إنجازات الماضى وتحديات المستقبل
بإعلان الرئيس السيسى عن نيته الترشح لولاية جديدة، اكتمل المشهد الانتخابى إلا قليلًا.. بعض الذين أعلنوا عن نيتهم الترشح أمام الرئيس استوفوا التوكيلات اللازمة، وبعضهم ما زال يحاول.. أظن أن جميع من أعلنوا عن نيتهم سيحصلون على فرصة خوض السباق أمام الرئيس.. كما تبدو الصورة من بعيد، فإن هناك تنافسًا بين تيارين.. تيار يرى أن الاستقرار هو الطريق الوحيد للحفاظ على كيان الدولة واستكمال رؤيتها التنموية، ومن ثم الوصول لمرحلة جنى الثمار.. وتيار مغامر يرى أن التغيير هو الاختيار الأفضل للتعامل مع آثار الأزمة الاقتصادية.. بكل المعايير فإن تيار الاستقرار هو صاحب الأغلبية العددية، وإن كان التيار الآخر يكتسب جاذبية بسبب ضغط الأزمة من ناحية، وبسبب جاذبية فكرة التغيير للبعض من ناحية أخرى دون حسابات لخسائر التغيير.. هذا التيار قد يحقق بعض التواجد، لكنه لن يقترب أبدًا من حصة الأغلبية.. الانتخابات المقبلة، أيضًا، ستشهد ظاهرة «المرشح البارافان»، وهو المرشح الذى سيحاول الإيحاء بأن وراءه قوى دولية وإقليمية ومحلية تسانده وتعضد مركزه، بينما هو مرشح تافه وظاهرة صوتية لا قيمة لها فى موازين القوى الحقيقية على الأرض.. لكن مجرد الادعاء يضيف له شهرة ومكاسب مادية وسياسية لم يكن يحلم بها.. ولكن هذا سياق آخر.. أهم خبر توقفت عنده فى سيل الأخبار فى اليوم الأخير لـ«حكاية وطن»، هو إعلان الرئيس أن د. مصطفى مدبولى سيعقد مؤتمرًا صحفيًا يشرح فيه خطة مصر للتعامل مع التحديات فى الفترة المقبلة.. ولأننى أثق فى هذه الخطة، فإننى أطالب بأن يتولى الرئيس بنفسه إعلان ملامح الرؤية للفترة الرئاسية المقبلة، وأطالب بطبعها فى كتاب يحمل عنوان رؤية مصر للتنمية فى السنوات المقبلة.. على سبيل المثال بدأت عدة مواقع عربية تتحدث عن الالتزامات المطلوبة من مصر خلال العام المقبل.. بالنسبة لميزانيات الدول هى مبالغ منطقية.. بالنسبة للمواطن العادى فإن رقمًا بالمليارات هو رقم إعجازى يثير فزعه.. وبالتالى عندما يقال مطلوب من مصر مبلغ كذا فى ٢٠٢٤، فالمطلوب إثارة فزع المواطن قبل شهور من الانتخابات.. ما أنا متأكد منه أننا لدينا خطة واضحة، وأننا لم نتخلف أبدًا عن سداد أى التزام مالى لمصر، ولن نتخلف بإذن الله.. رغم محاولات البعض تشويه بعض الأحاديث العفوية للرئيس، فإن مؤتمر «حكاية وطن» جهد علمى كبير أسهم فى إيضاح رؤية الدولة المصرية.. المطلوب العمل بهذه الطريقة طوال فترة الحملة الانتخابية للرئيس.. معلومات وأرقام وحقائق وزيارات ميدانية يتم تنظيمها للناس للمشاريع ومواقع البناء.. الاحتفالات الغنائية أمر جميل، لكن الحقائق هى الرد الأمثل على محاولات التشويه.. إذا عقدت مؤتمرًا حماسيًا لتأييد الرئيس اقتصر على الخطب والأغانى فإن المنافس الذى لا يملك سوى الخطب والأغانى قد يكسب الجولة.. إذن حملة الرئيس يجب أن تنافس بسلاح الأرقام والحقائق والبرنامج الذى تم إعداده جيدًا لخطة عمل الست سنوات المقبلة.. من المهم جدًا الرد على ما يطرحه المرشحون المنافسون حتى لو كانت أوزانهم الانتخابية أقل من الرئيس.. من المهم شرح أهمية بناء مدن جديدة.. فى عام ١٩٨٠ نزل الرئيس السادات من طائرة هليكوبتر، معه ستة أشخاص فقط فى منطقة صحراوية بالكامل، ووضع حجر أساس لمدينة اسمها «٦ أكتوبر»، هذه المدينة على مدى ٤٣ عامًا منذ تأسيسها حلت مشكلة الإسكان لمئات الآلاف من المصريين.. كانت سببًا فى رزق الملايين من عمال البناء والحرفيين والصناع والمقاولين وأصحاب شركات التطوير العقارى.. حلت مشكلة سكن، عشرات الآلاف من الشباب حصلوا على مسكن حضارى.. كانت سببًا فى دخول ملايين الدولارات من العملة الصعبة لمصر؛ حين اشترى مساكنها العراقيون والسوريون والسودانيون وأهل الخليج والمصريون العاملون فى الخارج.. المنطقة الصناعية بها عمل فيها ملايين العمال وفتحوا بيوتهم.. كل هذا تسببت فيه مدينة واحدة، ولكن على «المدى الطويل» حتى الآن ما زالت مدن مثل ٦ أكتوبر والسادات و١٥ مايو تستوعب بشرًا واستثمارات وأحياء جديدة، وستظل تفعل ذلك لسنوات.. نفس الأمر ينطبق على العاصمة الإدارية الجديدة التى لم يمر على بنائها أربع سنوات.. مَن ينتظر العائد فورًا مخطئ بكل تأكيد.. ستظل العاصمة الإدارية تنمو على مدى عشرات السنوات المقبلة، وستدر على مصر مليارات الدولارات.. الصخب الانتخابى شغل الكثيرين عن الالتفات لتقرير مهم نشره موقع «الشرق بلومبيرج»، التقرير يقول إن مصر أصبحت المركز الأول لتصدير العقار للخليج العربى.. بالأرقام والنسب المئوية يقول التقرير إن مصر أصبحت القبلة الأولى فى شراء العقارات الفاخرة لحاملى جنسيات الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية.. وإن التعديلات التشريعية الأخيرة أسهمت فى هذا.. يتحدث التقرير عن العاصمة الإدارية والعلمين كوجهة أولى لهؤلاء المستثمرين العرب.. هذا نموذج للحقائق التى يجب أن تستخدمها حملة الرئيس السيسى، وأن تبذل جهدًا فى جعلها تصل للمواطن البسيط.. ما أنتظره شخصيًا هو مزيد من «حكاية وطن»، ولكن فى المستقبل وبلغة سهلة تصل للمواطن البسيط.. هذا هو أفضل رد على حروب الجيلين الخامس والسادس، التى يحاول البعض أن يجد لها مساحة فى الأيام المقبلة.