نفوذ طاغٍ وجهود كبرى.. كيف وجهت مصر العالم فى أزمة غزة؟
أكد مركز "The Soufan center" للدراسات الأمريكية، في تقرير له، أن نفوذ مصر لا يزال طاغيا على منطقة الشرق الأوسط، لتتجاوز دول الخليج العربي التي أصبح لها نفوذ عالمي كبير، وبرز نفوذ مصر بعد اشتعال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجهود مصر الكبرى لمنع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن، وإدارتها معبر رفح بطريقة فعالة للغاية، حيث تفاوضت مع الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل تأمين دخول المساعدات وإجلاء المصابين والمرضى من القطاع المحاصر من الجانب الإسرائيلي مقابل إجلاء الرعايا الأجانب.
علاقات متوازنة ومكاسب دبلوماسية كبيرة
وتابع أن مصر لديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حيث نجحت الإدارات المصرية المتعاقبة في الحفاظ على التوازن في هذه العلاقات التي لا تزال فاترة إلى حد كبير ولا ترقى إلى التطبيع الذي لطالما سعت له إسرائيل.
وأضاف أن هذه العلاقات المتوازنة جعلت لمصر دورا كبيرا في عمليات الوساطة في كافة الصراعات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث أدان العديد من القادة الإقليميين والعالميين الآخرين، وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي وحلفاؤه العرب جميعًا، النهج الإسرائيلي تجاه الصراع في غزة، والذي أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بمن في ذلك العديد من الأطفال.
وأفادت التقارير بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال اجتماعه مع مدير وكالة المخابرات المركزية الزائر ويليام بيرنز، في 7 نوفمبر، وكرر السيسي هذه الدعوة خلال عطلة نهاية الأسبوع في القمة الإسلامية العربية المشتركة في الرياض بالمملكة العربية السعودية، معلنًا ضرورة وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة دون قيود أو شروط.
وتابع المركز، في تقريره، أن القاهرة سعت إلى تحقيق التوازن بين دعمها السكان المدنيين في غزة والتداعيات الأمنية للسماح لأعداد كبيرة من سكان غزة بالفرار إلى مصر، وعملت القاهرة مع مسئولين أمريكيين وقطريين وإسرائيليين ودوليين آخرين على زيادة تدفق المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح لتوزيعها على المدنيين في غزة.
دور محورى كبير لمصر
وأضاف المركز الأمريكي أنه مع تحول الجانب الإنساني للصراع إلى ضرورة أساسية للمفاوضات، بما في ذلك المفاوضات بشأن المحتجزين، فإن مصر سوف تلعب حتمًا دورًا أكثر مركزية، نظرًا لسيطرتها على معبر رفح، ومع زيادة حجم المساعدات الإنسانية التي تتدفق إلى غزة توفر لمصر مقعدًا رئيسيًا على طاولة المفاوضات في الصراع، خاصة فيما يتعلق بقضية المحتجزين.
وتابع أن إغاثة مصر الكبرى لغزة تأتي في ظل دعم القاهرة للقضية الفلسطينية ورفض تهجير سكان غزة، ويشتبه المسئولون المصريون في أن إسرائيل تسعى من أجل ضمان عدم عودة أي تهديد من غزة إلى تهجير السكان المدنيين في غزة بشكل دائم في مصر وأجزاء أخرى من العالم العربي.
وأضاف أن الرئيس السيسي رفض، خلال اجتماعهما في 7 نوفمبر، اقتراحًا من مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، بأن تقوم القاهرة بإدارة الأمن مؤقتًا في قطاع غزة بعد الحرب حتى تصبح السلطة الفلسطينية مستعدة لتولي المسئولية، وقد يعكس هذا الموقف حسابات القاهرة بأن حماس والفصائل الفلسطينية والمقاومة أيديولوجية في الشعب الفلسطيني لا يمكن القضاء عليها.
وتابع أنه على الرغم من إصرار مصر الحالي على إبقاء مشاركتها في غزة محدودة، فإن حدود مصر مع القطاع ودورها التاريخي في غزة والشئون الفلسطينية الأوسع ستدفع بلا شك المسئولين الأمريكيين والعالميين إلى ممارسة ضغوط كبيرة على القاهرة للعب دور واسع النطاق في مرحلة ما بعد الحرب.