ضع حدود واضحة.. قل لا وتمتع بعلاقات صحية
الصدق مطلب طبيعي لدى البشر، لكن جزءًا من كوننا صادقين في حياتنا يتمثل في أن نقول كلمة لا وأن نقبل سماعها، وبهذه الطريقة يجعل الرفض علاقاتنا أفضل ويجعل حياتنا الإنفعالية صحية أكثر.
الحقيقة أن هناك أشكالًا صحية وأشكالًا غير صحية من الحب، يقوم الحب غير الصحي على وجود شخصين يحاولان الهرب من مشكلاتهما عن طريق العواطف والمشاعر، أي يستخدم كل منهما الآخر مهربًا له أما الحب الصحي فهو قائم على وجود شخصين يعرف كل منهما مشكلاته ويقر بها ويتعامل معها بمعونة من الشخص الآخر.
في العلاقات الصحية هناك حدود واضحة بين الشخصين وقيمهما، وهناك أيضًا مساحة مفتوحة للرفض ولقبول الرفض حيثما كان الرفض ضروريًا.
علاقات صحية
الأشخاص الذين يعيشون علاقة صحية فيها حدود واضحة قوية يتحملون المسئولية عن قيمهم ومشكلاتهم ولا يعتبرون أنفسهم مسئولين عن قيم شركائهم وعن مشكلاتهم أما من يعيشون علاقات مسممة يضعف فيها وجود تلك الحدود أو ينعدم فهم يعمدون دائمًا إلى تجنب المسئولية عن مشكلاتهم ويعتبرون أنفسهم مسئولين عن مشكلات شركائهم.
لا يعني وضع الحدود الصحيحة أنه لا يجوز لك تقديم العون والمساعدة إلى شريكك أو شريكتك ولا يعني أيضًا ألا تتلقى المساعدة بدورك. على الطرفين أن يساعد كل منهما الآخر لكن هذا يجب أن يحدث فقط لأنك تختار أن تساعد وليس لشعورك أن المساعدة واجب عليك أو حق لك.
وإذا ضحيت من أجل شخص يهمك أمره، فمن الضروري أن يحدث هذا لأنك تريد حدوثه لا لأنك تحسه واجبًا عليك أو لأنك تخشى ما قد يترتب عليه من عدم فعل ذلك.
وإذا ضحى شريكك من أجلك فيجب أن تكون تلك التضحية ناجمة عن رغبته الحقيقية الأصيلة أو رغبتها لا لأنك استخدمت الغضب أو الإحساس بالذنب للتلاعب بعواطفه أو بعواطفها حتى تحصل على تلك التضحية.
لا قيمة للأفعال الناجمة عن الحب إلا إذا جرى الإقدام عليها من غير شروط أو توقعات مسبقة.
بعض الناس يجد صعوبة في التمييز بين القيام بالأمر انطلاقًا من الإحساس بالواجب والقيام به طوعًا ولكن هناك اختبارًا كاشفًا.. إسأل نفسك إذا رفضت ما أثر الرفض على العلاقة واسأل أيضًا إذا رفض شريكي شيئًا أريده فكيف يكون أثر ذلك الرفض على العلاقة؟
إذا كان الرفض سيسبب انفجارًا دراميًا فهذه إشارة سيئة فيما يخص علاقتك توحي بأن علاقتك مشروطة وقائمة على مكتسبات سطحية يتلقاها كل واحد من الآخر بدلًا من أن تكون قبولًا غير مشروط من الجانبين، ويعني هذا أن يقبل كل طرق الطرف الآخر مع مشكلاته.
لا يخاف من لديهم حدود قوية واضحة أن تحدث نوبات غضب مزاجية أو مجادلات أو بعض الألم أما أصحاب الحدود الضعيفة المائعة فهم يخشون هذه الأشياء فيعمدون دائمًا إلى تطويع سلوكهم بما يتناسب مع حالات المد والجزر عند الطرف الآخر في العلاقة.
حتى تكون العلاقة صحية ومعافاة، يجب أن يكون طرفاها مستعدين لقول كلمة (لا) ولسماع تلك الكلمة أيضًا، أما العلاقة القائمة على التلاعب وسوء الفهم فإنها تتحول ببطء إلى علاقة مسمومة.
وتعد الثقة أهم مكونات العلاقة لسبب بسيط ألا وهو أن العلاقة من غير ثقة لا تعني شيئًا... في واقع الأمر تشبه الثقة طبقًا خزفيًا إذا انكسر الطبق فمن الممكن جمع أجزائه ولصقها من جديد بقدر كبير من الحرص والاهتمام لكن إذا كسرته مرة أخرى فإنه يتشظي إلى قطع أصغر من ذي قبل وإذا تكرر ذلك يصبح من المستحيل تمامًا إصلاح الطبق أو بمعنى آخر إصلاح العلاقة.