لا يمكنهم القضاء على حماس.. أسرار فشل العدوان الإسرائيلي في غزة
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتحقيق شيئين عندما شن غزوًا بريًا على غزة ردًا على عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وهما تدمير حركة حماس وتحرير المحتجزين الـ240 الذين احتجزتهم حماس خلال عملية طوفان الأقصى، ولكن بعد مرور 47 يومًا لم تحرز إسرائيل أيًا من أهدافها، وكشف العدوان الإسرائيلي على غزة أن القضاء على حماس هو أمر صعب المنال لأنها ليست مجرد حركة سياسية أو عسكرية وإنما مقاومة ممزوجة في النسيج الوطني الفلسطيني.
فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها
وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإنه حتى عندما بدأت إسرائيل تتقدم ببطء نحو أحد هذه الأهداف هذا الأسبوع – من خلال التوصل إلى اتفاق مع حماس لإطلاق سراح 50 محتجزا مقابل هدنة لمدة أربعة أيام و150 أسيرًا فلسطينيًا في إسرائيل، حيث أصر نتنياهو على أن القتال أمامه وقت أطول بكثير.
وتابعت، أنه قبل اجتماع للموافقة على الصفقة قال نتنياهو: "دعوني أوضح نحن في حالة حرب وسنواصل الحرب"، وكان موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي يهدف جزئيا إلى تهدئة المتشددين الذين يعارضون بشدة أي تنازلات لحماس، ولكنه رسالته تكشف أيضًا أنه حتى بعد ستة أسابيع من القتال الذي احتلت فيه شمال غزة وأحدثت دمارًا غير مسبوق هناك، فإن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها العسكرية.
وقال جان لوب سمعان، زميل أبحاث كبير في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية: "هدف إسرائيل في تدمير حركة حماس بالكامل والقضاء على قيادتها بعيد كل البعد عن التحقيق".
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل بدأت عدوانها على غزة عقب عملية طوفان الأقصى، وقصفت القطاع لمدة 3 أسابيع متتالية، ليتبعها توغل عسكري بري، وفي الأسابيع التي تلت ذلك، وسع الجيش الإسرائيلي تدريجيا سيطرته على شمال القطاع.
واعترف مسؤول عسكري إسرائيلي بأن الحملة الأكثر دموية على غزة ألحقت أضرارا طفيفة بحماس، حيث أسقطت ما يقرب من ألف مقاتل من الحركة فقط والتي يبلغ قوامها أكثر من 30 ألف مقاتل.
وأكدت الصحيفة أنه بالنسبة لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، كانت التكلفة مدمرة، وأدى العدوان الإسرائيلي إلى مقتل ما يقرب من 13 ألف شخص، من بينهم أكثر من 5300 طفل، وفقًا لمسؤولي الصحة المحليين، بينما نزح 1.7 مليون شخص.
وتابعت أن جزء كبير من الشمال أصبح غير صالح للسكن، مع تضرر ما لا يقل عن 50 ألف مبنى، وقد اضطر النظام الطبي في القطاع إلى الانهيار، في حين أن القيود التي فرضتها إسرائيل على إمدادات الوقود والغذاء والمياه إلى القطاع دفعت منظمات الإغاثة إلى إعلان كارثة إنسانية.
وأضافت أنه على الرغم من المكاسب العسكرية التي حققتها إسرائيل في شمال غزة، يعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنهم إذا أرادوا تحقيق هدف هزيمة حماس، فإن المرحلة التالية من القتال يجب أن تشمل التقدم إلى جنوب القطاع.
وأشارت إلى أن القوات الإسرائيلية قد بدأت بالفعل في الاستعداد لمثل هذه الخطوة، وبدأ المسؤولون في تحذير سكان خان يونس من الفرار نحو ما قالوا إنها ستكون "منطقة آمنة" في المواصي، وهي منطقة تبلغ مساحتها 14 كيلومترًا مربعًا في جنوب غرب القدس.
وأوضحت أن هذه المطالب لاقت رفض دولي كبير، حيث أن الآلاف في جنوب غزة نازحين بالفعل من الشمال، ووضع أكثر من 2 مليون شخص في هذه المساحة الصغيرة من الأرض أمر غير قابل للتطبيق، لكن المسؤولين الإسرائيليين يصرون على أنه لا توجد طريقة أخرى لهزيمة حماس، حيث يُعتقد أن كبار قادتها في غزة، مثل يحيى السنوار ومحمد ضيف، يختبئون هناك، ولأن حماس أعادت أيضًا نشر العديد من المقاتلين من الشمال إلى الجنوب.
ويقول المحللون إن عدم وجود خطة واضحة لكيفية إدارة غزة إذا تمت الإطاحة بحماس يعني أن القوات الإسرائيلية قد ينتهي بها الأمر إلى الانتشار في القطاع بعد فترة طويلة من انتهاء القتال، مع وجود قوات عسكرية إسرائيلية دائمة في القطاع وهو الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي.
وأكدت الصحيفة البريطانية أن حماس ليس مجرد حركة سياسية أو عسكرية وإنما حركة مقاومة ضد الاحتلال وهو أمر متجذر بعمق في النسيج الوطني الفلسطيني، لذا فإن القضاء عليها هو أمر صعب للغاية.