هل ينجح الاحتلال في الاستيلاء على ما تبقى من غزة؟
اندلعت في أكتوبر 2023 جولة جديدة من المواجهات العنيفة بين الكيان المحتل وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، امتدت لأكثر من شهر وأسفرت عن سقوط المئات من الضحايا والشهداء.
وبدأت المقاومة الفلسطينية بإطلاق مئات الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، ثم بعد أيام بدأ قصف الطيران الإسرائيلي الكثيف للمنازل والمنشآت المدنية في غزة، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال، وتسبب القصف في دمار واسع النطاق للبنية التحتية.
وحتى الآن، فشلت الوساطات الدولية في إنهاء المواجهات، فيما يواصل الكيان المحتل تهديداتها بتوسيع حملته العسكرية، وتشير التقارير إلى احتمال استمرار المواجهات لأجل غير مسمى.
ولكن بعد مرور شهر على تلك المواجهات، السؤال الأهم وهو هل نجح الكيان المحتل في الاستيلاء على قطاع غزة بشكل كامل، والإجابة نكشفها في السطور التالية.
*تتكون الأراضي الفلسطينية المحتلة من قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، واحتلت إسرائيل هذه المناطق بالإضافة إلى مرتفعات الجولان السورية في حرب عام 1967.
بعد شهر من الحرب الضروس على غزة وسط ضغوط أمريكية هائلة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل ستتحمل "المسؤولية الأمنية الشاملة" في غزة لـ"فترة غير محددة" بعد انتهاء الحرب ضد حركة حماس، ورغم ذلك يرى بعض المراقبين أنه لا خطة واضحة للخروج من الأزمة، أيضًا شكك مسؤول أمني في ذلك مشيرًا إلى عدم وجود مسؤولية أمنية عليا إسرائيلية في القطاع، ومن الواضح أن نتنياهو لا يملك تفاصيل أخرى بما فيها الحكم المدني هناك.
*يرأس عباس السلطة الوطنية الفلسطينية، التي أقيمت بموجب اتفاقية أوسلو للسلام في التسعينيات، كحكومة مؤقتة للتمهيد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وبحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإن الجيش الإسرائيلي لم يستعِد الردع الذي كان يتمتع به قبل 7 أكتوبر، كما أنه غير قادر على الظهور منتصرًا، وحتى الآن، أيضًا لم تتمكن إسرائيل من إلحاق ضرر جسيم بالبنية التحتية لحماس، وبالتالي فإن أي وقف لإطلاق النار اليوم يعني أن تل أبيب قد استوعبت علنًا الخسائر التي تكبدتها في عملية طوفان الأقصى.
وعلى جانب آخر، أكد عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بالإضافة إلى قادة عسكريين أمريكيين متقاعدين، في 28 أكتوبر 2023، أن إسرائيل تنفذ عملية عسكرية مرحلية في غزة، حيث تتقدم وحدات استطلاع صغيرة للتعرف على مواقع ونقاط ضعف مقاتلي حركة حماس والاشتباك معهم، تمهيدًا لشن هجوم رئيسي بالقوات الهجومية، وهو تكتيك لتقليل الإصابات بين جنود الاحتلال أثناء تنفيذ عملياته العسكرية داخل المناطق الحضرية.
*بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن عدد النازحين الفلسطينيين داخل غزة، المكتظة بالسكان، ومن هجروا من منازلهم نتيجة تهدمها، بلغ خلال شهر تقريبا 1.5 مليون شخص، وقد ارتفع هذا العدد من 123،538 في اليوم الثاني ( 8 أكتوبر) لاندلاع المواجهات، إلى مليون ونصف بحلول الرابع من نوفمبر.
خبير أمني: إسرائيل فشلت في تحقيق أي انتصار
وفي هذا الإطار، أوضح العميد محمود محيي الدين خبير الأمن القومي، أن إسرائيل لم تنجح حتى الآن في احتلال غزة أو تحقيق انتصار حاسم على الرغم من شدة القصف والعنف المفرط، مؤكدًا أن هدف هذه التصريحات هو إرهاب وترويع المدنيين الفلسطينيين لدفعهم للنزوح خارج أراضيهم.
وأكد "محيي الدين" أنه رغم استخدام إسرائيل لكميات هائلة من المتفجرات، إلا أنها فشلت في تحقيق أهداف احتلال غزة والقضاء على المقاومة والسيطرة على مراكز قيادتها، محذرًا من أن استخدام إسرائيل للسلاح النووي سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، مشيرًا إلى أن إسرائيل تحظى بدعم القوة العظمى في العالم.
ادعاءات الجيش المحتل بنجاحهم
ورغم كل تلك التأكيدات من عدم تحقيق أي نصر للكيان المحتل في الأهداف التي أعلنها في وقت سابق، وهي القضاء على البنية التحتية لحركة حماس، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أكد الخميس الماضي، أنهم حققوا نتائج باهرة في الحرب على غزة، رغم تكبدها خسائر مؤلمة في الأرواح، مشيرًا إلى وصولهم إلى أطراف مدينة غزة وما بعدها، ومستمرين في التقدم رغم الخسائر، كما حث السكان على النزوح جنوبًا بسبب استمرار العمليات العسكرية، وبالفعل تواصل قوات الاحتلال حشد قواتها وتصعيد عملياتها العسكرية في قطاع غزة، في محاولة لتحقيق مكاسب تفاوضية قبيل أي وقف إطلاق نار محتمل.
باحث في الشئون الإسرائيلية: جيش الاحتلال فشل في تدمير حماس واستعادة أسراه
وفي هذا الإطار، يرى خالد سعيد، الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية، أن جيش الاحتلال فشل حتى الآن في تحقيق الأهداف المعلنة من الحرب على غزة، والمتمثلة في القضاء على حركة حماس واستعادة الجنود الأسرى، رغم مرور شهر على بدء العدوان، لافتًا إلى ذلك ظهر علنًا على عدة مستويات.
وأوضح "سعيد" أن ذلك الفشل تمثل في فشل استخباراتي في توقع هجمات حماس، وفشل عسكري بسبب التقدير الخاطئ لقدرات الفصائل الفلسطينية، أيضًا فشل الدفاعات الجوية الإسرائيلية في إسقاط الصواريخ الفلسطينية، إلى جانب الفشل السياسي في تقدير الموقف واتخاذ القرارات السليمة لرئيس الوزراء نتنياهو.
وتابع أن الكيان المحتل لحقه فشلًا اجتماعيًا واقتصاديًا في وضع خطة لاستيعاب المستوطنين وتأمينهم، لذا فإن كل هذا الكم من الفشل يعكس نجاح المقاومة الفلسطينية في صد العدوان حتى الآن.
فيديوجراف| وثيقة تكشف النوايا الحقيقية لجيش الاحتلال
كشفت وثيقة مسربة أن وزارة الاستخبارات لدى الاحتلال أوصت باحتلال قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وجاءت التوصية في سياق سيناريوهات التعامل العسكري مع قطاع غزة في الحرب، لضمان أمن المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة، حيث جرى صياغة البدائل في وثيقة مكونة من 10 صفحات حملت تاريخ 13 أكتوبر 2023.
أستاذ علوم سياسية: السيناريو الأسوأ هو استمرار الاحتلال لفترات أطول
ويؤكد كلمات تلك الوثيقة، الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فلسطين، فيرى أن الكثيرين افترضوا انتهاء الحرب لمصلحة إسرائيل ورسموا سيناريوهات ما بعد ذلك، دون وضع احتمالات هزيمة إسرائيل في الاعتبار، نظرًا لقوتها والدعم الغربي لها.
وأوضح أن أحد السيناريوهات يتمثل في صمود المقاومة وتحمل إسرائيل خسائر فادحة، ما يدفعها للموافقة على تسوية تشمل بقاء حماس ونزع سلاحها وإعادة إعمار غزة، أما السيناريو الآخر الذي يرجّحه الكثيرون، فهو احتلال إسرائيل لغزة، وهنا تطرح عدة خيارات من بينها إدارة الأمم المتحدة للقطاع أو تولي السلطة الفلسطينية إدارته مقابل حل سياسي شامل، والخيار الأسوأ احتلال إسرائيل لفترات طويلة.
انفوجراف| مظاهرات ضد الكيان المحتل في كل دول العالم
وفي النهاية، نضع انفوجراف يتحدث عن الدليل الذي يثبت فشل الكيان المحتل في خطواته نحو الأهداف التي أعلن عن عزمه على تحقيقها، وذلك بناء على تحليل بيانات أعده معهد دراسات الأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي عن عدوان جيش الاحتلال على قطاع غزة، عقب عملية "طوفان الأقصى"، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 10 ألاف و800 شهيدًا.
ويظهر تحليل البيانات الذي أجراه المعهد أنه منذ اندلاع الحرب، اندلعت 3891 مظاهرة ما بين مؤيدة لفلسطين وقطاع غزة، وأخرى قليلة مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، وذلك في 92 دولة حول العالم، ويأتي الانفوجراف التالي ليوضح النسب في الأيام الستة الأولى من الحرب، وما بعد يوم الغضب الذي أعلنته حماس في 13 أكتوبر.
ويظهر الانفوجراف التالي عدد المظاهرات التي أقيمت في عدد من الدول، ما بين المؤيد لفلسطين والمؤيد للكيان المحتل، فيظهر التحليل أن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين قد نُظِّمت في ما لا يقل عن 88 دولة ما بين عربية وغربية، وفي المقابل، نُظِّمت مظاهرات مؤيدة للاحتلال في 45 دولة.
المظاهرات المؤيدة لفلسطين
المظاهرات المؤيدة للاحتلال