إذا عطست مصر!
«إذا عطست مصر تصاب المنطقة بالسرطان».. أعجبتنى عبارة طارق مسعود، أستاذ السياسة بجامعة هارفارد، وأنا أشاهد حواره فى سى إن إن.. لم يكن ما يقوله بعيدًا عن تصريحات السفير سامح شكرى، وزير خارجية مصر، فى بكين.. قال بلهجة قاطعة إن هناك سياسات كانت معلنة لتهجير الفلسطينيين من غزة، ولكن الموقف المصرى والعربى الرافض كان بمثابة خط أحمر، والتهجير سوف يهدد السلم والأمن فى المنطقة والعالم. من نافلة القول إن اقتراح التهجير كان وما زال اقتراحًا أمريكيًا رفضته مصر بقوة وها هى تؤكد رفضها له من بكين.. فى سى إن إن كان الضيف طارق مسعود يشرح أن أى ضغط على مصر فى موضوع التهجير قد يقود لأن «تعطس» مصر أو تخوض الحرب إذا ما تم فرض الفكرة.. وقتها ستصاب المنطقة كلها بالسرطان، نفس الأمر يحدث إذا تأثرت مصر اقتصاديًا وتمت زيادة الضغوط عليها.. ستعطس مصر وسيصاب الشرق الأوسط كله بالسرطان!، نفس المعنى يتكرر فى أروقة الاتحاد الأوروبى.. هناك يدركون سخافة الاقتراح الأمريكى- الإسرائيلى وأثره المدمر عليهم.. إذا غضبت مصر أو أعلنت الحرب فسيجد تسعة ملايين لاجئ أجنبى طريقهم لقوارب الهجرة إلى أوروبا ويمكن أن نضيف عليهم عدة ملايين من المصريين رغم كراهية أغلبية المصريين للغربة.. لكن الحرب لها أحكام وما باليد حيلة.. لذلك يسعى الاتحاد الأوروبى لإيقاف طرح الفكرة السخيفة التى رفضتها مصر، وإبطال أى ضغوط تمارس لمحاولة فرضها أو طرحها مرة أخرى.. من حسنات انفجار الوضع فى غزة القليلة أنه أدى لتراجع شعبية الرئيس الأمريكى «بايدن» لـ٣٧٪ فقط، وغالبًا ستكون فرص الديمقراطيين فى الفوز بالرئاسة قليلة.. وربما لهذا السبب تعلو لهجة انتقاد «بايدن» لإسرائيل فى أمور ثانوية وغير جوهرية.. منها مثلًا عنف المستوطنين فى الضفة الغربية.. إن «بايدن» والإعلام الأمريكى يصرخان: يا إلهى لقد قتلوا٢٢٠ فلسطينيًا فى الضفة!.. لكن «بايدن» لا يلاحظ أنهم قتلوا ١٥ ألف مدنى فى غزة فى نفس الوقت.. لا هو ولا الإعلام الأمريكى.. إن «بايدن» هو رئيس سخيف بالنسبة للعرب وللمنطقة.. إنه ذلك الشخص الذى يمكن وصفه بأنه «حافظ موش فاهم» تحكمه أفكار مجردة ونظريات سخيفة ولا يرى الحقائق على الأرض.. وقد أصبح العالم مكانًا أكثر سوءًا خلال السنوات التى حكمها «بايدن» وإدارة الديمقراطيين.. فقد أشعل الحرب فى أوكرانيا وترك الملايين يعانون اقتصاديًا، وأغمض عينيه وما زال يغمضهما عن ذبح آلاف المدنيين فى غزة.. بينما يخرج ليصرخ بسخافة: يا إلهى حولوا أنظاركم إلى الضفة لأنهم قتلوا مئتى شخص هناك واتركوهم يذبحون الآلاف فى غزة لأننا لا نؤيد وقف إطلاق النار حاليًا!... من نافلة القول إن سياسة إدارة «بايدن» تجاه الشرق الأوسط منذ توليه هى التى قادت الوضع للانفجار فى ٧ أكتوبر.. فعلى عكس سلفه الجمهورى ترامب الذى كانت لديه مشروعات للتسوية فى فلسطين حتى لو لم تعجب الفلسطينيين، عمل بايدن على تجاهل الشرق الأوسط وتركه على حاله، وتبنت إدارته سياسة متعالية تقول إن الشرق الأوسط غارق فى مشاكله وإن من الأفضل تركه على حاله، وكانت النتيجة أن وصل الأمر إلى مرحلة الانفجار والغليان، كما رأينا فى عملية «طوفان الأقصى» مع الأخذ فى الاعتبار أن عددًا كبيرًا من الضحايا سقط برصاص إسرائيلى، كما كشف تحقيق مهم لهآرتس الإسرائيلية، وحاليًا فإن سياسة «بايدن» فى فلسطين تشبه شخصًا لديه ابن مجرم وهو يقف ليحميه، بينما يطلق النار على الجيران وعندما يختلى به يعاتبه قائلًا كان يجب أن ترتدى قميصًا غير هذا وأنت تطلق النار! والمعنى أن انتقادات إدارة «بايدن» والإعلام الأمريكى لإسرائيل هى انتقادات فى أمور ثانوية.. تترك الجريمة الرئيسية فى غزة لتتحدث عن أمور ثانوية وغير جوهرية ومعروفة للجميع داخل إسرائيل.. وهى لعبة لم تعد تنطلى على الكثيرين، لأن حجم الإجرام الإسرائيلى أكبر مما يمكن إخفاؤه أو السكوت عنه أو التغاضى عنه، لذلك فربما تكون دماء شهداء غزة سببًا لإقصاء إدارة من أسوأ الإدارات الأمريكية فى تاريخ العالم.. وهو شىء سيسعد مئات الملايين فى كل أنحاء العالم بكل تأكيد.