فعلًا.. أنتِ فاشلة
أتلقى منذ وقت أسئلة حول اهتمامى بقضايا المساواة فى المجتمع المصرى، وفى قلبها قضايا المرأة والجندر والعدل والمساواة. وألخص هنا التعليقات والاستفسارات والاعتراضات فى قضايا موضوعية بعيدًا عن الآراء الشخصية المتحيزة، وبعيدًا عن محاولة التقليل والتهوين والتسفيه من قضايا المرأة، والتعامل معها باعتبارها ليست من أولويات العقلية الذكورية.
القضية الأولى: اهتمامى بقضايا المرأة وتمكينها وعدم التمييز ضدها وحصولها على حقوقها المسلوبة والمهدرة عائليًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا وشرعيًا، هو أمر ينطلق من اهتماماتى المتعددة بقضايا الحقوق وفلسفتها. وهو الأمر الذى أراه السبيل المباشر فى عدم تحميل المرأة وحدها.. فشل العقلية الذكورية النفعية والمستغلة والأنانية، تلك العقلية التى تستهين بالمرأة ومكانتها؛ لدرجة عدم قبول نجاحها وانتصارها وتميزها، بل ومحاولة تحطيمها بكل الأشكال، سواء بالتشكيك فى رجاحة أفكارها وقوة تصرفاتها أو بعمل لوبى عائلى ضدها. والنتيجة فى كل الأحوال هي عدم مقارنتها بالرجل، باعتباره معيار المقارنة ومسطرتها الوهمية المزعومة، وباعتبارها لا ترتقى للمقارنة معه من الأصل. وهو ما يؤكد مساحة الانحراف المخل فى العقلية الذكورية المتخلفة والرجعية.
القضية الثانية: اهتمامى بقضايا المرأة ينطلق من متابعتى ورصدى لتاريخ طويل وحكايات ومآسى ما تقوم به العقلية الذكورية المسيطرة بالتحكم فى المرأة ومصيرها فى صورة ذهنية وهمية، باعتبارها ملكية شخصية للرجل، سواء الأب أو الزوج أو الأخ أو الابن، وقبل ذلك كله ملكية للمجتمع الذكورى، الذى لا يرى فى المرأة عقلًا ومسئوليات وتفكيرًا وإنسانية.. بقدر ما يراها بخياله المريض نفسيًا وعقليًا. هذا المجتمع الذكورى بتقاليده وموروثاته الاجتماعية والدينية البالية، التى هى ضد المنطق وضد صحيح القيم والمبادئ الدينية والإنسانية.
يرى هذا المجتمع الذكورى كما كتبت عدة مرات قبل ذلك، أن المرأة ناقصة عقل ودين، وهى الفكرة المنتشرة، والتى يتم ترديدها دون وعى ضمن مفردات الحياة اليومية للعقلية الذكورية، كما تروج تلك العقلية لفكرة مضللة بأنه لا عقل للمرأة، ولكن الحقيقة كما كتبت كثيرًا أن "العقل لا نوع له، والفكر لا نوع له"، وكذلك الشرف والكرامة والعزة لا نوع لها، الفقه الذكورى المريض والمشوه هو الذى يروِّج لمفاهيم الوهم عن المرأة وضدها. هذا الفقه الذى يدعى المطالبة بحرية المرأة، والحقيقة أنه يريد الوصول إليها والسيطرة عليها باعتبارها ملكية شخصية له وسلعة للاستهلاك حسب رغباته ونزواته المنحرفة.
** اهتمامى بقضايا المرأة، ينطلق من ترسيخ مفهوم استقلاليتها واستقرارها المادى والاجتماعى. وهو ما لن يتحقق سوى بالاهتمام بتعليم المرأة والارتقاء بها ثقافيًا وفكريًا واجتماعيًا، من خلال تأهيلها وتمكينها اقتصاديًا. وأكاد أجزم بأن العقلية الذكورية المتخلفة ترفض تعليم المرأة خوفًا من الارتقاء بها، ورفض تسلط العقلية الذكورية عليها وعلى أبنائها وعلى المجتمع كله.
نقطة ومن أول الصبر..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك إنسانة حقيقية طيبة ومضحية ومسئولة وأم حقيقية..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك تخافين على من حولك أكثر مما تخافين على نفسك..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك تمتلكين كرامة وعزة ونفس..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك لم تتخلي عن مسئولياتك.. رغم تخلى أشباه الرجال..
فعلًا أنت فاشلة.. لأن كلماتك تؤلمهم وأفكارك تفزعهم وكتاباتك تسحرهم..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك نجحت بعد أن حافظت على استقلالك..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك ضد العقلية الذكورية..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك تواجهين ولم تتخلى..
فعلًا أنت فاشلة.. لأنك متمسكة بأن تكونى إنسانة فى عصر أشباه الرجال..
فعلًا أنت فاشلة.. رغم أنك أصل الكون..