فى انتظار مكالمة بايدن
الرئيس الأمريكى جو بايدن، يكاد يكون الوحيد بين القادة المؤثرين، الذى لم يتصل، إلى الآن، بالرئيس عبدالفتاح السيسى. ولا ننتظر تلك المكالمة، حتى نؤكد على دور مصر، المؤثر والمحورى، الذى لا يحتاج تأكيدًا، ولكن لأننا نتوقع أن تأتى، كالمكالمة السابقة، بعد استعادة الهدوء، فى الأرض المحتلة. ونتمنى أن يكون بايدن قد أدرك، وقتها، حتمية تحقيق التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود ما قبل ٥ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
بالترتيب، تلقى الرئيس اتصالات تليفونية من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ومحمد شياع السودانى، رئيس وزراء العراق، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، وشارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس، أبومازن، والمستشار الألمانى أولاف شولتس، والرئيس الإماراتى محمد بن زايد آل نهيان، والمستشار النمساوى كارل نيهامر، والرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليدس، وأنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ومحمد بن سلمان، ولى عهد السعودية، رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التركى.
منذ بداية التصعيد، تقوم الدولة المصرية باتصالات مكثفة مع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، والأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة. وفى نقاشاته مع كل هؤلاء القادة، شدّد الرئيس السيسى على أهمية تغليب صوت العقل، ومسار التهدئة، منعًا لتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية وخروجها عن السيطرة، وحذّر من خطورة تردى الموقف وانزلاقه إلى مزيد من العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية، ودخول المنطقة فى حلقة مفرغة من التوتر تهدد الاستقرار والأمن الإقليميين. كما توافق مع القادة العرب على مواصلة التشاور والتنسيق، لتأكيد الرؤية العربية بشأن القضية الفلسطينية، التى تهدف إلى تحقيق التسوية الشاملة والعادلة على أساس حل الدولتين، وفق مرجعيات الشرعية الدولية، مؤكدًا أن ذلك يتطلب التهدئة الفورية ووقف المواجهات فى جميع الاتجاهات.
الأرقام تقول إن خسائر عمليتى «طوفان الأقصى» و«السيوف الحديدية» المتبادلتين، تجاوزت كل ما شهدته المواجهات السابقة. كما يؤكد الواقع أن الخسائر، مستمرة، وآخذة فى التصاعد فى الجانبين، ولن يوقف تصاعدها، لدى الجانب الإسرائيلى، التأييد الغربى الأعمى، أو دعمه غير المسبوق، أو تحريك الأسطول الأمريكى، لأول مرة منذ سنة ١٩٨٢ لدعم ذلك الجانب عسكريًا، ما يقطع بـ«ضرورة التوصل إلى وقف العمليات العسكرية على مختلف الجبهات، وحماية المدنيين من خلال إجراءات فورية لمنع المزيد من التدهور فى الأوضاع الإنسانية، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لاحتواء الموقف واستعادة التهدئة، وإحياء عملية السلام».
ما بين التنصيص هو موقف مصر الثابت، الذى جدّد الرئيس السيسى تأكيده للأمين العام للأمم المتحدة، فى مكالمة أمس الأول، الإثنين، التى جرى خلالها التوافق بشأن ما تمثله الأزمة الراهنة من خطورة على السلم والأمن فى المنطقة، كما جدّد فيها، أيضًا، مطالبته بضرورة العمل الجدى لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، متعهدًا بأن تواصل مصر جهودها لتوفير الدعم لأى خطوات مستقبلية فى هذا الصدد، إلى جانب الدور المهم للأمم المتحدة، بالتنسيق مع الأطراف الفاعلة فى المجتمع الدولى، للمساهمة فى هذا المسار الذى لا غنى عنه لتحقيق السلام والأمن المستدامين فى منطقة الشرق الأوسط.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى تولى الحكم فى يناير ٢٠٢١، وشهد مايو التالى، جولة جديدة من المواجهات الدامية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استمرت أحد عشر يومًا. وبعد أن لعبت مصر دورًا محوريًا، أو الدور المحورى، فى التهدئة بين تل أبيب وفصائل المقاومة الفلسطينية، أعرب الرئيس بايدن، فى اتصاله التليفونى عن «امتنانه الصادق» للرئيس السيسى وفريق الوساطة المصرى على لعب «مثل هذا الدور الحاسم»، وأبدى تطلعه إلى استمرار التشاور والتنسيق فى هذا الخصوص، مؤكدًا عزم بلاده على العمل لاستعادة الهدوء وإعادة الأوضاع كما كانت عليه فى الأراضى الفلسطينية، وكذلك تنسيق الجهود مع كل الشركاء الدوليين من أجل دعم السلطة الفلسطينية وإعادة الإعمار.