سياسى فلسطينى للدستور: تصريحات الرئيس السيسى واضحة ومؤلمة للجانب الصهيونى
علق الدكتور ناصر الصوير، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، علي عقد مؤتمر القاهرة السلام في العاصمة الإدارية الجديدة بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقال الصوير في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن المؤتمر يشير إلى جميع الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها مصر، هذه الجهود تؤكد، دون أي مجال للشك، أن مصر تحملت، وعانت، وبذلت، وضحت من أجل القضية الفلسطينية، ولا يمكن أبدًا أن ينفك الرعاية المصرية عن الشعب الفلسطيني وشتاته، بغض النظر عن الطبقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر.
وتابع الصوير: "كما أقول دائمًا، نحن كأبناء صغار لأمٍ كبرى، نعيش في حضن مصر ولا يمكننا أن نفك عنها، ومن الكافي أن نقول إن مصر تعتبر منزلًا ثانيًا للفلسطينيين جميعًا، خاصة في قطاع غزة، نحن مصريون بالهوى وفلسطينيون بالجنسية، نحن نعشق كل من مصر وأرض فلسطين".
وحول ملف التهجير، قال الصوير نحن لا نستخدم تعبير "تهجير" بل نقول توطين حيث يتم نقل الفلسطينيين وتشريدهم إلى مناطق أخرى بعيدًا عن أراضيهم، وهذا هو أكبر ثمن دفعته مصر نتيجة لتلك المخططات الصهيونية الاستعمارية الأمريكية.
مصر دفعت ثمنًا كبيرًا لمخططات إسرائيل الاستعمارية
وتابع الصوير: "في عام 1954 حاولوا إقناع الرئيس جمال عبدالناصر بمشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في شمال سيناء، وفي البداية اعتقدوا أن الثورة المصرية تحتاج إلى الدعم الأمريكي، خاصةً بعد تغيير النظام الحاكم من الملكية إلى الجمهورية، وعلى الرغم من أنهم اعتقدوا أنهم قد يتمكنوا من تنفيذ تلك الخطة بموافقة مصر، إلا أن حكومة مصر رفضت هذا الاقتراح، كما بدأ الأمريكان يمارسون ضغطًا شديدًا، بالتعاون مع الاستعماريين الأوروبيين، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا ولكن مجلس قيادة الثورة برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر رفض هذا المشروع بشدة.
وتابع الصوير: "وبعد ذلك، رفضت الولايات المتحدة تقديم أي عون مالي لمصر وقامت بمحاولة تجوعها وقطع جميع أنواع الإمدادات، بما في ذلك القمح مما كانت تقدمه قبل رفض هذا المشروع وتم تحويل مصر التي كانت في معسكر الغرب والتحالف مع الولايات المتحدة والدول الغربية إلى معسكر الاتحاد السوفيتي وبعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر تغيرت الأوضاع في مصر وبسبب رفض هذا المشروع دفعت مصر ثمنًا باستمرار التحديات المالية والاقتصادية وعدم استقرار الوضع السياسي كما رُفض تمويل السد العالي ورفض تقديم أي مساعدات لمصر في أي مجال، هذه هي التضحية الأولى الكبرى التي قدمتها مصر، ولكن عادت الولايات المتحدة وعاد العدوان الثلاثي على مصر، وأحد أسباب ذلك كان تأمين هيئة قناة السويس، وكان رفض مصر توطين اللاجئين في شمال سيناء واحدًا من أسبابه، حيث أن توطين اللاجئين في مكان آخر يعني نهاية القضية الفلسطينية.
وأشار الباحث الفلسطيني إلي أن الرئيس الأسبق حسني مبارك رفض بصرامة عرضًا للتوريث، يتضمن توطين الفلسطينيين في شمال سيناء، وليس هذا رأيي، وإنما قول محامي مبارك فريد الديب، الذي كان يدافع عن الرئيس في محاكمته أمام القضاء المصري، حيث قال: "لقد دفع الرئيس محمد حسني مبارك ثمن رفضه توطين اللاجئين وإنهاء القضية الفلسطينية"، مستدركا: والآن يقف الرئيس عبدالفتاح السيسي درعًا واقية أمام مشروع التوطين.
وأكد الصوير أنه حتي الآن يحاول الاحتلال الصهيوني بجميع الوسائل تنفيذ مخططهم وعرضوا على مصر مغريات كثيرة، بما في ذلك شطب الديون وتقديم مساعدات وإنهاء الأزمة الاقتصادية في مصر، ولكن الموقف المشرف لمصر يدعونا لنقول إن هذا هو سلسلة مستمرة من المواقف الوطنية العربية العظيمة التي تؤكد أن مصر هي الدرع الواقية لجميع أبناء الأمة الإسلامية والعربية.
وتابع الصوير: أريد أن أوضح شيئًا مهمًا، قد وقع خطأ في استيفاء الكثير من المحللين السياسيين الذين استشهدوا بتصريحات الرئيس السيسي قائلين إنه عندما قال "خذوا الفلسطينيين"، فإنهم اعتبروا ذلك موافقة مصرية على تشريد الفلسطينيين من حيث المبدأ، أنا أقول إن هذا غباء سياسي عقيم وغير منطقي، وعندما أطلق الرئيس السيسي تلك التصريحات، "إذا خذوهم إلى وطنهم الأصلي، إلى المناطق التي تم شردهم منها، لقد تم شردنا من النقب والناصرة وعكا ويافا وحيفا وجميع المناطق عندما يقال لنا "خذوهم"، نحن نريد إعادتهم ونحن نطالب بحق العودة طوال تاريخنا، الصهاينة يعلمون أن هذا التصريح كان له تأثير مدمر عليهم، وإنه كان نوعًا من الطعنة القاصية، كيف ترغب في أن نأخذهم إلى أرضهم؟ نحن نريد أن نشردهم خارج الحدود، لذا، كان الرئيس السيسي موفقًا بالفعل في تلك التصريحات، لكنه ليس مطلوبًا منه كزعيم للأمة أن يقول لنا: ماذا يجب أن نفهم من تصريحاته؟' تصريحاته واضحة ومؤلمة بالنسبة للجانب الصهيوني".