"المعارف البريطانية": مكاسب مصر من حرب أكتوبر فاقت ما حصلت عليه إسرائيل
سلطت دائرة المعارف البريطانية "بريتانيكا"، الضوء على حرب أكتوبر في تقرير لها، حيث أكدت أن حرب أكتوبر كان لها تأثير على ديناميكيات الصراع العربي الإسرائيلي حتى وإن لم تكن فورية، كما كان لها تأثير كبير على مسار عملية السلام بين مصر وإسرائيل، وأن مكاسب مصر من هذه الحرب فاقت إسرائيل بكثير، سواء في أرض المعركة أو الاتفاقات الدبلوماسية التي تلت الصراع.
انتصار مصري عظيم وتأثير إقليمي واسع
وتابعت في تقريرها أنه بعد ظهر يوم 6 أكتوبر، هاجمت مصر وسوريا إسرائيل في وقت واحد على جبهتين، ومع وجود عنصر المفاجأة لصالحها، نجحت القوات المصرية في عبور قناة السويس بسهولة أكبر مما كان متوقعًا، ولم تتكبد سوى جزء صغير من الخسائر المتوقعة، في حين تمكنت القوات السورية من شن هجومها ضد المواقع الإسرائيلية والاختراق إلى مرتفعات الجولان.
وبدأت شدة الهجمات المصرية والسورية، على عكس الوضع في عام 1967، بسرعة في استنفاد مخزون إسرائيل الاحتياطي من الذخائر، حيث لجأت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير إلى الولايات المتحدة طلبًا للمساعدة، في حين وضعت هيئة الأركان العامة الإسرائيلية على عجل استراتيجية لإدارة المعركة.
وأوضحت أنه تم تغير إحجام الولايات المتحدة عن مساعدة إسرائيل بسرعة عندما بدأ الاتحاد السوفيتي جهوده الخاصة لإعادة الإمداد إلى مصر وسوريا. ورد الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون على ذلك بإنشاء خط إمداد طارئ لإسرائيل، على الرغم من أن الدول العربية تكاتفت وقتها وفرضت حظرًا نفطيًا مكلفًا على الغرب ورفض العديد من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا تسهيل شحنات الأسلحة خوفًا من غضب العرب.
وأشارت إلى أنه في 22 أكتوبر، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 338، الذي دعا إلى الوقف الفوري للقتال؛ ولكن على الرغم من ذلك، استمرت الأعمال العدائية لعدة أيام بعد ذلك، مما دفع الأمم المتحدة إلى تكرار الدعوة إلى وقف إطلاق النار بموجب القرارين 339 و340، ومع تصاعد الضغوط الدولية، توقفت الحرب أخيرًا في 26 أكتوبر ووقعت إسرائيل على وقف إطلاق النار رسميًا، في الاتفاق مع مصر في 11 نوفمبر ومع سوريا في 31 مايو 1974.
وأكدت دائرة المعارف البريطانية أن الحرب لم يكن لها تأثير فوري على ديناميكيات الصراع العربي الإسرائيلي، لكنها كان لها تأثير كبير على مسار عملية السلام النهائية بين مصر وإسرائيل، والتي بلغت ذروتها بإعادة شبه جزيرة سيناء بأكملها إلى مصر مقابل سلام دائم، حيث أثبتت الحرب أنها مكلفة بالنسبة لإسرائيل ومصر وسوريا، حيث تسببت في خسائر كبيرة وتعطيل أو تدمير كميات كبيرة من المعدات العسكرية.
وتابعت في تقريرها أن الأمور تغيرت كثيرًا في المنطقة بعد هذه الحرب، فلم تتمكن إسرائيل من استعادة تحصيناتها التي بدت عصية على الاختراق على طول قناة السويس والتي دمرتها مصر في السادس من أكتوبر، ما دفع تل أبيب إلى السعي للتوصل إلى تسوية دائمة عن طريق التفاوض للنزاعات المستمرة، ولكن كانت مكاسب مصر في الحرب والاتفاقات أكبر بكثير مما حصلت عليه إسرائيل.
وأضافت أن مصر حصلت على سيناء كاملة وانسحبت القوات الإسرائيلية من كافة الأراضي المصرية، وأرسلت الأمم المتحدة قوات حفظ السلام في المنطقة الحدودية بين البلدين التي تحولت إلى منطقة عازلة، تم استكمال الاتفاقية الإسرائيلية المصرية باتفاق آخر تم توقيعه في 4 سبتمبر 1975، والذي تضمن انسحابًا إضافيًا للقوات وتوسيع المنطقة العازلة التابعة للأمم المتحدة، في 26 مارس 1979، دخلت إسرائيل ومصر التاريخ من خلال التوقيع على اتفاق سلام دائم أدى إلى انسحاب إسرائيل الكامل من شبه جزيرة سيناء وتطبيع العلاقات بين البلدين.