كيف أدارت مصر مهمة إدخال مساعدات غزة مقابل المحتجزتين؟
نجحت الجهود المصرية المكثفة فى إطلاق سراح محتجزتين، فى ساعة متأخرة من، أمس، كانتا بحوزة حركة حماس الفلسطينية داخل قطاع غزة.
هذا النجاح فى الإفراج عن المحتجزتين يأتى فى إطار الدور المصرى التاريخى الراسخ كوسيط موثوق ونزيه فى المنطقة، لا سيما فى جولات التصعيد السابقة بين إسرائيل والحركات الفلسطينية.
وتتمتع مصر بثقل واضح لدى أطراف الصراع الحالى، سواء الجانب الإسرائيلى أو الجانب الفلسطينى، وكذلك لدى الأطراف الإقليمية والدولية مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
ويعد إطلاق سراح الرهائن بوساطة مصرية هو الأفضل، إذ شملت الجهود المصرية تأمين مسار لتسليم المحتجزتين عبر منظمة الهلال الأحمر الدولى فى الجانب الفلسطينى، التى بدورها أوصلتهما عبر معبر رفح إلى الجانب المصرى.
المسار المصرى هو الأمثل من حيث الأمان، بجانب الثقة التى يحظى بها من جميع الأطراف المنخرطة فى الصراع، مثل إسرائيل وحركة حماس، أو المؤثرة فيه مثل أمريكا.
وتجسد هذه الجهود الملحوظة التزام مصر الدائم بتعزيز السلام والاستقرار فى المنطقة، والتوصل إلى تسويات سلمية، حيث تلعب القاهرة دورًا حاسمًا فى تحقيق هذه الأهداف.
وعلى مدار الـ١٨ يومًا الماضية، منذ اندلاع التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، تقود مصر جهودًا استثنائية لحل الأزمة الخطيرة فى القطاع، حيث فرضت القاهرة إرادتها عبر دبلوماسيتها، التى منحت الأولوية لوقف المأساة الإنسانية.
وترتكز الدبلوماسية المصرية فى هذه الأزمة على ٣ مسارات، هى: التشديد على دخول المساعدات لغزة، ومنع تفريغ القضية الفلسطينية من جوهرها بالتصدى الحاسم لتهجير الفلسطينيين والتمسك بحل الدولتين، ووضع العالم أمام مسئولياته لتحقيق التهدئة ووقف إطلاق النار.
ومنذ اللحظة الأولى للتصعيد، كانت الاتصالات المصرية حاضرة بقوة، حيث أعلنت القاهرة رسميًا عن أنها تجرى اتصالات مكثفة مع الطرفين لاحتواء الموقف ووقف إطلاق النار، كما دعت لضبط النفس.
وركزت مصر على أمرين أساسيين فى التعامل مع الأزمة، أولهما إنقاذ المدنيين وأرواح الأبرياء بإدخال المساعدات عبر معبر رفح، المنفذ الوحيد الذى يبقى غزة حية حتى الآن، لمنع تفاقم الأزمة الإنسانية فى القطاع الذى يتعرض لغارات جوية ليل نهار، وثانيهما تكثيف الاتصالات مع الأطراف العربية والإقليمية والدولية لوضع الجميع أمام مسئولياته من أجل وقف فورى لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع المحتجزين المدنيين، وفرض هدنة لإتاحة الفرصة للجهود الإنسانية والإغاثية.
ومع التطورات السريعة للتصعيد العسكرى فى غزة، قررت مصر ربط خروج الأجانب من القطاع عبر معبر رفح البرى، بإدخال المساعدات، وبالتزامن ظهرت الإرادة القوية التى أكدت أن السيادة المصرية ليست مستباحة، وأن أمن مصر القومى هو الأولوية، ولا تهاون فيه.
وحول آليات دخول المساعدات عبر رفح، ظهر جليًا أن مصر وحدها هى من تملك قرار عبور أى شخص من المعبر، ففى البداية اتخذت خطوتها بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بواقع نحو ٥٠ شاحنة على مدار ٣ أيام، دون مرور أى من الأجانب طوال تلك الفترة، حتى اتخذت قرارًا-بعد ذلك- بالسماح بخروج عدد منهم.
القرار المصرى بخروج عدد من الرعايا الأجانب بعد ٣ أيام من بدء دخول المساعدات الإنسانية لغزة جاء بعد ضغط أمريكا على إسرائيل من أجل إدخال المساعدات للقطاع، وبعدها رأت مصر أنها يمكن أن تسمح بخروج رعايا أجانب؛ كمبادرة منها لاستمرار عملية تدفق المساعدات.
وبالفعل أتت الجهود المصرية ثمارها، بدخول ٣ دفعات من المساعدات التى تقدر بنحو ٢٠٠٠ طن مكدسة عند معبر رفح، بعد أن أبدت إسرائيل تشددًا كبيرًا فى بداية الأزمة ورفضت دخول أى شاحنات إغاثية، إضافة إلى الإفراج عن محتجزتين إسرائيليتين، مساء أمس الأول، وافقت حماس على إطلاق سراحيهما استجابة لمصر، التى تواصل بذل الجهود لوقف التصعيد.