سياسيون ليبيون لـ"الدستور": مواطنونا يعولون على مصر فى تجاوز كارثة "دانيال"
أكد سياسيون وخبراء ليبيون أهمية الدعم الذي قدمته مصر لليبيا لمساعدتها في تجاوز كارثة تداعيات عاصفة "دانيال" التي ضربت البلاد، مخلفة آلاف القتلى والمفقودين والمصابين بخلاف التدمير غير المسبوق لمناطق شرق البلاد خاصة مدينة درنة.
محمد سعد: مصر مدت يد العون والمساعدة لليبيا
بداية، أكد الدكتور محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي الليبي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الفاجعة كانت كبيرة وهاجمت أبناء الشعب الليبي الذي يعيش في المعاناة والإهمال نتيجة حالة الانغلاق السياسي وصراع أطراف اختطفت السلطة دون شرعية، وتمكنت من العبث بأرواح ومقدرات هذا الوطن.
وقال سعد إن أعمال الإنقاذ الجارية تكشف لنا عن حجم مأهول لما حدث، مشيرًا إلى أن أسرًا بكاملها ومدنًا وقرى بأسرها اختفت وألقيت فى عرض البحر دون قدرة على إنقاذها فالضحايا اليوم بالآلاف وغدًا سيكون الرقم صادمًا لكل البشرية.
وأضاف: "حالة العجز من الأجهزة الفاشلة ساهمت دون شك في زيادة أعداد الضحايا، وبقدر ما تمتلكه من موارد تمكنت قواتنا المسلحة بجهد خارق من التدخل ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وبقيت وحيدة في الساعات والأيام الأولى في ميدان الكارثة دون عون".
وبشأن الدعم المصري لليبيا لتجاوز هذه المحنة، أوضح محمد سعد قائلًا: "كما تعودنا وانتظرنا مد الأشقاء وخصوصًا الجارة الشقيقة الكبرى مصر يد العون والمساعدة بكل ما تملك من إمكانات وبتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي وبكل ثقلها والتي ساهمت دون شك في مساندة قواتنا المسلحة في الإنقاذ والإيواء وتقديم الخدمات الإنسانية والطبية".
وأشار إلى أن وصول فرق من الشقيقة دولة الإمارات وتونس وكذلك من تركيا كان له الأثر البالغ في هذا العمل الإنساني الفاجع.
وتابع: "أدركنا منذ الساعات الأولى أن هذه العملية لا يمكن مواجهتها بدولة تعيش حالة من الهشاشة والتفكك، ولهذا اتجهت الأنظار للمساعدات الدولية التي بدأت في الوصول وإن كان ذلك متأخرًا".
وبشأن عمليات إعادة الإعمار لما خلفه إعصار دانيال، أكد محمد سعد أن عمل ما بعد الكارثة حاسم، وتبقى تطلعات أبناء الشعب الليبي متجهة نحو ضرورة التخلص من كل هذه الأجسام الفاشلة واستعادة دولته والسيطرة على موارده لكي تصبح برامج إعادة الأعمار ناجعة.
واختتم تصريحاته قائلًا: "إن كارثة الوطن شكلت منعطفًا سيقود حتمًا لحالة تغيير كنا قد دعونا لها دون جدوى، والآن أصبحت ضرورة لا تحتمل التأجيل".
يوسف الفارسي: المساعدات المصرية إلى ليبيا كبيرة ومهمة
من جهته، قال الأستاذ في العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة درنة الدكتور يوسف الفارسي، لـ"الدستور"، إن المساعدات المصرية إلى ليبيا كبيرة ومهمة ودور مصر محوري في هذه الأزمة، متابعًا: "نشكر القيادة المصرية شعبًا وحكومة في دعم ليبيا لتخفيف المصاب الجلل ودور مصر كان محوريًا وهامًا في عملية إجلاء الضحايا".
وقال الفارسي إن من أبرز وسائل المساعدات المصرية التي وصلت ليبيا حتى الآن المواد الغذائية وفرق الإنقاذ، وهذا دعم كبير واستراتيجي، ويعول الليبيون عليه بالأساس، لأن مصر هي الأقرب لليبيا ويجمعهما المصير المشترك والعروبة والإسلام، وما فعلته مصر يدل على عمق العلاقة بين البلدين.
وتابع: "نريد من المجتمع الدولي أن يدعمنا بإمكانات متقدمة والمساعدة في عملية إخراج الجثث وننتظر محاولة دعم حلحلة المشاكل داخل ليبيا وأن تبادر المنظمات الدولية في تقديم الدعم في هذا الوقت الحرج".
وقال الفارسي إن إعادة الإعمار في المناطق التي ضربتها السيول مسألة مهمة بعد المصاب الجلل، ولا بد أن يتم رصد مخصصات مالية كبيرة وواضحة من صندوق إعادة الأعمار، لأن هناك الكثير من الناس الذين تم تهجيرهم من منازلهم.
حافظ هارون: المساعدات المصرية فعالة وما زالت مستمرة في التدفق
ومن جهته، قال الكاتب والصحفي الليبي حافظ هارون، إن الوضع في درنة مأساوي جدًا، فعدد الضحايا إلى الآن لم يتم تقديم إحصائيات مؤكدة بشأنه، فما زال عدد الضحايا في تزايد كبير جدًا مع استمرار انتشال الضحايا، مؤكدًا أن ربع مدينة درنة هدمت بالكامل ولا يزال انتشال الجثث من البحر مستمرًا ومن تحت المنازل.
وأوضح حافظ هارون أن المساعدات المصرية كانت فعالة وما زالت مستمرة في التدفق على ليبيا لأن الوضح كارثي خاصة في درنة، مشيرًا إلى أنه تم الكشف عن قائمة أسماء الضحايا المصريين الذي تم التعرف عليهم وتم تسليمهم إلى مصر.
محمد الأصفر: مصر السند والعون لليبيا في كل المناسبات
فيما قال الدكتور محمد علي الأصفر، رئيس مجلس الإدارة بالمركز الليبي لحرية الصحافة، إنه لأول مرة ربما في تاريخ ليبيا أن تتعرض لكوارث كبيرة ولهذا فهي تفتقد للخبرة والإمكانات الخاصة لمواجهة مثل هذه الكوارث.
وأوضح الأصفر في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الخسائر انحسرت في العديد من المدن والقرى بشرق ليبيا وخاصة مدن المرج وتوكره والبيضاء والبياضة والحمامة والحنية والمخيلي وسوسة وأكبر الخسائر في مدينة درنة وتعددت بين الخسائر البشرية والحيوانية وانهيار السدود والكباري والطرق وخسائر في الممتلكات العامة والخاصة سيارات ومتاجر ومدارس وفنادق ومنازل وغيرها.
وأكد الأصفر أن ربع مدينة درنة التي يفوق عدد سكانها 210 آلاف انهارت وجرفت في البحر بما فيها من بشر وحجر، إنها كارثة بكل الأوصاف، مشيرًا إلى وفاة وفقدان عشرات الآلاف من الأشخاص من بينهم الكثير من العرب من مصر وفلسطين والسودان وغيرهم من العاملين بالمدن المنكوبة كانوا ضحايا إلى جانب إخوانهم الليبيين في هذه الكارثة.
وبشأن المساعدات المصرية قال: "مصر والحمد لله كانت السند والعون لليبيا في كل المناسبات في الأفراح والأتراح فنحن شعب واحد وإخوة في الدين واللغة والتاريخ والأصل، ولهذا لم تبخل علينا منذ الساعات الأولى فكانت سباقة بمساعداتها بكل ما تملك من إمكانات".
وأوضح الأصفر أن الهلال الأحمر وأجهزة الإنقاذ والطوارئ والإسعاف في ليبيا تنقصها الخبرة والتدريب وبخاصة في انتشال الجثث تحث المباني وفي أعماق مياه البحر، ولهذا يأتي دور إخوانهم المصريين المشهود لهم بالخبرة والقدرة والمهارة وتوفر الإمكانات الحديثة لديهم بتعويض ما ينقص من الخبرات الليبية.
وتابع: "دخل إخواننا الخبراء المصريون وغيرهم من الدول الشقيقة والصديقة مدينة درنة المنكوبة، وبدأوا في انتشال الضحايا وسيكون لهم دور كبير في حمل العبء وتحفيف الآلام، كذلك في المساعدة في توفير أماكن لعلاج الجرحى والمصابين وأيضًا في استقبال المشردين من أهالي درنة وضواحيها".
وأضاف: "بذلك نحيي ونشكر إخواننا المصريين والقيادة المصرية على وقفتها وسرعة تلبيتها لاستغاثة إخواننا الليبيين، وتوفير متطلبات الإنقاذ والتأمين ببناء جسر جوي بين القاهرة وبنغازي والتحرك عبر المنفذ الشرقي بجرافاتهم وسيارات الإسعاف والمئون والأدوية، وهي وقفة لن ينساها الشعب الليبي".
وأوضح الأصفر أنه شاهد العديد من طائرات الشحن المصرية محملة بمئات الأطنان من المساعدات الخاصة بالإنقاذ والطواري والإسعاف تصل مطار بنينة الدولي ببنغازي بشكل متواصل، كما شاهد فرق الإنقاذ المصرية وهي تعمل بكل جد في شوارع درنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأحياء واستخراج الجثث والعالقين بوسط المدينة بجانب رصد عشرات الآليات وسيارات الإسعاف والجرارات والشاحنات وهي تستعد للتحرك عبر الحدود الليبية المصرية للدعم والمساندة والمساهمة في التخفيف عن إخوانهم الليبيين محنتهم.
وأكد الأصفر أن هذه الكارثة محتاجة خبرات وإمكانيات تتعلق بالغواصين والمدربين في البحث عن الجثث تحث الركام، وآليات حديثة متطورة في إزالة الركام والصخور وأجهزة للتصنت والبحث تحت الماء وتطهير المدينة من الأوبئة والأمراض خوفًا من انتشارها وبخاصة مع إطالة المدة ستتحلل جثث الموتى من بشر وحيوانات وستسبب في نقل الأمراض وحتى لا تتحول إلى كارثة إنسانية مسئولية العالم بأسره، ولهذا وجب على منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة أن تدرك حجم هذه الكارثة الإنسانية والبيئية.
وبشأن إعادة الإعمار، أكد الأصفر أن ليبيا لديها الأموال ولهذا خصصت كل حكومة المليارات والملايين لإعادة أعمار المدينة ولكن ما لم تتوحد الدولة ويكون لديها رئيس واحد وحكومة واحدة ويكون لديها خطط استراتيجية قصيرة وطويلة وبرامج محددة لمتابعة الفساد والشفافية ومحاسبة المقصرين ومتابعة التنفيذ، فكلها طموحات وأمانٍ ستذهب مهب الريح وسيغلب عليها الفساد والاختلاسات.
وأكد السياسي الليبي أن ليبيا بالكامل في حاجة إلى إعادة بناء في الطرق والكباري والبنى التحتية للمدن جميعها، وإعادة النظر في السدود وصيانتها، وبالإمكان تحقيق ذلك في دولة نفطية وإمكاناتها الاقتصادية تفوق حاجاتها وحاجة سكانها، نحن في حاجة إلى الحكم الرشيد ودولة القانون والمؤسسات، لدينا أكثر من ستة عقود ونحن نعيش في الأماني والأحلام والأوهام دون تخطيط وبرمجة وتحديد الأهداف.