مستقبل غزة: هل الحل الفلسطيني لإدارة القطاع أقرب للواقع والتنفيذ؟
"حلًا فلسطينيًا" ذلك هو الحل المطروح لما يحدث داخل قطاع غزة على مدار 30 يومًا إلى الآن وهو الحل الذي يعد تصورًا أقربًا للواقع وللحقوق الفلسطينية في حل قضيتهم بشكل شامل وعادل وهو الحل الذي لا يعرض القطاع كذلك إلى تدخلات من أطراف إقليمية ودولية وذلك وفقًا لتقرير أصدره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
وهذا الحل يتمثل في عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة غزة، في محاولة لاستعادة "الوضع الطبيعي" لما قبل عام 2007، ويعد هو المسار الأمن الوحيد لعلاج المسببات الحقيقية للانفجار الراهن في غزة وحل القضية الفلسطينية بشكل واقعي.
ويقضي ذلك السيناريو المطروح وفقا لبيان المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بأن تكون السلطة الفلسطينية موجودة وتدير قطاع غزة سياسيًا ومجتمعيًا، بينما تصبح حماس والجهاد فصيلين فلسطينيين مثلهما مثل كل الفصائل الفلسطينية، يجمع بينهم الاتفاق على الحق الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية، وإن اختلفا سياسيا في وسائل تحقيق ذلك.
وهنا يكون العمل لاحقا على انضمام حماس والجهاد لمنظمة التحرير الفلسطينية كفيلا بإسباغ الشرعية على جميع مكونات الشعب الفلسطيني، إلا أن هذا السيناريو يحتاج إلى متطلبات أساسية، من أبرزها:
1- تهيئة الحاضنة الشعبية للسلطة الوطنية الفلسطينية في غزة، كي لا يؤدي عودتها إلى نزاع فلسطيني فلسطيني لا يمكن التحكم في عواقبه- بعبارة أخرى- فإن اليوم التالي في غزة كلما كان فلسطينيًا خالصا وتتولاه كيانات أو شخصيات لا توجد خلافات شعبية أو فصائلية بشأنها كانت فرصه أكبر في النجاح.
2- ضرورة أن تطرح عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة في إطار مقاربة شاملة للقضية الفلسطينية برعاية أو ضمانات أو التزامات عربية ودولية تستهدف بالأساس إعادة مسار العملية السياسية في إطار حل الدولتين، بما من شأنه فتح الأفق السياسي ونافذة الأمل أمام الشعب الفلسطيني.
3- توفير الدعم الاقتصادي والمؤسسي للسلطة الفلسطينية للتعامل مع الوضع الصعب الذي تسبب فيه القصف الإسرائيلي بتدميره للبنية التحتية والمساكن والمنشآت الاقتصادية والصحية وغيرها في القطاع، وسيساعد هذا الدعم في منح السلطة الوطنية شرعية شعبية جديدة للتواجد في القطاع، وتغيير خريطة التوازنات الفصائلية، وإعادة القرار الفلسطيني ليصبح فلسطينيا وطنيا متوافقا عليه.
ويساعد هذا السيناريو المتصور لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، على عدم استدامة الانفصال الفلسطيني الفلسطيني، وكذلك إبعاد القضية الفلسطينية عن التجاذبات الإقليمية والدولية، وضبط إدارة العلاقة مع إسرائيل، وذلك بما لا يجعلها قابلة للانفجار ونشوب مواجهات تؤدي إلى تدمير حياة السكان في القطاع، وأخيرا، يمكن أن يمهد لإطلاق مسار التسوية والسلام في الشرق الأوسط.
يُجنب التدخل الإقليمي المرفوض
على جانب آخر، يجنب هذا السيناريو الفلسطينيين العواقب الوخيمة التي يمكن أن تنجم عن التصورات التي تتعلق بتواجد إقليمي أو دولي أو أممي لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، خاصة أن التفكير الغربي في هذا التواجد بذريعة المساعدة أو تهيئة الأجواء العودة السلطة الفلسطينية، وتمكينها من إدارة القطاع، وإن كان يحمل بعض الوجاهة النظرية إلا أنه يحمل بذور القضاء على الفكرة تماما.
فلا السلطة الوطنية الفلسطينية ستقبل بأن تلتصق بها فكرة العودة المدعومة غربيا إلى القطاع في مواجهة فصائل فلسطينية، ولا الفلسطينيون أنفسهم في القطاع أو الضفة الغربية سيرحبون بذلك.
كما أن التجربة الغربية لإعادة بعض الأطراف إلى مواقع السلطة بهذا الشكل كافية، على نحو ما حدث في العراق قبل نحو عشرين عاما، لرفض تلك التجربة شعبيا، علاوة على ذلك فإن طرح السيناريوهات الغربية فكرة الفترة الانتقالية كمدخل لتواجد دولي تبقى هي الأخرى فكرة نظرية غير مرحب بها.
وذلك خاصة في ضوء الخبرة السلبية أيضا في المنطقة لتلك الفكرة، حيث لا توجد أية ضمانات تتعلق بضمان انتهاء المرحلة الانتقالية في موعدها المقرر، واستعادة الوضع الطبيعي الذي يخدم القضية الفلسطينية ومسار التسوية، بل إن احتمالات أو على الأقل التخوف من تحول المرحلة الانتقالية إلى وضع مستدام يصعب تغييره، تظل قائمة، وتمثل مبرزا كافيا لرفض الفكرة من أساسها.