاستثمارات والتنمية وتأمين الوطن، كون أن القوة العسكرية التي يهتم بها الرئيس تحمي التنمية والوطن والشعب.. ومبكرًا، أعلنت الأحزاب السياسية عن دعمها للمرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، في انتخابات رئاسة الجمهورية المقرر انطلاقها داخليًا لمدة ثلاثة أيام، بدءًا من العاشر من ديسمبر الحالي، لرؤيتها وإيمانها بأنه رجل المرحلة القادر على العبور بمصر إلى بر الأمان.. فالدولة المصرية محاطة حاليًا بالأحداث والاضطرابات، وتهديد حدودها من الجهات الأربع، ضمن مخطط كامل لتطويق القوة الوحيدة بالمنطقة العربية وهي مصر، وعبدالفتاح السيسي هو الوحيد القادر على قيادة مصر لإحباط المخططات الخارجية، لأنه سبق أن تجاوز بمصر العديد من الأزمات والتحديات والمخططات والمعوقات طوال السنوات الماضية، وحولها الشعب المصري بقيادته إلى إنجازات ومشروعات في كل محافظة مصرية، ودعم الاقتصاد بالتوسع في الصناعة الوطنية، وجذب استثمارات أجنبية بإنشاء العديد من المناطق الصناعية الجاذبة للاستثمار، ومنها محور قناة السويس، فضلًا عن العمل على إعادة هوية الشخصية المصرية التي كان قد تم تجريفها على مدار السنوات الماضية، كما أنه من أحدث طفرة غير مسبوقة في مختلف المجالات الصحية والاقتصادية، والتنموية، والعسكرية، في الوقت الذي أحبط فيه جميع المخططات الدولية التي كانت تسعى للنيل من أمن وأمان ووحدة الشعب المصري، ولذلك لا بد من الاتحاد والوقوف خلف الرئيس السيسي والنزول للانتخابات لتجديد العهد معه واستكمال مشوار التنمية والتطوير.
يدرك الشعب المصري أن أمن مصر له الأولوية المطلقة على ما عداه من تحديات تحيط ببلدهم أو تعيشها، حتى ولو كانت لقمة العيش، إذ أن سلامة الوطن تفوق ما عداها من ضرورات.. لذلك، آمن الشعب المصري، في ظل أزمة الحرب الدائرة في قطاع غزة، وتلك التي تدور رحاها في السودان، بين الجيش الوطني السوداني وميليشيات الدعم السريع، بأنه يستند إلى قيادة حكيمة، تعرف كيف تدير دفة السفينة وسط الأنواء إلى بر الأمان.. وآمن بأن رئبسه يتابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في المنطقة، وهو الذي حذر من تصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى، وآل على نفسه، أن (أمن مصر القومي مسئوليتي الأولى، ولا تهاون أو تفريط فيه تحت أي ظرف، وأن مصر لا تتخلى عن التزامها بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية)، مطمئنًا،ـ أي الرئيس- إلى أن الشعب المصري واع بتعقيدات الموقف ومدرك لحجم التهديد.. فكيف لهذا الشعب ألا يقف خلف قيادته، وقد وثق فيها وترك لها حبل قيادته، مطمئنًا إلى غده، آمنًا على مستقبله، مُدركًا أنه في حفظ الله أولًا، وفي ظل حكمة قيادته، فإن هذا البلد لن يُهان أو يضعف، أو تتكالب عليه الأمم فتنال منه، وقد حاولت من قبل، لكنه كان لها بالمرصاد.
خلاصة القول.. إن الشعب الذي راهن على رئيسه في تحديات كثيرة، فكان على قدر الثقة فيه، سيراهن عليه ثانية في صناديق الإنتخابات، لأن الحب لا يُشترى ولا يُباع، بل هو روح مُجندة تطوف بين المتحابين، والثقة لا تُصنع، بل تُجليها المواقف والأزمات.. وقد برهن الرئيس عبدالفتاح السيسي من قبل، ولمرات يصعب حصرها، أنه كان اختيارًا طيبًا، من شعب طيب، لرئاسة بلد طيب.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.