من كاترينا إلى دانيال.. قصص وحقائق عن كوارث طبيعية هزت العالم
الكوارث الطبيعية هي مصائب تنزل بها الطبيعة على البشرية، بسبب قوى خفية تعمل في باطن الأرض وفوق سطحها، مثل الهزات الأرضية والانفجارات البركانية والعواصف الهوائية والسيول المائية والجفاف الناري. هذه المصائب تخلف وراءها دمارًا وخسارة في الأرواح والممتلكات والبيئة، وتؤثر على مصير الملايين من الناس في شتى بقاع العالم.
يعتبر تغير المناخ أحد الأسباب التي تجعل هذه المصائب أكثر حدة وتواترًا، حيث يؤدي إلى اختلال في نظام المناخ، مثل ارتفاع درجة حرارة الكوكب وزيادة تبخر المياه وانخفاض مستوى الأكسجين وتغير نمط الرياح والمطر.
في السطور التالية، يستعرض "الدستور" بعض الظواهر الجوية والطبيعية التي تحدث نتيجة لتغير المناخ، مثل العواصف والأعاصير والزلازل والبراكين، وأسماء هذه الظواهر وسر تسميتها بهذا الاسم، بالإضافة إلى بعض التدابير التي يمكن اتخاذها للحد من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ، وللتأقلم مع آثاره التي لا يمكن تجنبها.
باحث بيئي: تغير المناخ يصدم العالم بظواهر جديدة لم يشهدها من قبل
من جهته، يقول نيكولاس فيليب، الباحث في التكيف مع تغير المناخ، إن الظواهر الجوية هي حالات الطقس التي تحدث في زمن ومكان محددين، بعض هذه الظواهر لها مواسم معروفة، مثل موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي، والذي يبدأ من يونيو إلى نوفمبر من كل عام، أما بعض الظواهر الأخرى فلا تتبع نمطًا ثابتًا، مثل الزلازل والبراكين، والتي تحدث نتيجة لحركة الصفائح التكتونية في باطن الأرض.
ويستكمل "فيليب" حديثه لـ"الدستور"، موضحًا أن تغير المناخ هو التغير المستمر في المتوسطات والتباينات لخصائص المناخ على مستوى العالم أو المنطقة أو المكان، كما يؤثر على حدوث وشدة وتكرار الظواهر الجوية، حيث يزيد من احتمالية حدوث ظواهر متطرفة، مثل موجات الحر والبرد والجفاف والفيضانات والعواصف.
ويتابع: "يؤدي تغير المناخ أيضًا إلى ظهور ظواهر جديدة لم تشهدها بعض المناطق من قبل، مثل تساقط الأمطار في ذروة صفيحة غرينلاند الجليدية، أو ارتفاع درجة حرارة قرية كندية إلى 50 درجة مئوية، كما أنه يشكل تحديًا كبيرًا للبشرية والبيئة، حيث يهدد الأمن الغذائي والصحي والمائي والإنساني لملايين الأشخاص".
أما عن أسماء العواصف، فيوضح "فيليب" أنها تختلف باختلاف نوعها ومكان حدوثها، فالإعصار هو عبارة عن دوران قوي للهواء حول مركز منخفض جوي، وهذا الاسم يستخدم للعواصف التي تحدث في المحيط الأطلسي والشمالي الشرقي للمحيط الهادئ، أما في المحيط الهادئ الغربي والمحيط الهندي وخليج البنغال فتسمى بالإعصار.
ويستطرد: "توجد عواصف أخرى مثل الإعصار المداري، وهو عبارة عن دوران ضعيف للهواء حول مركز منخفض جوي، والتورنادو، وهو عبارة عن دوران قوي جدًا للهواء في شكل قمع من السحاب إلى سطح الأرض".
بالنسبة للشرق الأوسط ومصر، يقول: "هذه المنطقة ليست عادة معرضة لحدوث أعاصير، حيث تقع خارج المنطقة المدارية التي تشكل فيها هذه الظواهر، ولكن مؤخرًا بدأت تتأثر هذه المنطقة ببعض التأثيرات الجانبية لهذه الظواهر، مثل انخفاض درجة حرارة الجو أو زيادة سرعة الرياح أو هطول بعض الأمطار، كما حدث في ليبيا قبل أيام قليلة من تعرضها لإعصار دانيال الشديد".
وفي الختام، ينوّه الباحث البيئي، إلى أنه يجب على الدول اتخاذ تدابير فورية وحاسمة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، وكذلك للتكيف مع آثار تغير المناخ التي لا يمكن تجنبها، كما يجب على الدول التعاون على المستويين الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات المشتركة وزيادة قدرة التحمل.
سر تسمية الظواهر الطبيعية التي ظهرت في السنوات الماضية:
- تشمل قائمة الأعاصير للعام 2017 عدة أسماء من بينها "بريت"، "أوفيليا" و"فيليب"، والتى من المقرر إعادة استخدامها مرة أخرى العام 2024، باستثناء الأعاصير المدمرة التى سيتم حذف أسمائها تمامًا من القائمة، ومنها إعصار "كاترينا" و"ساندى" و"جواكين" و"أيرين".
- ظاهرة النينيو القوية، وهي زيادة في درجة حرارة سطح المحيط الهادئ في المنطقة الاستوائية، مما يؤثر على الطقس والمناخ في أنحاء العالم. وسميت هذه الظاهرة بالنينيو، وهي كلمة إسبانية تعني"الصبي"، لأنها تحدث عادة حول عيد الميلاد، وهو موعد احتفال الكاثوليك بميلاد المسيح.
- عاصفة كاترينا، وهي إعصار مدمر من الفئة الخامسة ضرب الساحل الجنوبي للولايات المتحدة في عام 2005، وأدى إلى مقتل أكثر من 1800 شخص وتشريد ملايين الآخرين وتسبب في أضرار بلغت 125 مليار دولار. وسميت هذه العاصفة باسم كاترينا، وهو اسم شخصي مأخوذ من قائمة محددة تضم أسماء نساء ورجال بالتناوب.
- عاصفة ساندي، وهي عاصفة استوائية ضخمة ضربت الكاريبي والولايات المتحدة وكندا في عام 2012، وأدت إلى مقتل 233 شخصًا وإصابة آلاف آخرين وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين المنازل والأعمال. وسميت هذه العاصفة باسم ساندي، وهو اسم شخصي مأخوذ من قائمة محددة تضم أسماء نساء ورجال بالتناوب.
- عاصفة هبة، وهي عاصفة شديدة ضربت مصر في عام 2020، وأثارت سخرية واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب اسمها. وسميت هذه العاصفة باسم هبة، وهو اسم شخصي يعني"هدية" أو "نعمة".
خبير بيئي: دول الشرق الأوسط تحديدًا معرضة للمزيد من العواصف الترابية
وفي السياق، يقول يحيى عبدالجليل، الخبير في المجال البيئي والتغيرات المناخية، إن سر تسمية الأعاصير بأسماء مختلفة يتم على أساس اختيار منظمات متخصصة في كل منطقة، تستخدم هذه الأسماء لتسهيل التواصل والتنبؤ والتحذير من هذه الظواهر، وتستخدم بعض المناطق أسماء شخصية مأخوذة من قوائم محددة، مثل أسماء الأعاصير في المحيط الأطلسي، أما بعض المناطق الأخرى فتستخدم أسماء تعبر عن خصائص أو معانٍ مرتبطة بالظاهرة، مثل أسماء الأعاصير في المحيط الهادئ الغربي.
ويوضح "عبدالجليل" في حديثه لـ"الدستور"، أن دول الشرق الأوسط تحديدًا معرضة للمزيد من العواصف الترابية والرملية في المستقبل، بسبب تغير المناخ وسوء إدارة الأراضي والموارد الطبيعية، كما أن هذه العواصف تؤثر سلبًا على الصحة والبيئة والاقتصاد والأمن في المنطقة.
وللحماية من هذه العواصف، يؤكد الخبير البيئي، أنه يجب على الدول اتخاذ تدابير على مستويات مختلفة، مثل تعزيز قدرات الأرصاد الجوية والتنبؤات المناخية وأنظمة الإنذار المبكر والمعلومات المناخية لتحسين التحذير والاستجابة للظواهر المناخية، فضلًا عن تطوير وتطبيق خطط وسياسات واستراتيجيات للتكيف مع تغير المناخ، بما يشمل تحديد القطاعات والمجتمعات الأكثر تأثرًا وضعفًا، وتحديد الحلول الملائمة.
ويضيف: "يجب أيضًا زيادة الاستثمار في البنية التحتية المقاومة للظواهر المناخية، مثل بناء السدود والجدران والقنوات للحماية من الفيضانات، أو استخدام مواد بناء مقاومة للحرارة والرطوبة، أو تطبيق معايير جودة عالية للطرق والجسور، بالإضافة إلى تعزيز إدارة الموارد الطبيعية وحماية التنوع البيولوجي، مثل زراعة الأشجار وحماية غابات المانغروف والشعاب المرجانية، أو استخدام أساليب زراعية مستدامة وفعالة، أو إدارة الرصيد السمكي بشكل مسئول".
ويشير "عبدالجليل" إلى الأساليب التي تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، التي تسبب الاحتباس الحراري وتغير المناخ، ومنها ترشيد استهلاك الطاقة، خاصة الطاقة المستمدة من الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز والبترول، والتي تنتج ثاني أكسيدالكربون عند حرقها، فيمكن ترشيد استهلاك الطاقة بتبديل المصابيح المتوهجة بمصابيح LED، وعزل المنازل للحفاظ على الحرارة، وضبط درجة حرارة المكيفات والمدافئ واستخدام أجهزة كهربائية فعالة.
ويستطرد: "من الضروري أيضًا توليد الكهرباء بدون انبعاثات، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والماء والحرارة الأرضية، والتي لا تنتج غازات دفيئة عند تشغيلها، كما يمكن استخدام الطاقة النووية التي لا تنتج غازات دفيئة، لكنها تنتج نفايات مشعة تحتاج إلى معالجة خاصة".
ويستكمل: "يجب تعديل أساليب الزراعة، من خلال تقليل استخدام الأسمدة الكيميائية ومبيدات الآفات التي تسبب انبعاث أكسيد النيتروز، كما يمكن زراعة المحاصيل التي تثبت النيتروجين في التربة مثل الفول والعدس، أو استخدام مثبطات للحد من انبعاث أكسيد النيتروز، كما يمكن زراعة المزيد من الأشجار والخضروات لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء".
التغيرات المناخية تزيد من فرص ظهور النوات الشتوية
في مصر، يعاني الشمال من ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستوى سطح البحر، مما يؤدي إلى زيادة احتباس الحرارة في المنطقة، وإلى تدهور جودة المياه والأراضي الزراعية.
ففي فصل الشتاء، تتعرض مصر للأمطار الغزيرة والرياح الشديدة والبرودة في الجو وانخفاض درجة الحرارة، مما يؤثر على حياة المواطنين. أول نوة تصدى هي نوة رأس السنة، التي تبدأ في شهر يناير من كل عام، تحمل هذه النوة اسمًا معبرًا عن تماشيها مع رأس السنة الميلادية، وهي شديدة الأمطار وتستمر على مدار 6 أيام، وتتأثر بها مطروح والإسكندرية.
وينوّه الخبير في مجال البيئة، إلى أن التغيرات المناخية تؤدي إلى زيادة عدد النوات الشتوية في مصر، خاصة في مناطق التجارة أو التجمع أو التخزين. هذه النوات قد تكون مفيدة لإنتاج المحاصيل الزراعية أو لإضافة قيمة للبضائع المستوردة.
وفي الختام، يقول "عبدالجليل" إن هذه التغيرات قد تكون سلبية أيضًا، لأنها تؤثر على صحة المواطنين وعلى الطبيعة بشكل خاص، فالرياح المحملة بالأتربة تسبب اضطرابات في الجهاز التنفسي أو في جهاز المعدة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.