السلام لغة مكروهة والتسامح بضاعة كاسدة
قديمًا قالوا من لا يقرأ التاريخ يظل طفلًا، وعندما يكبر الطفل.. يختار المعرفة الحقيقية لهذا العالم المتغير والمختلف والمتنوع من أجناس وشعوب. ويبحث عن الإجابة لأهم سؤال حتمى وملح جدًا: من أين يأتى الشر؟ ومن يصنع الشر؟ وكيف جاء الحقد والكراهية والحسد والغيرة، والتى أصبح جميعها مزروعًا فى بواطن أبناء الإنسانية بقدر مخيف ومتسارع الوتيرة؟
كيف اعتدنا مناظر الدمار والتشرد والقتل والإبادة الجماعية والعرقية؟
كيف نفسر كل هذا التعطش للدماء؟
كيف نرى المحبة والمودة والسلام تنهار مع أول أزمة؟
كيف تخرج هذه الغرائز والمشاعر المتوحشة والمليئة بالشر من مواطن أبناء الإنسانية كلما حانت الفرصة لتفضح أصحابها؟
بمراجعة التجارب البشرية من حولنا، نجد أن لغة الكراهية والشر والأحقاد تجد طريقها إلى العلاقات الإنسانية أسرع بكثير من لغة السلام والمحبة والعيش المشترك؟
أصبحنا نشاهد أفلام القتال والرعب والعنف بشغف، رغم أنها مجرد تمثيل ليس حقيقيًا، ألا أننا نجد متابعيها يتجاوزون أشكال الدراما والإبداع الأخرى فى السنيما والمسرح؟
ولتتضح الإجابة عن ذلك السؤال الملح لتؤكد أن أكثر المخلوقات شرًا على وجه الأرض هم البشر، وليس أشرس الحيوانات المفترسة. ولولا الحضارة الانسانية وميراثها من التمدن وخطواتها نحو المدنية لدمرت وحشية البشر هذا الكون ودمرته بغض النظر عن السبب، سواء كان دينيًا أو قوميًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا أو حتى عبثيًا. وأصبح الموت والدمار هما الرسالة الوحيدة التى ينتجها الكثير من البشر بكل ألوانهم وانتماءاتهم.
الرحمة لكل المظلومين من ضحايا هذه الحروب العبثية فى كل العالم.
الرحمة لكل المظلومين فى اليمن وسوريا ولبنان وليبيا والسودان والعراق.
الرحمة لكل المظلومين فى فلسطين الحبيبة.
الرحمة لكل إنسان أصبحانتماؤه أو هويته، التى لم يخترها بنفسه سواء كانت جغرافيًا أو قومية أو دينية أو مذهبية أو فكرية أو حتى بيولوجية هى السبب فى عذابة أو موته أو خطفة أو تشريده وتهجيره؛ لأنه ولد فى المكان الخطأ وبين الناس الخطأ فى زمن خطأ.
اللعنة على كل من تسبب بهذه الكوارث البشرية.
نقطة ومن أول الصبر..
تجار ومروجو الحروب ينجحون فى مبتغاهم، أسرع بكثير من دعاة الخير والسلام.
لغة السلام والتسامح، أصبحت مكروهة وبضاعة كاسدة.