أصوات خبيثة من إسرائيل
وسط كل ما يجرى من قصف وقتل وتدمير وتنكيل تعلو أصوات خبيثة من إسرائيل تقول إن الهدف مصر وليس غزة.. أصوات يتم إطلاقها بوتيرة متزايدة يومًا بعد يوم بهدف خلق حالة استهداف لمصر أو تحريض عليها، أو تمهيد لعمل ما ضدها.. آخر الأصوات الخبيثة كان تقريرًا يتهم مصر بتسليح حركة المقاومة «حماس» ويدعى أن معظم أسلحة الحركة جاء عبر الأنفاق من سيناء.. التقرير نشره موقع يدعى «بحدرى حرديم» الذى يعبر عن التيار الدينى المتشدد فى إسرائيل.. يندهش التقرير من امتلاك حماس أسلحة متطورة مثل الصواريخ المضادة للدبابات، ولا يجد تفسيرًا سوى أن هذه الأسلحة تم تهريبها من مصر عبر شاحنات نقل البضائع أو عبر الأنفاق.. ويقول الموقع إن الفلسطينيين فى الماضى كانوا يواجهون إسرائيل بالحجارة والزجاجات الفارغة، بينما الآن يملكون أسلحة مثل الصواريخ الموجهة بالليزر والأسلحة المضادة للدبابات... فى نفس الوقت تجد أن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد دخلت على نفس الخط واستطلعت آراء خبراء ومحللين حول ما نشره الموقع المتطرف والذين قالوا إن إسرائيل تراقب عن كثب أنواع الأسلحة التى فى أيدى حماس، ومن بينها بنادق حديثة، وقذائف آر بى جى، وقنابل مغناطيسية، وطائرات دون طيار، وغواصات صغيرة، وألغام، وصواريخ بعيدة المدى... وإلى جانب ما نشره الموقع المتطرف والواشنطن بوست سنجد مواطنًا إسرائيليًا يظهر فجأة ليتحرش بفتيات مصريات فى مدينة دهب المصرية، ثم يقول لهن «بالنسبة لى هذه أرض إسرائيل»، وكأن الهدف هو استفزاز المصريين أو تسخين الأجواء، وقبلها بأربع وعشرين ساعة فقط كانت سياسية إسرائيلية تهذى فى برنامج تليفزيونى وقالت إن «العريش» عاصمة محافظة شمال سيناء هى أرض إسرائيلية، وإنها مشمولة بنبوءة التوراة-الكاذبة من وجهة نظرى- التى تتحدث عن إسرائيل من الفرات إلى النيل، ولم يكن ما رددته هذه الصهيونية المخبولة سياسيًا سوى تكرار لهذيان حاخام يهودى شهير هو «شموئيل شبيرا» سبق له أن صرح بأن أرض غزة وأرض العريش جزء من إسرائيل الكبرى، وأن ذلك ما تنص عليه الوصايا المقدسة، وادعى الحاخام الصهيونى أن الأرض الموعودة اتسعت لتشمل كل المنطقة من وادى العريش إلى النهر الكبير- نهر الفرات- بعد أن كانت تشمل كل أرض كنعان قبل السقوط الثانى لدولة اليهود قبل ميلاد المسيح.. هذه الأكاذيب الإسرائيلية تكرار لأكاذيب مشابهة تم بثها الأسبوع الماضى ولا تنفصل عن حديث وزير التراث الإسرائيلى الذى طالب بضرب غزة بقنبلة نووية، ولا عن تصريحات مختلفة لوزراء إسرائيليين آخرين.. البعض يفسر هذا التحريض ضد مصر ليس فقط بالخوف من القوة العسكرية للجيش المصرى، ولكن لوجود مطامع اقتصادية ترى فى غزة والعريش معًا فرصًا استثمارية هائلة تطمع فيها إسرائيل ضمن خطتها لتقديم نفسها كمعبر بين آسيا وأوروبا بدعم أمريكى خليجى.. فمن غزة يمكن أن تعبر قناة بن جوريون لتربط بين إيلات والبحر المتوسط، ولكن هذا ليس كل شىء، حيث تقدر احتياطات النفط فى غزة بنحو مليار ونصف مليار برميل، وتقدر احتياطات الغاز بـ١٫٤ تريليون متر مكعب، هذه الاحتياطات كانت إسرائيل تمنع أهل غزة من الاستفادة بها، وحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فإن ساحل البحر المتوسط قبالة غزة وأرض غزة والضفة بها احتياطات كبيرة للغاية من الثروات النفطية، ويتحدث التقرير عن حقل غاز «مارين» على بعد ٣٠ كيلو مترًا من ساحل غزة، بين حقلى غاز كبيرين من أهم حقول الغاز فى شرق المتوسط.. والمعنى من هذا التقرير وغيره أن علينا أن نقرأ الأحداث قراءة أخرى يكون الاقتصاد فيها هو العامل الأول فى تفسير تصرفات إسرائيل على الأرض، وتصريحات سياسييها فى وسائل الاعلام. فلطالما حلم الصهاينة بقيادة منطقة الشرق الأوسط اقتصاديًا، «والركوب» على شعوبها وثرواتها بدعوى أن إسرائيل هى رسول الحضارة الغربية لهذه المنطقة التى يحرصون على إبقائها متخلفة، حضاريًا واقتصاديًا، وقد حاول ساسة جيل التأسيس مثل «إسحق شامير» الدعوة للشرق الأوسط الجديد الذى تقوده إسرائيل بعد إقرار السلام مع العرب، وقد فشل هذا السيناريو، لكن جيلًا جديدًا من الساسة المتطرفين فى إسرائيل يحلم بتنفيذ نفس الفكرة ولكن بالقوة العسكرية، فتمويل الدول النفطية الثرية يتكفل بتحويل ممر «الهند- إسرائيل- أوروبا» لحقيقة واقعة.. لكن الصهاينة يرون أنه لا بد من إخلاء غزة من سكانها حتى يمكن تحويل الممر من فكرة لحقيقة قابلة للتنفيذ، وخلال هذا يفكر الصهاينة فى عدة سيناريوهات مثل طرد أهل غزة للعريش، وعندما يجدون رفضًا قاطعًا من مصر، تظهر أصوات كريهة تتحدث عن ضم العريش، وأنها جزء من أرض الميعاد أو إسرائيل الكبرى.. وخلال هذا لا مانع من نشر الترهات حول دور مصر فى تسليح حماس.. إلخ إلى آخر هذه الأكاذيب التى تروجها إسرائيل لتبرير فشلها فى توقع هجمات ٧ أكتوبر أو منعها أو حتى الوصول لمنفذيها... مصر هى الهدف منذ البداية.. وهذا ما تعرفه مصر جيدًا وتستعد له منذ سنين.